فى كل عام كان دخول محصول القمح يمر بشكل طبيعى، لكن الأمر هذه المرة يضاعف من شعورنا بالطمأنينة، لأن صوامع ومخازن مصر سوف تستقبل 3.6 مليون طن قمح حسب ما أعلنه وزير التموين على المصيلحى، وهى كمية تمثل نسبة مهمة تضاعف الاحتياطى من القمح. يقول المصيلحى أيضا، إن أسعار توريد القمح المحلى لعام 2020 من 670 إلى 700 جنيه للأردب بزيادة عن العام الماضى، وبالرغم من انخفاض أسعار القمح عالميا، حيث التزمت الحكومة بسياسات بعدم خفض الأسعار المحلية دعما للفلاح.
وتصل السعة التخزينية للشون والصوامع إلى 3.2 مليون طن، تمثل إضافة إلى الاحتياطى، وهو ما يضاعف مخزون الأمل، فى تأمين السلع والاحتياطيات، ويلاحظ المراقبون أن الخضراوات والفاكهة متوفرة بأسعار معقولة هذا العام، بالرغم من ارتفاع نسبة التصدير، لأوروبا ودول الخليج من الخضراوات، بسبب نقص هذه المنتجات لديها، حيث تواجه أوروبا مشكلات فى جنى المحاصيل بسبب ظروف فيروس كورونا.
فى الظروف العادية يمكن أن تمر هذه المناسبة بشكل عادى، وأن يبقى الاحتفاء بالقمح فى «برمهات» قاصرا على الفلاحين وهى أمور لا يدركها سكان القاهرة، ويعرف من ولد وتربى فى بحرى وقبلى، ماذا يعنى المثل «برمهات روح الغيط وهات»، حيث يتزامن موسم الحصاد مع أعياد الربيع، وحيث يقوم الفلاحون بعملية «دراس ودراوة» للقمح، العائد لا يقتصر على الفلاح وأسرته، حيث ينتشر على أطراف الحقول فقراء يحصل كل منهم على نصيب من القمح. ضمن شراكة غير مكتوبة للتضامن والتآزر الإنسانى.
فى هذه الظروف التى أجبر الأغلبية على البقاء فى منازلهم، كان على الفلاحين أن ينهوا عملية حصاد واستخراج القمح، بجانب خيرات كثيرة من عوائد الأرض، وهو ما يجعل من الأهمية أن نشعر بامتنان لملايين الفلاحين فى أرجاء مصر يؤمنون غذاءنا، ويفيض للتصدير. وهى ميزة تظهر أكثر فى ظل هجوم الفيروس، وارتباك العالم.
وفى نفس السياق، يمكن الالتفات إلى ميزة إضافية وفرها مشروع إنشاء الصوامع الحديثة والتى تحتوى على إمكانيات لسحب الأتربة، وحفظ القمح بشكل أكبر مما هو متاح فى الشون التقليدية، حيث كان حجم الفاقد يمثل نسبة تصل إلى 20% حسب بعض التقديرات.
وبجانب الصوامع للقمح، فإن تطوير الزراعة والتوسع فى الصوبات الزراعية، ضاعف من حجم إنتاج الخضراوات والفاكهة مرات، مع تخفيض استهلاك المياه والاستغناء عن المخصبات والكيماوى والمبيدات الأمر الذى يحسن من نوعية غذائنا بصورة مباشرة.
فى ظل ظروف ضاغطة، فإن التوسع فى الزراعة بالصوبات، كاشف عن بعد نظر واضح من الدولة، لأنه مع الصوامع تضاعف الإنتاج والاحتياطى من المنتجات المختلفة. وهى تفاصيل تظهر فى السوق بشكل واضح. وتجيب على تساؤلات طرحت فى حينها حول التوسع فى أنماط غير تقليدية من الزراعة الحديثة.
كل هذا يشير إلى أهمية دور الفلاحين فى أرجاء مصر، وبينما أبناؤهم وبناتهم يتصدرون جبهة المواجهة مع الفيروس، فهم يواصلون جهود أجدادهم منذ آلاف السنين، ومع تحديث الصوامع وعمليات تخزين وحفظ الغذاء يمثلون رافدا من روافد تأمين غذائنا.