تتكاتف جهود العالم كله فى الآونة الأخيرة حكومات ورجال أعمال ومؤسسات خيرية، من أجل المرور بأقل خسائر فى ظل أزمة فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19"، خاصة بعد الأضرار الاقتصادية التى ألحقها الإغلاق الجزئى أو الكامل فى كثير من البلدان للحد من نمو الفيروس التاجى، والتى طالت بدورها الدول والمؤسسات، إضافة إلى العاملين سواء كانوا عمالة منتظمة أو غير منتظمة.
وفى إطار الإجراءات الوقائية اجتماعيًا، لدعم الأسر الأكثر تضررًا جراء الإغلاق بسبب تفشى الفيروس التاجى، يتم حث أثرياء العالم على التبرع بشكل عاجل بمبالغ كبيرة من ثرواتهم لدعم الجهود العالمية للتصدى لوباء الفيروس التاجى، ومساعدة الملايين من الناس فى جميع أنحاء العالم الذين تعرضت حياتهم لأزمة بسبب Covid-19.
وقد خصص بعض المليارديرات تبرعات بمن فيهم مؤسس شركة مايكروسوفت بيل جيتس، والمؤسس المشارك فى تويتر جاك دورسى، حيث خصصوا مبالغ ضخمة من أموالهم لتمويل حلول للأزمة، لكن هناك أعضاء آخرين من النخبة الثرية تعرضوا لانتقادات بسبب تعهدهم بجزء ضئيل فقط من ثرواتهم لمواجهة أسوأ حالة طوارئ صحية عالمية من أى وقت مضى، والتى من المتوقع أن تؤدى إلى أزمة اقتصادية على نطاق الكساد الكبير فى الثلاثينيات.
ومن بين هؤلاء الأثرياء الذين تعرضوا لانتقادات واسعة رغم تبرعهم بأموال ضخمة للمساعدة فى مواجهة تداعيات الأزمة الحالية، جيف بيزوس، مؤسس أمازون وأغنى شخص فى العالم، الذى تبرع بمبلغ 100 مليون دولار (80 مليون جنيه استرلينى) لمؤسسة التغذية الأمريكية الخيرية، وقالت المؤسسة الخيرية، التى تدير شبكة من حوالى 200 بنك طعام، إن تبرع بيزوس كان أكبر تبرع حصلت عليه على الإطلاق، لافته إلى أنه "ستتغير حياة عدد لا يحصى بسبب كرمه".
كما تضخ أمازون أيضًا 25 مليون دولار فى "صندوق أمازون للإغاثة" لدعم سائقى التوصيل و"الموظفين الموسميين الذين يعانون من ضائقة مالية"، ومع ذلك، أشار النقاد إلى أن تبرع بيزوس 100 مليون دولار للجمهور يمثل أقل من 0.1% من ثروته المقدرة بـ 123 مليار دولار، وذلك وفقًا لتقرير نشرته صحيفة "الجارديان" البريطانية.
ومن جهتها، قالت فران بيرين، ابنة أحد أثرياء بريطانيا اللورد سينسبرى، إن "الوقت قد حان الآن لأصحاب المليارات مثل بيزوس لبدء رد الجميل للمجتمع بأكبر طريقة ممكنة"، ووجهت بيرين، حديثها للأشخاص الأثرياء الآخرين: "لماذا لا تريد أن تعطى المزيد؟.. أعتقد أن الأشخاص الذين فى وضع يمكنهم من ذلك، يجب أن يقدموا أكبر قدر ممكن.. أعتقد أن هذا أمر معقول للغاية".
وتعهدت بيرين، التى التزمت بالتنازل عن كل ثروة Sainsbury التى ورثتها، هذا الأسبوع، بتقديم 2.5 مليون جنيه استرلينى لتمويل الطوارئ لمساعدة الأشخاص الذين يعانون من التداعيات الاقتصادية للحظر، كما تم توفير الأموال الإضافية من خلال جمعية Indigo Trust الخيرية، التى تبرعت لها "بيرين" بالفعل بمبلغ قيمته 10 ملايين جنيه إسترلينى.
وأضافت بيرين: "نحن الآن فى حالة طوارئ وطنية يتعين على المؤسسات الخيرية والأثرياء الاستجابة لها على الفور والقيام بدورها.. هناك حاجة هائلة وضخمة للتمويل لدعم الناس وسوف ينمو الطلب فقط.. إنها عاصفة مثالية".
