موضوع دخول المسلمين جميعا الجنة حتى لو ارتكبوا الكبائر واحدة من الجمل الخطيرة فى التراث الإسلامي، وتأتى خطورتها لأننا لا نجد فيها رأيا واحدا، بل فيها خطابان مهمان سنتعرف عليهما.
الجنة والنار من أسس العقيدة الإسلامية ويأتى ذلك اعتمادا على حديث رواه الإمام مسلم فى صحيحه يقول، عن جابر رضى الله عنه قال: أتى النبى صلى الله عليه وسلم رجل، فقال يا رسول الله: ما الموجبتان؟
فقال: من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة، ومن مات يشرك بالله شيئا دخل النار".
وقد قال الإمام النووى، أما قوله: ما الموجبتان؟ فمعناه الخصلة الموجبة للجنة والخصلة الموجبة للنار".
فقد بين هذا الحديث أن الذى يوجب للعبد أن يدخل الجنة، هو موته على التوحيد، والذى يوجب له الخلود فى النار: هو موته على الشرك.
وفى أن المسلمين جميعا سيدخلون الجنة يقول الشيخ ابن باز فى (فتاوى نور على الدرب) من مات على التوحيد لا يشرك بالله شيئا فإنه من أهل الجنة وإن زنى وإن سرق، وهكذا لو فعل معاصى أخرى كالعقوق والربا وشهادة الزور ونحو ذلك، فإن العاصى تحت مشيئة الله، إن شاء ربنا غفر له، وإن شاء عذبه على قدر معاصيه إذا مات غير تائب، ولو دخل النار وعذب فيها فإنه لا يخلد، بل سوف يخرج منها إلى الجنة بعد التطهير والتمحيص".
رأى المعتزلة
بينما ذهب أهل المعتزلة إلى أن الوعيد بالخلود فى النار عام فى الكفار وجميع فساق أهل الصلوة، وأجمعوا على أنه أنه لا يخرج من النار أحد دخلها للعذاب.ومن الأمور المهمة المرتبطة بهذه المسألة "الشفاعة":
والشفاعة يوم القيامة الناس فيها على ثلاثة أقسام:
قوم غلوا فى إثباتها حتى طلبوها من الأموات ومن القبور ومن الأصنام والأشجار والأحجار، وطائفة غلت فى نفى الشفاعة كالمعتزلة والخوارج، فإنهم نفوا الشفاعة فى أهل الكبائر، والبعض توسطوا فأثبتوا الشفاعة غير إفراط ولا تفريط.
ويذهب التشريع الإسلامى إلى أن الكافر فإنه لا تنفعه الشفاعة فالشفاعة فى القرآن شفاعتان، شفاعة منفية وهى التى انتفت شروطها، وشفاعة مثبتة وهى التى تحققت شروطها.
وقد منحت الشفاعة للنبى صلى الله عليه وسلم وهى أنواع:
أولها: شفاعته عليه الصلاة والسلام فى أهل الموقف إذا طال الموقف يوم القيامة، واشتد الكرب، واشتد الزحام، ودنت الشمس من الرؤوس، وحصل الكرب العظيم، أهل المحشر يريدون من يشفع لهم لفصل القضاء بينهم وصرفهم من هذا الموقف: إما إلى جنة وإما إلى نار.
الشفاعة الثانية: الخاصة بالنبى صلى الله عليه وسلم: شفاعته فى أهل الجنة أن يدخلوا الجنة فأول من يستفتح باب الجنة هو محمد صلى الله عليه وسلم، وهو أول من يدخلها، وأول من يدخلها من الأمم أمته عليه الصلاة والسلام.
الشفاعة الثالثة: الخاصة بالنبى صلى الله عليه وسلم : شفاعته لأهل الجنة بأن يرفع الله منازلهم ودرجاتهم، فيشفع فى أناس فى أن يرفع الله درجاتهم فى الجنة، فيرفعهم الله بشفاعته عليه الصلاة والسلام.
الشفاعة الرابعة: -وهى مشتركة- الشفاعة فى أهل الكبائر من المؤمنين فيمن استحق دخول النار أن لا يدخلها، وفى من دخلها أن يخرج منها، وهذه هى محط الخلاف بين الفرق، فالجهمية والخوارج وأضرابهم أنكروها وقالوا: من دخل النار لا يخرج منها، وأهل السنة والجماعة أثبتوها واعتقدوها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة