يعد الإمام "زكريا الأنصاري"، من أهم وأبرز القضاة في الإسلام، حيث اشتهر الإمام منذ صغره بطلب العلم وحرصه على حضور مجالس العلماء، الذين تتلمذ على أيديهم، كما عرف عنه حسن الخلق مع الناس ومريديه، عزله السلطان "قايتباى الجركسى" لرفضه تطبيق حد الزنا واعترف الزانى بما فعل، وكان أحد القضاة الأربعة الذين حكموا برجم الزانى، وتم تأجيل تنفيذ الحكم حتى خروج الحجاج من مصر، إلا أن الزانى تراجع عن اعترافه، فأفتى العلماء بعدم تنفيذ الرجم الأمر الذى أغضب السلطان كثيرًا، وأمر بعقد مجلس قضاء موسع.
وحينما سألهم فى الرجوع عن قرار الرجم أكدوا أن هذا رأى الشرع، وأقر "الأنصارى" بصحة رأى العلماء، لكنه رمى الكرة فى ملعب الحاكم، وقال إنه يمكن تنفيذ الرجم، معللا بأنه ولى الأمر، فرد عليه أحد الشيوخ بموافقته لكن بعدم مخالفة الشرع، ولو قام بقتل الزانى فيجب أن يؤدى دية القتل، فوجه السلطان السؤال لـ"الأنصارى" من جديد حول الواقعة فأقر كلام الشيخ فأعلن السلطان بعزلهم جميعًا.
هو الشيخ الإمام، شيخ مشايخ الإسلام قاضي القضاة زين الدين أبو يحيى زكريا بن محمد بن زكريا الأنصاري السنيكي، نسبة إلى سنيكة من قرى محافظة الشرقية بمصر، التي ولد بها في عام 823هـ/1420م، درس في الأزهري وأتبع المذهب الشافعي .
أشتهر بحسن الخلق وفقه اللسان وطلب العلم، خاصة العلوم الشرعية وآلاتها حديثًا، وتفسيرًا، وفقها، وأصولاً وعربية وأدبا، وهذا ما جعل الكثير من طلاب العلم يريدونه ويتلقون علومهم من خلاله .
ولاه السلطان قايتباي الجركسي (826 - 901) قضاء القضاة، فلم يقبله إلا بعد مراجعة وإلحاح، ولما ولي رأى من السلطان عدولا عن الحق في بعض أعماله، فكتب إليه يزجره عن الظلم، فعزله السلطان، فعاد إلى اشتغاله بالعلم إلى أن توفي سنة 926 هـ.
ترجم له ابن العماد الحنبلي في شذرات الذهب في وفيات سنة 925 هـ، وقال "وفيها شيخ الإسلام قاضي القضاة زين الدين الحافظ زكريا بن محمد بن أحمد بن زكريا الأنصاري السنيكي ثم القاهري الأزهري الشافعي".
ويقدم "اليوم السابع" على مدار حلقات يومية أبرز القضاة على مر التاريخ فى الإسلام.
ويعد منصب القضاء في الإسلام من أعلى المراتب؛ لقوله تعالى " والله يقضي بالحق " فكأن القاضي هو نائب عن الله في حكمه وفتواه على الأرض، الإمام الغزالي وصف القضاء بأنه أفضل من الجهاد، موضحا ذلك لأن طباع البشر مجبولة على التظالم، وقل من ينصف من نفسه، والإمام مشغول بما هو أهم منه، فوجب من يقوم به، فإن امتنع الصالحون له منه أثموا، وأجبر الإمام أحدهم.
ولقد جاءت دوحة الإسلام برجال وقضاة عادلين، وهؤلاء هم الذين تحتاج الأمة إلى أمثالهم، فالأمة لا تحتاج إلى شيء من الأخلاق احتياجها إلى العدل والمساواة، هؤلاء الذين تحيا بهم الأمم، وتشرق بهم الأيام، وتعلو بهم قداسة الحق، فتطيب بهم الأيام.
حتى في أشد العصور ظلمة كان هناك قضاة يخشون الله ويراعون العدل، وكانت كلمة الحق تخرج من أفواههم تزلزل قلوب الطغاة، كان أولئك القضاة المتقون دليلاً حياً على وجود نور الخير في القلوب مهما تزايدت الظلمة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة