هل يغلق العالم حدوده، ويوقف السفر والسياحة والتجارة فى حالة استمرار زحف فيروس كورونا؟ السؤال مطروح والإجابات عليه متضاربة، مثل تضارب الأنباء والتقارير والمعلومات حول الفيروس. ومع تصاعد تهديدات كورونا واتساع دوائر الإصابات، تزايدت الأصوات التى تطالب بإغلاق المدارس ووقف السفر والسياحة. وهى خطوات أقدمت على بعضها الدول التى ارتفعت فيها نسب الإصابة. وظهر أن أغلب الإصابات فى الدول خارج أحزمة الإصابات الكبيرة تتعلق بالفعل بمسافرين وسياح حملوا الفيروس من دون أن تظهر عليهم الأعراض ثم نقلوه لغيرهم من خلال الاحتكاك أو الملامسة.
وفى مصر فإن كل الحالات الحاملة والإيجابية هى إما لأجانب سياح أو لمصريين خالطوهم، ومن هنا ترتفع أصوات كثيرة تطالب بوقف السياحة على الأقل من الدول التى تتزايد فيها نسب الإصابة. وإذا كان إغلاق المدارس والشركات قرارا محليا فإن وقف السياحة يرتبط بقرارات عالمية أكثر منها محلية، نظرا لوجود عقود وارتباطات بمئات المليارات ضمن نشاط يعتمد عليه ملايين البشر فى العالم، وقد تعرض هذا القطاع إلى هزات كبيرة بسبب فيروس كورونا، وبلغت خسائر قطاع السياحة عالميا بـ12 مليار دولار خلال الأسبوعين الماضيين، ويتوقع أن تصل خسائر السياحة إلى 80 مليارا وربما أكثر بسبب فيروس كورونا.
وبالرغم من مخاوف كورونا فإن الكثير من الأوربيين يرفضون إلغاء حجوزاتهم، ويفضلون استكمال رحلاتهم، وهو ما كشفته استطلاعات رأى فى بعض الدول الأوربية، وفى ألمانيا أكدت 70% من عينة الاستطلاع أنهم يفضلون استكمال رحلاتهم، بالرغم من الفيروس. وتبقى فكرة إغلاق الحدود ووقف السفر صعبة التنفيذ، لوجود حركة تجارة عالمية كبيرة تعتمد فى أغلبها على الصين أو الدول الأخرى التى تواجه انتشار كورونا.
وحتى فيما يتعلق بالمواد والأدوات الوقائية أو خامات الأدوية فإن الصين لها نصيب كبير فى هذه الصناعات، ومعها دول مثل كوريا الجنوبية أو تايوان وباقى دول آسيا التى تواجه خطر كورونا، وبالتالى فإن خيار الإغلاق الكلى للحدود ومنع السفر يبدو مستحيلا، لوجود ضرورات تفرض استمرار السفر، خاصة بعد ظهور تقارير وتصريحات من منظمة الصحة تشير إلى احتمالات ألا ينحسر كورونا فى الصيف، مثلما يحدث مع فيروسات الأنفلونزا الموسمية أو الطيور والخنازير، مما يجعل إغلاق الحدود أو تعطيل المؤسسات يؤدى لخسائر ضخمة. وتتطلب استعدادات قبل الإقدام عليها.
ولعل هذا هو ما دفع بعض الخبراء لإعلان آراء تتعارض مع خيار إغلاق الحدود، خاصة بعد انتشار الفيروس فى قارات العالم، وربما يكون الحل هو التعاون العلمى دوليا للتوصل إلى أمصال أو علاجات يمكنها وقف زحف الفيروس بالشكل الوبائى، وهناك سباق بين شركات اللقاح والأمصال للتوصل إلى اللقاح أولا وتحقيق أرباح.
واللافت فى كل هذا، هو حجم التضارب فى التقارير والمعلومات التى تصدر عن مراكز علمية، أو مسؤولى منظمة الصحة، والتى تتعلق باستمرار الفيروس فى الصيف أو تراجعه وانحساره، وأيضا قرب التوصل إلى لقاح أو علاج للفيروس، الذى يختلف عن أنواع سابقة من الفيروسات المرعبة مثل أنفلونزا الطيور والخنازير وسارس. ويظل التضارب مع الرعب سيد الموقف مع كورونا. فضلا عن أن استمراره بهذا الشكل سيغير الكثير من أنماط البشر.