سطر جديد من سطور انتصار مصر في ملحمتها الدائمة ضد الإرهاب كتب بالأمس، فقد استطاعت وزارة الداخلية أن تهزم الشيطان في عقر داره قبل أن يلقي بنا في الجحيم، كما استطاعت أن تصطاد الثعبان في جحره قبل أن يخرج لينشر السم والموت، حيث استطاعت وزارة الداخلية أمس القضاء على خلية إرهابية عالية التدريب والخطورة في حي الأميرية وأسقطت سبعة من المجرمين الذين يستحقون الموت ألف مرة، ومن خلال ما نشر أمس من بيانات وفيديوهات نستطيع أن نستخلص 7 رسائل على درجة كبيرة من الأهمية اللخطورة.
ما أقصى الرسائل التي تحملها طلقات النيران، وما أغلى الثمن الذي تصل به هذه الرسائل حينما يكون حياة إنسان شريف يعيش من أجل وطنه وأهله ويفتديهم بروحه وعمره مثل الشهيد محمد الحوفي، لكن هذا هو قدر الأوطان الراسخة، أن تظل دائما في حالة حرب، تدفع من دم أبنائها وأعمارهم ثمنا باهظا ليعيش أخوتهم وأحبابهم في أمان.
7 رسائل صارخة تأتينا هذه المرة بلون الدم، الدم الذكي الطاهر الذي سال من جسد شهيد مصر "محمد الحوفي" والدم الدنس الذي سال من دم الضباع الذين كانوا على أتم استعداد للنيل من جسد مصر وروحها، فقد أعادت لنا تلك الأجواء التي عشناها بالأمس ذاكرة المقاومة، كما أعادت إلينا مشاهدا نسيناها، كما شحنت القلوب بحب الوطن وكراهية أعدائه،
الرسالة الأولى : الدولة في منتهى اليقظة برغم كل الصعاب
حملت تلك العملية رسالة بليغة تؤكد أن مصر مازالت في منتهى اليقظة برغم أنها تخوض العديد من المعارك المصيرية الآن، فمن ناحية تخوض معركة الأمن الصحي التي فرضتها علينا ظروف انتشار فيروس كورونا عالميا، ومن ناحية أخرى تخوض مصر معركة اقتصادية كبيرة فرضتها علينا الضعف موارد الدولة بعد 2011، ومن ناحية أخرى تواجه مصر حرب شائعات مرعبة لا أبالغ إذا قلت أنها غير مسبوقة عالميا، لكنها برغم هذا كله أثبتت أن عيونها في غاية اليقظة والتركيز وأنها لم تكن لتترك كبيرة أو صغير تهدد هذا الاستقرار الذي ننعم به، أو ينال من مصير شعب كبير في ظروف مرتبكة ومربكة.
الرسالة الثانية: الإرهاب يعود إلى شرق القاهرة
قد لا ينتبه الكثيرون إلى تلك العملية التي جرت في الحي الأميرية أعادت إلى منطقة شرق القاهرة ذاكرة التسعينات، حيث كانت تلك المنطقة مرتعا للجماعات الإسلامية، وفي مساجدها تربت أجيالا وأجيال على الفكر الإخواني والإرهابي، فالشارع الذي شهد معركة الشرطة المصرية مع الإرهابيين يقع على بعد أمتار قليلة من مسجد "الرحمة المهداة" الذي كان بمثابة الحاضنة لأصحاب الفكر المتطرف، كما أنه قريب من مسجد "العارف بالله" في الزيتون الذي كان ساحة للسلفيين والإخوان والإرهابيين من الجماعات الإسلامية على اختلاف مسمياتهم، وقد شهدت منطقة شرق القاهرة التي تضم أحياء (المطرية والأميرية عين شمس وعزبة النخل) في التسعينيات تناميا كبيرا لإرهاب الإسلام السياسي، حتى اختفت تلك الموجة في السنوات الماضية، وتمثل معركة أمس عودة قوية لتمركز تلك التيارات الفكرية في ذات المنطقة.
الرسالة الثالثة خبث الإرهابين ووضاعتهم
قد يكون من الطبيعي أن نقول إن الإرهابيين يتمتعون بقدر كبير من الخبث والدناءة، لكن أن يأتي هذا القول مدعوما بالأدلة فهنا تكون الرسالة أوضح وأجلى لكل من يتعقل، فقد دل اختيار المكان الذي يقيم فيه الإرهابيون على خبث حقيقي يكفي لكي يسود صفحاتهم المشوهة أكثر وأكثر، فتلك المنطقة التي يقع فيها مأوى الإرهابيين منطقة شعبية وهادئة في آن، فوقوعها في ما بين حي المطرية والأميرية يجعل منها منطقة شعبية بامتيار، لكن موضوعها خلف منطقة الشركات الفاصلة بين شارع الكابلات وميدان السواح يمنحها صفة الهدوء النسبي، وبذلك يضمون سرعة التخفي في الزحام، وفي ذات الوقت يضمون سرعة الاختفاء في الهدوء.
الرسالة الرابعة: الداخلية الواعية لم تقع في الفخ
وضح جليا من خلال الفيدوهات وشهادات شهود العيان أن هؤلاء الإرهابيين قد خططوا جيدا لتلك العملية القذرة، فلو لا قدر الله لم يكتشف أمرهم كان من الممكن أن تصيب عملياتهم الإرهابية قلب مصر وروحها، ولو اكتشف أمرهم فإنه من السهل عليهم أن يتخذوا الأهالي كدروع بشرية، يحتمون ورائها، معتقدين أن إطلاقهم النيران على قوات الأمن المصرية وإصابة رجالها سيمكنهم من الفرار، لكن هذا ولله الحمد لم يحدث، حيث تعاملت وزارة الداخلية بأعلى مستويات الأمان وضبط النفس، مفضلة أن تضحي برجالها متتأنى في الهجوم خير من أن تتسرع في الهجوم الذي قد يوقع العديد من الضحايا المدنيين.
الرسالة الخامسة الإرهاب يهرب إلى الداخل
يبدو أن الجماعات الإرهابية قد اعتمدت على استراتيجية جديدة هي استراتيجية الهروب إلى داخل العاصمة وذلك بعد تضييق الخناق عليها في المحافظات الشاسعة مثل سيناء أو أطراف المدينة مثل أكتوبر وزايد، وتلك الملاحظة جديرة بالتأمل وجديرة بالوقوف عندها، فالبيان الذي وزعته وزارة الداخلية يؤكد أن من ضمن أهداف تلك الخلية المجرمة هو استهداف الأكمنة الشرطية التي تقيمها وزارة الداخلية تنفيذا لقرار حظر التجوال، واستهداف الكمائن هذا يعد استراتيجية جديدة على العاصمة، حيث جرت عادة الجماعات الإرهابية على استهداف كمان الجيش والشرطة في شمال سيناء لكن لبسالة الجيش المصرية الشرطة حاول هؤلاء الأرهابيون أن ينفذوا عملياتهم في الداخل ظنا منهم أنهم سيتمتعون بحرية أكثر ويحققوا تخريبا أكبر، لكن ربك كان لهم بالمرصاد.
الرسالة السادسة: المواطن خط أحمر
عرف الجيمع الآن القاصي والداني، القريب والبعيد، العدو والحبيب، من هو عدو الوطن الحقيقي ومن هم حماة الوطن الحقيقيون، والمقارنة واضحة لا تحتاج إلى تأكيد أو وصف، ما بين أرهابي يريد أن يتدرع بالمواطنين المدنيين العزل، ورجال الشرطة الشرفاء الذي استغرقوا ما يقرب من خمسة ساعات لاقتحام وكر الخلية الإرهابية ليتأكدوا من سلامة المدنيين ويضمنوا عدم إصابة أي مدني على سبيل الخطأ، ولقد حملت تحذيرات رئيس عملية الاقتحام الذي للأسف لم يتم الكشف عن اسمه حتى الآن حسا وطنيا وإنسانيا عاليا، ليتأكد الجميع من أن الهدف الأسمى لكل الأجهزة الأمنية هو حماية المواطن المصري السهر على راحته.
الرسالة السابعة: الهدف هو النيل من قوة النظام واستقرار الوطن
بحسب بيان وزارة الداخلية فإن هذه العملية التي خطط لها الإرهابيون كانت تستهدف تفجير الكمائن الأمنية التي تفرش مصر كلها تنفيذا لقرار حظر التجوال المعمول به الآن، وأن يتم استهداف الكنائس المصرية في موسم الأعياد الحالي، لكني على يقين من أن الهدف الأساسي من هذه العملية هو محاولة تشويه صورة مصر وإظهارها في صورة ضعيفة في وقت تنال فيه الدولة المصرية استحسان المواطن العادي وإشادة المجتمع الدولي خاصة بعد تعامل مصر الراقي والواعي مع أزمة فيروس كورونا، ولذلك حاول هؤلاء المجرمون أن ينالوا من قوة مصر واستقرارها وأن ينالوا أيضا من شعبية الرئيس عبد الفتاح السيسي التي تتنامى الآن بشكل مضطرد، لكن الله جعل كيدهم في نحرهم ونصر الله مصر ورئيسها على هذا العدو المتربص، وبدلا من إظهار مصر في صورة "الضعف" تعملقت في أبهى مشاهد القوة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة