يوم أسود لصناعة النفط، هكذا وصف الاثنين 20 إبريل، بعدما تهاوت أسعار النفط فى بعض المناطق بالولايات المتحدة إلى ما دون الصفر، ليتحقق بذلك التحذير الذى أطلقه البعض فى مطلع هذا الشهر من الضرر الهائل التى تواجهه الصناعة العالمية فى ظل تفشى وباء كورونا.
حيث تحولت أسعار العقود الآجلة للنفط الخام الأمريكي إلى سلبية للمرة الأولى في التاريخ لتنهي الجلسة عند ناقص 37.63 دولار للبرميل مع إقبال المتعاملين على البيع بكثافة بسبب امتلاء سريع لمنشآت التخزين في المركز الرئيسي للتسليم في كاشينج بولاية أوكلاهوما. وتراجعت أيضا عقود خام القياس العالمي مزيج برنت لكنها لم تصل بأي حال إلى تلك المستويات الضعيفة بفضل وجود المزيد من قدرات التخزين متاحة حول العالم.
وأنهت عقود خام القياس الأمريكي غرب تكساس الوسيط تسليم مايو جلسة التداول منخفضة 55.9 دولار، أو 306 بالمئة، لتبلغ عند التسوية ناقص 37.63 دولار للبرميل بعد أن لامست أدنى مستوى لها على الإطلاق عند ناقص 40.32 دولار للبرميل.
وخلال مؤتمره الصحفى اليومى عن كورونا، قال الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إن الولايات المتحدة سوف تستفيد من هبوط أسعار النفط في زيادة مستوى المخزون الاستراتيجي من النفط الخام لحالات الطوارئ، موضحا أن الانهيار الذي حدث لأسعار النفط الأمريكي "قصير الأجل"، وأن الأسعار المستقبلية تتراوح بين 25 و28 دولارا للبرميل.
وبسؤاله عما إذا كان يريد من السعودية ودول مجموعة أوبك وروسيا فعل المزيد لخفض إنتاج النفط، قال ترامب: "إنها فترة قصيرة. يتعلق الكثير منها بالبيع على المكشوف. إذا نظرت إليها في المستقبل، أعتقد أن الأسعار 25 أو 28 دولارا للبرميل".
وعلقت وكالة بلومبرج الأمريكية على انخفاض أسعار النفط لأقل من صفر، وقالت إنه كان يوما مدمرا للصناعة العالمية، مشيرة إلى أنه سيتسبب فى موجة انكماش للاقتصاد العالمى الذى يعانى بالفعل من تداعيات أزمة كورونا.
وأشارت الوكالة إلى أن يوم أمس بدا كأى اثنين قاتم فى أسوأ أزمة لسوق النفط منذ عقود. وانتهى بانهيار الأسعار لأقل من الصفر، وأدخل الأسواق فى عالم مواز يستعد فيه التجار لدفع 40 دولار مقابل أن يأخذ أحد برميل من النفط. ووصفت الوكالة هذه الخطوة بأنها كانت عنيفة وصادمة، حتى أن كثير من التجار عانوا لتفسيرها.
وتوضح بلومبرج أن الانحفاض السلبى كان مجرد خلل شديد مع استعداد التجار لإنتهاء عقود التسليم فى مايو. ففى أماكن أخرى، سار السوق كالمعتاد فانتهت العقود الآجلة لخام برنت، وهو المؤشر القياسى لأوروبا فى لندن، على انخفاض كبير لكن لا يزال فوق 25 دولارا لسعر النفط.
لكن الأسعار السلبية كشفت عن حقيقة أساسية بشأن سوق النفط فى عصر الكورونا، وهو أن السلعة الأهم فى العالم تفقد سريعا قيمتها لأن العرض المفرط المزمن يطغى على خزانات النفط الخام وخطوط الأنابيب والناقلات العملاقة فى العالم. وفى نهاية المطاف، أصبح التجار يائسين لتجنب الاضطرار إلى استلام النفط النفط الفعلى لأن لا أحد يحتاج إليه وهناك عدد أقل وأقل من الأماكن المتاحة لتخزينه.
وتابعت الوكالة قائلة إنه على الرغم من الاتفاق الذى توصلت إليه أوبك قبل أقل من أسبوع لخفض الإنتاج العالمى 10%، فإن أزمة سوق النفط تزداد سوءا وسيرسل موجة انكماشية عبر الاقتصاد العالمى، مما يعقد المهمة التى تواجه البنوك المركزية، التى تحاول إبقاء اقتصاد الدول واقفا على قدميه فى الوقت الذى لا يزال فيه وباء كورونا يحدث شلل فى صناعة السفر والتجارة حول العالم.
من جانبها، قالت صحيفة واشنطن بوست إن التراجع غير المسبوق فى أسعار النفط إلى ما دون الصفر كان رمزيا أكثر من أى شىء أخر، ولن يؤثر على سعر البنزين فى المضخات. لكنه أظهر مدة سحق وباء كوروانا لأسواق الطاقة العالمية، وكيف أن الجهود العالمية المبذولة لإرساء الاستقرار فيها لا تجدى نفعا.
ورأت الصحيفة أن فكرة أن برميل النفط يمكن أن تكون أقل من الصفر كانت صدمة للكثيرين، فقد كان هذا عرضا واضحا لأمراض صناعة النفط والتى من المحتمل ان تصيب منتجى النفط الأمريكيين بشدة، فشركات النفط العملاقة التى تديرها الدولة فى روسيا والسعودية تستفيد من النفط الرخيص وقادرة على وضع السياسة الوطنية قبل الأرباح إذا لزم الأمر. وكان سعر يوم الاثنين بمثابة تحذير للشركات الأمريكية من أن الأسواق التى تقدم الإمدادات لها تنكمش بسرعة.
وجاء هذا حتى فى الوقت الذى قامت فيه شركات النفط الكبرى بخفض الإنفاق على الآبار الجديدة بنسبة تتراوح ما بين 30 إلى 50%، فيما قامت شركات أخرى بتسريح المزيد والمزيد من العاملين، وبدأت فى إلاق فى آبارها وتضررت تمويلاتها بشدة.
أما صحيفة نيويورك تايمز، فقالت إن شركات تكرير النفط غير مستعدة لتحويله إلى بنزين وديزل ومنتجات أخرى لأن عدد قليل من الأفراد يتنقل أو يسافر بالطائرات، فى ظل وباء كورونا، كما أن التجارة الدولية تباطأت بشدة. ويتم تخزين النفط بالفعل فى المراكب وفى أى مكان يمكن للشركات العثور عليه. وأصبح امتلاك صهاريج التخزين واحدة من أفضل الأجزاء فى مجال النفط هذه الأيام.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة