وإذا الطبيبة سئلت.. بأى ذنب من القبر حرمت؟.. ميكروفون المسجد.. المتهم رقم 1 فى جريمة "شبرا البهو" والمتطرفون يستخدمونه فى ضخ الكراهية وإفشاء التعصب والحشد.. والحل تجريم استخدام مكبر الجوامع فى غير الآذان

الأحد، 12 أبريل 2020 06:00 م
وإذا الطبيبة سئلت.. بأى ذنب من القبر حرمت؟.. ميكروفون المسجد.. المتهم رقم 1 فى جريمة "شبرا البهو" والمتطرفون يستخدمونه فى ضخ الكراهية وإفشاء التعصب والحشد.. والحل تجريم استخدام مكبر الجوامع فى غير الآذان شبرا البهو
وائل السمرى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

قد يكون من المقبول أن نرى أحدهم يفتئت على حق أحدهم فى المأكل أو الملبس أو المأوى، فالأطماع البشرية لا حد لها، والإنسان هو الكائن الوحيد الذى لا تستطيع أن تتوقع أفعاله، لكن تلك هى المرة الأولى التى نرى فيها محاولة مجرمة من بعض المواطنين "العاديين" لحرمان إنسانة من حقها الطبيعى فى "القبر" ولا أعرف كيف فكر أهالى قرية "شبرا البهو" فى حرمان الطبيبة "الشهيدة" سونيا عبد العظيم من مأواها الأخير، فللسيدات فى أعرافنا "حرمة" وللموتى فى أخلاقنا "حرمة" وللكارثة فى أدياننا "حرمة" فكيف انتهك أهالى قرية شبرا البهو كل هذه الحرمات وحاولوا منع الطبيبة المسكينة من مدفنها، متسببين لعائلتها المكلومة فى مزيد من الحزن والكمد؟

 

تلك القضية غريبة عن إنسانيتنا، غريبة عن أخلاقنا، غريبة عن أدياننا، فالمؤمنون من شعب مصر يوقرون الموت، ويحترمونه، وتعلمنا ونحن صغارا أن نقف مجبرين إذا ما مرت جنازة أمامنا حتى وإن كنا لا نعرف الميت أو المشيعين، نقف لأننا نحترم الموت، لكن ما حدث –بكل أسف- خالف كل ما هو متعارف عليه فى ثقافتنا ما يدل على أن هناك موارد أخرى للثقافة تنمو فى تلك القرى، عبر وسائل إعلام غير خاضعة للرقابة الأخلاقية أو القانونية.

 

وللأسف فإن وسائل الإعلام تلك ارتبطت بمقدساتنا بشكل عشوائى، فصارت عاملا من عوامل تشويه هذه المقدسات، وكأننا فى احتياج لشيء آخر لنلوث به ديننا، ولم يكفينا الإرهاب الذى التصق به، ولم يكفينا التعصب الذى صار مقرونا به، ولم يكفنا الجهل الذى نعانى منه.

 

أهالى القرية "قرية شبرا البهو" قالوا أن الطبيبة سونيا عبد العظيم أصيبت بفيروس كورونا ثم أقامت بالحجر الصحى فى محافظة الإسماعيلية، ثم توفت فقرر زوجها الدكتور محمد الهنداوى دفنها فى بلده ومسقط رأسه بقرية شبرا البهو كأى رجل يريد أن يوارى زوجته التراب، لكن بعض الجهلاء وعديمى الوعى –بحسب قول الأهالى المنشور فى اليوم السابع - استخدموا ميكرفونات المسجد لتحريض الناس على الخروج لمنع دفنها فى مقابر القرية، وللأسف مقيمى الشعائر فتحو المسجد ونادوا فى الميكروفون رغم أن هذا الوقت لم يكن مخصصا للصلاة" وبالفعل خرج الناس على مداخل القرية وتجمعوا وتجمهروا لمنع الدفن، ووصل الأمر إلى أن قنوات الامن حضرت وتفاوضت مع الناس لكنهم أصروا على موقفهم فاضطرت القوات لتفريقهم وإلقاء القبض على بعض مثيرى الشغب".

هذا ما حدث فى تلك الواقعة السوداء، فقد تحكم الجهل وحكم، وصار سماع صوت العنف والغوغائية أقرب إلى القلوب من سماع صوت التعقل والتراحم، تنازلنا عن موروث "اذكروا محاسن موتاكم" وتنازلنا عن موروث "إكرام الميت دفنه" وتنازلنا عن موروث "للموت حرمه" وحل محل تلك الموروثات الراقية مستحدثات أخرى ترسخ الحقد والكره والجهل والعشوائية والفوضاوية، مع العلم أن جميع أهالى القرية يشهدون لزوج الطبيبة بأنه "أكثر الناس الخيرين فى البلد" وأنه "كان دائم التبرع للمشروعات والجمعيات الخيرية فى اى وقت سواء طلب منه أو لم يطلب" وأنه ابن شبرا البهو البار بأهلها" بل أن النائب فوزى فتى قال فى نصريحه لليوم السابع أنه السيدة سونيا عبد العظيم كانت فاضلة وأنه كان يعرفها شخصيًا منذ 30 عام وإن زوجها صاحب خير كثير"

لم يشفع للطبيبة سيرتها الحسنة، ولم يشفع لزوجها حبه الدائم للخير وسرعة استجابته لمساعدة المحتاج، والذى شفع فحسب هى القنابل المسيلة للدموع، وهنا يحق لنا أن نتساءل: كيف تترك وسيلة إعلامية غاية فى الخطورة فى مثل هذه الأيادى السوداء؟ وكيف نترك بيوت الله لكل من هب ودب ليعتلى منابرها ويؤجج النيران عبرها؟

هذه ليست المرة الأولى التى يتم استخدام مساجد الله لإفشاء التعصب والكراهية والعنف، ونتذكر جميعا كيف استخدمت جماعة الإخوان المسلمين ومن قبلهم السلفيون تلك المنابر للحشد ضد الدولة والتحريض على العنف وسفك الدماء، وكيف انطلقت من تلك الميكروفونات دعوات حرق مصر، وموجات المجرمين الذين اعتدوا على أقسام الشرطة وقطعوا المرافق العامة ليتمكنوا من شل مصر نهائيا، ونتذكر أيضا كيف تم استخدام هذه المكبرات فى للحشد فى الانتخابات من أجل ترجيح كفة مرشح الإخوان أو السلفيين، وكأن هذه الجماعات المنحرفة تقول للجميع: فلتفعل الدولة ما تريد وليفعل أهل الرأى والعلم والتبصر ما يريدون فى وسائل إعلامهم، فلنا وسيلة إعلام اخرى أكثر فتكا وأشد تأثيرا.

الحل هنا من وجهة نظرى هو إصدار قانون يجرم استخدام مكبرات صوت المساجد فى غير الأغراض المتعارف عليها دينيا، وقد أصدرت مصر من قبل قانونا يجرم إهانة علم مصر حينما دنسه الإخوان والسلفيون فى الميادين، وأرى أن إصدار هذا القانون يعتبر أولوية قصوى أن كنا نريد الإصلاح، فمن غير المعقول أن نترك السلاح الأكثر فتكا فى اليد الأكثر جهلا.

 

 

 

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة