لا حديث اليوم سوى الحديث عن فيروس كورونا. هذا الوباء اللعين الذى أودى بحياة الآلاف وأصاب مئات الآلاف وخيم بظلاله على الاقتصاد العالمى الذى كان يعانى من الضعف نتيجة الحرب الشرسة بين أمريكا والصين. ولكن وسط هذه الأوضاع المأساوية يبشرنا رجل الأعمال الأردنى طلال أبو غزالة، مؤسس ورئيس مجموعة أبو غزالة العالمية، بوجود فرص من تلك الأزمة يجب استغلالها وينبئنا بقرب صعود الاقتصاد المصرى ليصبح السادس عالميًا.
وإلى نص الحوار..
كيف ترى الاقتصاد العالمى فى ظل أزمة انتشار فيروس كورونا؟
أزمة فيروس كرونا لن تنتهى قبل سنة. وأن آثار الأزمة لن تنتهى قبل 2025، ولكن على وقع هذه الأزمة سنضطر نعيش حياتنا واقتصادنا. لأن الحفاظ على الأرزاق واقتصاد الوطن بمثابة أهمية الحفاظ على الأرواح. فآثار الكورونا ستمتد معنا بعد أن يقضى عليها ولن تنتهى إلا عند اختراع "المصل"، وهذا لن يكون قبل سنة وفقا لعدد من الدول الكبرى ومركز البحث.
بعد ذلك سنواجه الأزمة الكبيرة أيضا وهى أننا أمام وضع اقتصادى منهار والذى يسرى على كل الدنيا بداية من الولايات المتحدة الأمريكية. وسنجد أنفسنا أمام أزمة إقتصادية كبيرة تشبه الكساد الكبير عام 1923 أى قبل حوالى 100 عام، حيث ارتفعت أعداد البطالة والبضائع على أسعار خيالية ومشاكل متعددة تقيد حركة الاقتصاد.
لذلك أنصح بضرورة تشكيل غرفة عمليات لإدارة أزمة كورونا على غرار الدول التى فعلت ذلك تختص ببحث تداعيات الاقتصاد الذى سنواجهه فالشركات بدأت تخفف من موظفيها لأن إيراداتها انخفضت. أيضا حجم التجارة بدأ فى الانخفاض وستنخفض بنسبة تاريخية لم تحدث من قبل إلى حوالى 50% لان الطيران متوقف والحدود مغلقة إلى أخره.
هل تعتقد أن تأثر الولايات المتحدة الأمريكية بهذا الشكل الكبير من فيروس كورونا سيلقى بظلاله على اقتصاديات باقى دول العلم؟
هناك مثل يقول " عندما تعطس أمريكا يصاب العالم بالانفلونزا.. لكن هذه المرة الموضوع مختلف.. فأمريكا تصاب بالإنفلونزا والعالم يعطس فقط". فطبيعة الأزمة ومعالجتها وحجمها فى أمريكا هو الأسوا على مستوى العالم. حيث تعتبر الولايات المتحدة أكثر الدول المتضررة من هذه الأزمة. كما أن الوضع الاقتصادى الذى نتج عن أزمة كورونا عالميا بدأ بعنف فى أمريكا مما اضطر الحكومة الامريكية أن تخصص 2 ترليون دولار لهذه الأزمة فى حين أن دخل الدولة الامريكية 3 تريليون ونصف التريليون بينما مصروفها قبل الازمة حوالى 4 تريليون ونصف التريلون بما يعنى وجود عجز تريليون فى الميزانية السنوية الأمريكية.
قلتم مؤخرا أن الاقتصاد المصرى مرشح لأن يكون السادس عالميا؟ فما معطيات هذا الطرح؟
مصر ستكون فى حجمها الاقتصادى الدولة السادسة فى العالم عام 2030 لأن فى هذا العام سيعاد ترتيب الدول فى العالم اقتصاديا فى خارطة جديدة تتصدرها الصين يليها الهند تليها الولايات المتحدة الأمريكية ثم تأتى مصر فى المرتبة السادسة رغم تقدم تركيا فى التصنيف على مصر إلا أن أنقرة لن تستطيع المحافظة على هذا التصنيف.
هل تعتقد أن تداعيات فيروس كورونا ستؤثر على هذا الطرح؟
أبدا.. لأن أثر فيروس كورونا سيكون لى الجميع وكل الدول ستتأثر ولكن هذا التصنيف سالف الذكر سيظل قائما وستحتفظ مصر بسبب الجهود التى تبذلها على البقاء فى هذا التصنيف.
ما الفرص التى من الممكن أن تستفيد منها مصر جراء هذه الأزمة العالمية؟
يجب أن يكون أول اجتهاد من مصر فى هذا الشأن هو التركيز على صناعات الأغذية، ومن المفروض أن تتبع كل الدول العربية هذا النهج، وفى هذا الصدد اتخذت مصر خطط استراتيجية وضعتها القيادة المصرية ستتحول لطاقة إنتاجية هامة فى مجال الغذاء وهنا لا أتكلم فقط عن الزراعة إنما الصناعات الغذائية أيضا.
مجال آخر وهو الدواء، فبعد اليوم لا يجوز لأى دولة خاصة إذا كانت دولة كبيرة ومهمة مثل مصر أن تعتمد على دوائها من الخارج. فتجربة كورونا علمت كل الدول ضرورة وجود اكتفاء ذاتى من الدواء لأن هذه الأزمة "فضحت" دول العالم. فكل دولة تتعامل من منطلق الأنانية الآن. وهناك دول شرعت فى سرقة أدوعية ومساعدات طبية كانت موجهة لدول أخرى.
وهنا احب أن ألفت لشيئ مهم.. نحن الآن فى عصر الثورة الصناعية الرابعة ألا وهى (الثورة الصناعية المعرفية) ثورة اختراع الأفكار المنتجة والتى هى اليوم أثمن شيئ فى الدنيا. وهذا موجود فى الولايات المتحدة الأمريكية عن طريق قانون الدفاع الصناعى وبموجبه تقرر الدولة أنه على كل الشركات أن تعطى أولوية لصناعات معينة. فحولت شركات -ليس لها علاقة بمنتجات الأدوية مثلا – أن تتوقف على الإنتاج التقليدى الذى هو مجالها الأساسى ومصدر رزقها، وتركز على الصناعات ذات العلاقة بالازمة مثل صناعات الأدوية واللقاحات وأجهزة التنفس وغيرها من هذه المستلزمات التى تحتاجها الحرب ضد فيروس كورونا.
هل تعتقد أن فيروس كورونا تم تصنيعة أم أنه ظهر طبيعيا؟
هذا موضوع جدلى. وليس هناك ما يثبت حتى الآن أنه صنع بشرى أو من المسئول عنه. فهذا الموضوع سيعيش معنا لسنوات.
فى نظركم من سيتأثر بتداعيات فيروس كورونا الأغنياء أم الفقراء؟
الجميع.. وبدرجات متفاوتة. وهناك مثال على ذلك. فالولايات المتحدة الأمريكية قررت وبالإجماع داخل الكونجرس- ونادر أن يجتمع الجمهوريون والديمقراطيون على شيئ- أن تخصص 2 تريليون لدعم الاقتصاد خلال الجائحة وقسموها على شرائح. الشريحة الأولى للعاطلين عن العمل(الأفراد)، والثانية لللمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والشريحة الثالثة للشركات الكبرى. ولكن أكثر شيء يقلقنى هم الأفراد. فمثلا فى مجموعتنا قررنا عدم تسريح أى عمالة حتى لو كانت غير منتجة لأن الظرف الحالى هو ظرف وطنى والأولوية فى تلك الظروف تكون لحماية الأفراد.
التوقعات المنتشرة عن الأزمة تقول أن العاطلين عن العمل سيصلون إلى 20 مليون. وأنا أتوقع أن الرقم سيصل لـ 50 مليون وهذا رقم مخيف ويؤدى إلى مشاكل كثيرة. وفى هذا الشأن اطلعت على تقرير صادر عن دولة الإمارات العربية المتحدة وأثنى عليه، يتحدث عن كيفية التخفيف من الآثار الاقتصادية كدولة وأدعو الدول العربية الاطلاع على هذا التقرير المهم.
قبل ظهور فيروس كورونا كانت هناك حرب تجارية شرسة بين أمريكا والصين ولكن هذه الحرب هدأت حدتها مع انشغال الدول بمجابهة الجائحة. هل تعتقد بعد انتهاء الأزمة ستعود هذه الحرب لشراستها مرة أخرى أم أنها ستهدأ؟
لقد قلت فى عام 2017 أن عام 2020 سيكون عام الأزمات. والصراع التجارى يعتبر أصغر موضوع فى تلك الأزمات. فهناك صراع بين العملاقين على من سيقود العالم وهذا الأمر هو العنوان الرئيسى لكل الأزمات التى تحدث الآن.
وأنا أنبه هنا أنه إذا لم يجلس العملاقان على طاولة واحدة خلال شهور -وأنا أعلم أنهم لن يجلسا- سنشاهد حرب بينهما فى هذا العام لتجبرهما على الجلوس معا. ودائما هذا النوع من الجلوس بعد الحروب يحقق إتفاقيات. فكل الحروب العالمية والإقليمية وحتى المحلية انتهت باتفاقيات. وأعتقد أن صيغة الاتفاق ستوضع هذا العام لكن التنفيذ سيستمر ربما حتى 2022. وأنا أقول أنا عام 2021 سيكون الأسوأ وسنواجه ما يسمى بالكساد العظيم. ولن تحقق الدول الغربية أى ناتج قومى فوق الصفر. وسيصبح الدين العام العالمى 5 أضعاف الإنتاج القومى.
قلتم مؤخرا أن عام 2050 سيكون عودة فلسطين. فعلى أى أساس حددتم هذا التاريخ؟
لانى مقتنع أن العالم لن يساعد فلسطين فى نيل حقوقها. وليس هناك مخرج عسكرى ولا حتى بقرار دولى وكل المحاولات تعتبر جدلية حتى خطة الرئيس الأمريكى للسلام ليست أكثر من اجتهاد أمريكى إسرائيلى.
عام 2050 سيتم فرض التغيير. لان فى هذا التاريخ سيصبح عدد الفلسطينيين داخل فلسطين سيصبح أكثر من عدد المستوطنين اليهود فى فلسطين. فبطبيعة الحال ستكون الأكثرية فى الدولة من الفلسطينيين. ووقتها سيكون هناك حلين فقط للقضية الفلسطينية. الأول أن يتم إنهاء الاحتلال ويعيش الفلسطينى والإسرائيلى مع بعضهما متساويان فى الحقوق. والثانى أن يترك الإسرائيليون البلاد دون حرب وقتال.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة