طغت أزمة كورونا التى يواجهها أغلب دول العالم على أقلام الكُتاب فى الصحف الخليجية، وسلط بعضهم الضوء على تجربة "السويد" مع الفيروس الوبائى، والإجراءات التى اتخذتها الدول الأوروبية إزاء انتشار الفيروس، بينما أطلق الكاتب محمد الوعيل دعوة "دعونا نضحك" لتغلب على كورونا وكل منغصات الحياة، مسلطا الضوء على الجرائد والمجلات فى الصحافة المصرية التى كانت مخصصة للصحافة الساخرة.
هل هناك درس من السويد فى جائحة "كورونا"؟
عثمان ميرغني
فى صحيفة الشرق الأوسط سلط الكاتب عثمان ميرغنى الضوء على تجربة السويد، قائلا "بينما بدأت بعض الدول الأوروبية ترفع هذا الأسبوع بعض القيود المتشددة التى فُرِضت على الأعمال والأنشطة الاقتصادية بسبب وباء "كورونا"، تستمر التساؤلات حول الطرق التى تعاملت بها الحكومات المختلفة حول العالم مع الأزمة، والتكلفة البشرية والاقتصادية الهائلة الناجمة عنها، وتحدث بالضرورة مقارنات بين الإجراءات التى فُرِضت في الدول المختلفة والنتائج التى أدّت إليها.
وفى الوقت الذى فرضت فيه أغلب الحكومات إجراءات متشددة للحدّ من انتشار العدوى بالفيروس الذى أرعب العالم، بدت السويد فى نظر كثيرين نموذجاً متفرداً فى تعاملها مع الوباء؛ فقد اختارت طريقاً متساهلاً، ولم تسارع لفرض إجراءات متشددة في العزل لمواطنيها والإغلاق لمظاهر الحياة وأنشطتها، عكس جاراتها من الدول الإسكندنافية وأكثرية الدول الأوروبية الأخرى.
اعتمدت حكومة رئيس الوزراء ستيفان لوفين على حس المسئولية الاجتماعية لدى مواطنيها، واكتفت "بالطلب" منهم تجنُّب الرحلات غير الضرورية فى تنقلاتهم، والعمل من منازلهم حيثما أمكن، والتقيد بإجراءات النظافة، والبقاء فى البيوت إذا كانوا أكبر من سن السبعين أو يشعرون بالمرض.
إضافة إلى ذلك، أغلقت المدارس العليا، ومنع تجمع أكثر من خمسين شخصاً فى مكان واحد، كما منعت الزيارات لدور الرعاية الاجتماعية لحماية كبار السن، فيما عدا ذلك بقيت المدارس الصغرى مفتوحة، وكذلك المطاعم والمتاجر والمقاهى وصالونات الحلاقة، والناس يتحركون بحرّية فى الأماكن العامة مع الحفاظ على مسافة "التباعد الآمن".
الحكومة السويدية بررت عدم اتخاذها لإجراءات مشددة فى وقت مبكر بقولها إنها ترى مواجهة "كورونا"، مثل الماراثون وليس سباق 100 متر، بمعنى أنها تتبع سياسة النفس الطويل والتدرج، بدلاً من اتخاذ خطوات مبكرة ومتسرعة يمل منها الناس فى وقت وجيز، فالهدف هو تغيير سلوك الناس بشكل متدرج، لكى يحافظوا على التغييرات المطلوبة فى طريقة حياتهم، لأن المعركة مع كورونا قد تستمر لفترة طويلة.
وشرح وزير الداخلية ميكائيل دامبيرى الأمر بقوله إن سياسات الإغلاق الكامل لم تكن حلاً لمنع انتشار العدوى فى إيطاليا وإسبانيا وأميركا وألمانيا ودول أخرى، مضيفاً أن بلاده تعتمد على المسئولية الذاتية للفرد إزاء المجتمع بدلاً من فرض قيود إلزامية شاملة، لأنه إذا لم يتحمل الأفراد مسئوليتهم فلا فائدة لأى قيود يتم فرضها.
الواقع أن لهذه السياسة المتساهلة وجهاً آخر لا يتحدث عنه كثير ممن لفتتهم التجربة السويدية. فالحكومة هناك ترى أن أفضل سلاح في مواجهة كورونا، في ظل عدم وجود علاج ومصل واقٍ، هو أن يكتسب الناس مناعة من الفيروس، وهو ما شرحه أندرس تغنل كبير خبراء الأوبئة، بقوله إنه من الضرورى أن يكتسب قسم من الشعب مناعة.
ورغم أن تغنل نفى أن يكون الهدف هو الوصول إلى مناعة القطيع بشكل سريع، إلا أنه أقر بأن سياسة كهذه (مناعة القطيع) لا تتعارض مع أهداف السويد. وأوضح قائلاً إن حبس الناس في البيوت لن يحقق الهدف المطلوب على المدى البعيد. فعاجلاً أم آجلاً سيخرج الناس من الحبس، وبالتالي سيواجهون احتمال الإصابة بالفيروس في ظل عدم وجود أمصال واقية، وعدم تحقق مناعة ذاتية (مناعة القطيع).
السويد بهذه الاستراتيجية تنضم إلى دولتين أوروبيتين أخريين، هما بريطانيا وهولندا، اتبعتا سياسة مناعة القطيع، بشكل واضح أو مستتر؛ ففي هولندا أعلن رئيس الوزراء مارك روتي تأييده لفكرة مناعة القطيع، عندما جادل بأن التباعد الاجتماعي لن يحل وحده المشكلة، بل سيكون تأجيلاً لها، وسيعني إطالة أمد التبعات الكارثية للفيروس. وبدا روتي متقبلاً لفكرة تعرض الهولنديين للفيروس بغرض تكوين مناعة القطيع، ما سيساعد في عودة الحياة الطبيعية بسرعة.
دعونا نضحك
محمد الوعيل
وفى صحيفة الرياض السعودية أطلق الكاتب محمد الوعيل دعوة للضحك، وتحت عنوان "دعونا نضحك" كتب قائلا "يقول أحد علماء النفس ابحث عن ساعة للضحك في زمنك تكتشف عندئذ أن صحتك تزداد يوماً بعد يوم.. إذن دعونا هذه المرة - ومن خلال هذه السطور - نتساءل: هل للضحك قيمة أو فائدة؟
ويقولون أيضاً إن للضحك فوائد كثيرة تؤثر على نفس الإنسان وبالتالي تترك أثراً ملموساً على أعضاء الإنسان..
وندخل إلى أساليب الضحك؟
قد يتندر البعض من كلمة أساليب ونقول إنها تعبير علمي عن وسائل وطرق الإضحاك.
وقد يتحدث البعض أن الإضحاك شيء سهل وبسيط وأن الكتابة فيه أمر ميسور وسهل، غير أن المتخصصين يؤكدون عكس ذلك. ويعبرون عن ذلك بقولهم إن الأحزان والنكد أكثر من الفرح والسعادة في حياة إنسان هذا العصر، وأن ما يشهده العالم اليوم من الجائحة المؤلمة يؤكد ذلك.
لقد كانت الساحة العربية تمتلئ أكثر من نصف قرن بمجلات (التنكيت والتبكيت) فكانت "البعكوكة" فى مصر وغيرها من المطبوعات التي تهتم بهذا النوع من العمل الإعلامي، إلى جانب اهتمام عدد من المجلات كـ روز اليوسف وصباح الخير والمصور وغيرها حيث تميزت بأبواب ضاحكة.
ولأن مثل هذا الأسلوب الضحك مهم جداً في حياة الإنسان فقد ترددت أنباء صحفية عربية أن هناك مجلة أسبوعية كاريكاتيرية فكاهية ساخرة صدرت في إحدى العواصم العالمية.
فى ظنى أن الخبر جيد.. خاصة وهذا العصر الملىء بالأوجاع ومنها (كورونا).. لكن لماذا لا تكون إحدى العواصم العربية؟
وسؤال يقفز إلى الذاكرة أنقله حرفياً للشاعر العربى نزار قبانى إنه يسأل: كيف نبكى.. كيف نحزن.. كيف نضحك.. نعم كيف نضحك.. إذن اضحكوا.. فالضحك موسيقى هذا الزمن وكفى يا سادة!!
مكتبات بيوتنا
حارب الظاهرى
أما فى صحيفة الاتحاد الإماراتية سلط الكاتب حارب الظاهري الضوء على المكتبات في البيوت، قائلا "هي هنيهات قليلة، لكن يتسع لها القلب والوقت، لتقضيها بين رفوف مكتبة البيت، في عصر يرمي نحو تناثر دقائق العمر، وفصول من بهاء يمر على وجل، وتشرذم الحياة يغدو أشد وجلاً، وحين تشعر بجمود السويعات، تراها وكأنك في خضم عالم آخر، لا يشعر بك أحد، وأنت بين رفوفها المصنفة، ووجوه لأغلفة رحل أصحابها من ذاكرة الحياة، أو رحلوا من ذاكرة المكان، إلا أنهم تركوا خلفهم شيئاً من سماتهم وكتبهم القيمة، تلك الدالة على أفكارهم وإبداعاتهم، ومنها نسيج ذاكرتهم، فمكتبات البيوت ما هي إلا بيوت شامخة بالثقافة، فيطل من خلالها كل من كتب، إذا هي أرواحهم مغلفة بالحب، تعبر حالة الزمن، وتبتكر على ضفاف الحياة مكانها.
سمات ثقافية تنحدر من إرث الحياة، فمكتبات البيوت من أقدم المكتبات، وكانت في العصور الماضية مرتبطة بالملوك والسلاطين، ولازالت تتشكل عبر مفاهيم المثقف، وفضائه المتجسد بالثقافة، بل ترافق أحلامهم ومعاناتهم، وتدشن مثابرتهم على إيجاد الكتب القيمة، لهم فيها ملذات مختلفة الثقافة، ولهم مذاقات وتصورات في الحديث عن مكتباتهم، وأي وصف حين يتحدثون عن كتبها وما تغتني، فما هذه العلاقة الحميمية، التي تروي التناغم الروحي بينهما، وهي حتماً تبقى بينهما، الألفة والصداقة وعبق الزمن، وهي حقائق لا ترحل، وخيالات لا تفل أبداً من الذاكرة المستوحاة من حياة ثقافية لامعة.
لربما لا يعى هذه العلاقة إلا من يشعر بقيمة مكتبات البيوت، فهي متممة لمعتقدات ثقافية واسعة، وأصول في البحث، والقراءة المتدفقة بالتأمل، فكل هذا الشأن الجميل، هو احتفاء بوقت الحياة، حتى لا يهدر سدى، ولا يتجرد من صورته الحقيقية، فمن الحقيقة، أن لا شيء يضاهي وقت القراءة في الحضور الذهني والروحي.
فالذات القارئة نشأة فكرية جامحة وملهمة للحياة، لا هي وقتية، ولا هي زمنية، يتبناها الوقت كما يراد لها أن تكون، فهي مغلفة بالذات وفضائها الحر، ودونها يبقى الوقت جامداً مملاً، يمرره النسيان، والقراءة ليست استعجاباً أو استعراضية المحتوى، بل هي كل المدارات المنجزة والمبتهجة، وهي آية المثقف المطلع والراسخ بثقافته.
مكتبات البيوت منذ زمن، تمر بصمت مزمن وطويل، وتخفي صمتها الأثير الجميل، ولها حكاياتها الحزينة في الوجد، ولها ما ينبئ بالسحر، بأن في الوقت العصيب ينحني الزمن لها، لتقترب من سحرها الجميل، ومن رموزها، وتقترب من طوافها بين ذاكرة الحياة والكتب، وهى تبدو مشرقة، وكأنها تقول في الوقت العصيب تستبشر بها خيراً.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة