أصدرت محكمة النقض المصرية، حكماَ قضائياَ أرست فيه عدة مبادئ قضائية فى غاية الأهمية بالنسبة لجرائم الاتجار فى المخدرات حيث قالت: "لا سقوط لعقوبة السجن الغيابى فى جناية إحراز المواد المخدرة بقصد الاتجار طبقاً لنص المادة 46 من القانون رقم 182 لسنة 1960 تطبيقاً لمبدأ الخاص يقيد العام، وبالتالي لا تسرى مواد سقوط العقوبة المنصوص عليها فى قانون الإجراءات الجنائية".
صدر الحكم فى الطعن المقيدة برقم 4071 لسنة 82 القضائية، برئاسة المستشار كمال قرنى، وعضوية المستشارين محمد طاهر، وأحمد قزامل، ومحمد السنباطى، وأحمد المتناوى، وبحضور رئيس النيابة محمد عطية، وأمانة سر طارق عبد العزيز.
الوقائع.. سقوط العقوبة لمتهم بالاتجار فى المواد المخدرة
النيابة العامة اتهمت المطعون ضده "أسامة.ع" فى قضية الجناية رقم 27 لسنة 1989 والمقيدة بالجدول الكلى رقم 9 لسنة 1989 بأنه فى يوم 4 فبراير سنة 1989 أحرز بقصد التعاطى جوهراَ مخدراَ "حشيشاَ" فى غير الأحوال المصرح بها قانوناَ، وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، والمحكمة المذكورة قضت حضورياَ فى 3 من أبريل 2012 بسقوط العقوبة المقضى بها على المتهم "أسامة.ع" بجلسة 6 سبتمبر 1990 بمضى المدة، فطعنت النيابة العامة على هذا الحكم بطريق النقض فى 21 من مايو 2012 وبذات التاريخ أودعت مذكرة بأسباب الطعن موقعاَ عليها من محام عام بها.
النيابة العامة تطعن على سقوط العقوبة بسبب الحكم الغيابى
واستندت النيابة العامة فى طعنها على الحكم بسقوط العقوبة المقضى بها على المتهم "أسامة.ع" بجلسة 6 سبتمبر 1990 بمضى المدة أنها تنعى الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بسقوط العقوبة المقضى بها على المطعون ضده بالحكم الغيابى قد شابه الخطأ فى تطبيق القانون ذلك أنه أسس قضائه بمضى أكثر من عشرين عاماَ من تاريخ الحكم الغيابى الصادر فى جريمة إحراز جوهر مخدر بقصد الاتجار مخالفاَ ما نصت عليه الفقرة الثالثة من المادة 46 مكرر "أ" من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
المحكمة: لا يسقط الحكم الصادر غيابياَ من محكمة الجنايات فى جناية بمضى المدة
المحكمة فى حيثيات الحكم قالت أنه لما كان قانون الإجراءات الجنائية فى الفصل الثالث من الباب الثانى من الكتاب الثانى الذى عنوانه فى الإجراءات التى تتبع فى مواد الجنايات فى حق المتهمين الغائبين قد نص فى المادة 394 على أنه: "لا يسقط الحكم الصادر غيابياَ من محكمة الجنايات فى جناية بمضى المدة وإنما تسقط العقوبة المحكوم بها ويصبح الحكم نهائياَ بسقوطها"، ونص فى المادة 395 على أنه: "إذ حضر المحكوم عليه فى غيبته أو قبض عليه قبل سقوط العقوبة لمضى المدة يبطل الحكم السابق صدوره سواء فيما يتعلق بالعقوبات أو بالتضمينات، ويعاد نظر الدعوى أمام المحكمة".
لماذا لا تسقط عقوبة السجن الغيابى للمتهم فى قضايا المخدرات؟
ووفقا لـ"المحكمة" – نصت الفقرة الأولى من المادة 528 من هذا القانون على أنه: "تسقط العقوبة المحكوم بها فى جناية بمضى عشرين سنة ميلادية إلا عقوبة الإعدام فإنها تسقط بمضى 30 سنة"، وواضح من هذه النصوص أنه ما دامت الدعوى قد رفعت أمام محكمة الجنايات عن واقعة يعتبرها القانون جناية، فإن الحكم الذى يصدر فيها غيابياَ يجب أن يخضع لمدة السقوط المقررة للعقوبة فى المواد الجنائية وهى 20 سنة، إلا أنه لما كان من المقرر وفقا لنص الفقرة الثالثة من المادة 46 مكرر "أ" من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل والخاص بمكافحة المخدرات قد نصت على أنه: "أنه لا تسقط بمضى المدة العقوبة المحكوم بها بعد العمل بهذا القانون فى الجنايات المنصوص عليها فى الفقرة الأولى من هذه المادة، وكان من المقرر أن القانون الخاص يقيد القانون العام".
وبحسب "المحكمة" – ولما كانت الدعوى الجنائية قد أقيمت قبل المطعون ضده لارتكابه جناية حيازة جوهر مخدر بقصد الاتجار، وقضى عليه من محكمة الجنايات غيابياَ بموجب المادة 34 من القانون سالف الذكر بتاريخ 6 سبتمبر 1990 بالسجن المؤبد وغرامة 10 الأف جنية، وإذ تم القبض على المطعون ضده بتاريخ 23 فبراير 2012، فتمت إعادة إجراءات محاكمته، وقضت المحكمة بسقوط العقوبة بمضى المدة مخالفة بذلك ما نصت عليه الفقرة الثالثة من المادة 46 مكرر "أ" سالف الإشارة فإنها تكون أخطأت فى تطبيق القانون مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه ولما كان هذا الخطأ قد حجب المحكمة عن نظر الموضوع، فإنه يتعين أن يكون مع النقض والإعادة.