من جهته، قال Luke Hildyard، الذى يقوم بحملات ضد الأجر المفرط للمديرين التنفيذيين فى مركز الأجور المرتفعة، إنه "يجب الترحيب بجميع التبرعات"، وأضاف: "المنح الفردية السخية جدًا يمكن أن تحجب حقيقة أن العطاء الخيرى للناس الأثرياء فى مجمله ضئيل جدًا.. فى الواقع، تظهر الدراسات أن الفقراء يتبرعون أكثر من الأغنياء، كنسبة من دخلهم".
وقالت بيرين، إنها "تود إخبار المليارديرات المترددين بأن المساعدة فى حل مشاكل العالم يمكن أن تكون التحدى الأكثر مكافأة الذى واجهته على الإطلاق"، وتابعت أن رسالتها ستكون: "لديك مجموعة مهارات حققت كل هذه الأموال.. تخيل الآن ما يمكنك فعله إذا حولت تلك المهارات إلى حل مشاكل العالم.. قد تكون هذه أكبر مساهمة يمكنك تقديمها للعالم.. امنح نفسك هدية أن تعرف أنك فعلت كل ما بوسعك".
فيما، قال تقرير "الجارديان"، "لقد تعهدت مؤسسة بيل وميليندا جيتس بتقديم 100 مليون دولار على الفور للكشف والعزل وتطوير اللقاحات، وقال جيتس، إنه مستعد لإنفاق المليارات على المدى الطويل لتطوير وإنتاج لقاح.. كما قال فى "ذى ديلى شو": "سنكلف بضعة مليارات من الدولارات على التصنيع للبنى التى لا يتم انتقاؤها لأن شيئًا آخر أفضل.. لكن بضعة مليارات فى هذا الوضع الذى نحن فيه، حيث هناك تريليونات من الدولارات.. تُفقد اقتصاديا، الأمر يستحق ذلك".
كما تعهد جاك دورسى بالتبرع بمليار دولار (800 مليون جنيه إسترليني) لتمويل أبحاث الفيروسات التاجية للمساعدة فى "نزع سلاح هذا الوباء"، وتقوم شركة Dorsey، التى شاركت فى تأسيس Twitter فى عام 2006 وتوجهت إلى تأسيس شركة المدفوعات Square، بالتبرع بمبلغ مليار دولار من أسهم Square إلى صندوق خيرى، يسمى Start Small، "لتمويل الإغاثة العالمية Covid-19"، وقال إن "التبرع كان حوالى "2% من ثروتى".
كذلك التزم مارك زوكربيرج مؤسس فيسبوك، بمبلغ 30 مليون دولار لمؤسسة جيتس ومشروع البحث المشترك لـ Wellcome Trust ، Covid-19 Therapeutics Accelerator، وتقدر ثروة زوكربيرج بنحو 67 مليار دولار.
فيما تعهد جاك ما، أغنى شخص فى الصين، بتقديم 100 مليون يوان (14.5 مليون دولار) "لدعم تطوير لقاح ضد فيروسات كورونا"، ويملك ما ثروة تقدر بنحو 44 مليار دولار، فيما تبرع هانز روسينج، حفيد مؤسس Tetra Pak السويدى، بمبلغ 16.5 مليون جنيه استرلينى للمؤسسات الخيرية والمجموعات الأخرى التى تدعم NHS.
وتعهد أيضًا جورج سوروس، مدير صندوق التحوط السابق والملياردير السابق والمتبرع، بتقديم مليونى يورو لدعم "حالة الطوارئ غير المسبوقة" فى ميلانو وموطنه المجر، وقال سوروس فى بيان "لقد ولدت فى بودابست، وسط الكساد الكبير.. وعشت خلال الحرب العالمية الثانية، وحكم صليب السهم، والحصار فى المدينة.. أتذكر كيف يكون العيش فى ظروف قاسية".
أيضًا تبرعت مادونا بمليون دولار لمؤسسة بيل وميليندا جيتس للمساعدة فى إنشاء لقاح، فيما تعهد جورج وأمل كلونى بمبلغ مليون دولار (803 ألف جنيه إسترلينى) لـ6 جهات معنية بمواجهة فيروس كورونا بما فى ذلك NHS والجمعيات الخيرية فى منطقة لومباردى فى إيطاليا وبنوك الطعام اللبنانية.