يتأهب متعاملو النفط الآسيويون لجولة أخرى من تراجعات الأسعار الكبيرة غدا الاثنين لخامي برنت ودبي الرئيسيين بعد أن خفضت السعودية، أكبر مُصدر في العالم، الأسعار، لتعيد إشعال معركة حصص السوق بين كبار المنتجين.
كانت حرب الحصص السوقية السابقة بين أكبر منتجي العالم، مثل السعودية وروسيا ومنتجي الشرق الآوسط، اندلعت بين 2014 و2016 حين حاولوا تضييق الخناق على إنتاج النفط الصخري من الولايات المتحدة عن طريق خفض الأسعار وتوفير المزيد من الإمدادات إلى آسيا.
انتهت تلك المعركة عندما أبرمت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وروسيا اتفاقا لتقليص الإنتاج.
وانهارت تلك الهدنة يوم الجمعة عندما فشلت أوبك بقيادة السعودية في التوصل إلى اتفاق مع روسيا، ثاني أكبر منتج للنفط في العالم، لتعميق خفض الإنتاج بهدف رفع الأسعار.
وانخفض سعر خام القياس العالمي برنت أكثر من 9% يوم الجمعة إلى 45.27 دولار للبرميل، وهي أكبر خسارة في يوم واحد خلال 11 عاما.
وفي ساعة متأخرة من مساء أمس السبت، خفضت المملكة سعر البيع الرسمي لشحنات أبريل نيسان من جميع خاماتها إلى شتى الوجهات، وتعتزم السعودية زيادة إنتاجها في الشهر ذاته إلى أكثر من عشرة ملايين برميل يوميا للمرة الأولى منذ مايو 2019.
ودارت التخفيضات لآسيا، التي تعد سوق نمو رئيسية، بين أربعة وستة دولارات للبرميل، وهو على الأرجح أكبر انخفاض في الأسعار على الإطلاق وثلاثة أمثال التوقعات التي كانت لخفض بمقدار دولارين للبرميل للخام العربي الخفيف.
وقال تيلاك دوشي، من معهد الشرق الأوسط في جامعة سنغافورة الوطنية، "يبدو الأمر بمنزلة صدمة سعودية شاملة واستراتيجية ترهيب بهدف زيادة الكميات السعودية والتنافس مع النفط الروسي في فنائهما الخلفي بأوروبا وآسيا".
وأضاف دوشي، الذي عمل سابقا لدى أرامكو السعودية، "قد يكون هذا أسوأ من النصف الثاني من 2014، وقد تختبر الأسعار 30 دولارا أو حتى 20 دولارا في ضوء صدمة الطلب المتزامنة مع تأثير فيروس كورونا على النشاط الاقتصادي".
وقال متعامل لدى شركة تكرير بشمال آسيا إن تخفيضات الأسعار "المجنونة" يمكن أن تقود برنت إلى مستوى 40 دولارا للبرميل قريبا.
وقال متعاملون ومحللون في آسيا إن التراجع في تكاليف الخام سيدعم على الأرجح هوامش شركات التكرير الآسيوية التي تضررت جراء انخفاض الطلب من تفشي فيروس كورونا.
وقال أحد المصادر "إنها أخبار سارة لشركات التكرير والمستهلكين".
وصار بمقدور المشترين الآسيويين المفاضلة بين الخيارات بعد أن فُتحت أمامهم نوافذ المراجحة للنفط من أوروبا وإفريقيا والأمريكتين عقب تقلص العلاوة السعرية لخام برنت فوق دبي بحدة وانخفاض أسعار استئجار الناقلات عن مستويات الذروة المسجلة لها في يناير كانون الثاني.
وقال دوشي "من غير الواضح كيف سيرد منتجو النفط الصخري الأمريكيون نظرا للحجم الكبير الذي محل خيارات بيع ولأن كبار المنتجين مثل إكسون موبيل وشل جيوبهم عميقة وبالتالي ليسوا مضطرين إلى الرد بشكل فوري عن طريق خفض الإنتاج."
وقال المتعاملون إن من المتوقع أيضا أن تنخفض الأسعار الفورية بدرجة أكبر من الأسعار الآجلة، مما سيشجع على تخزين النفط.
كانت المرة السابقة التي يحدث فيها هذا الوضع - تراجع السعر الفوري عن الآجل - في 2014 و2015 وجرى حينئذ تخزين ملايين البراميل من النفط على متن السفن والناقلات في أنحاء آسيا وأوروبا وإفريقيا.