فى أوقات الأزمات تحتاج الدولة والناس إلى أكبر قدر من التعقل وضبط النفس، وعدم التعميم وتلافى الشائعات، بالطبع فى حالة فيروس كورونا نحن أمام وضع غير طبيعى، أفقد بعض الدول قدراتها الوقائية وأصابها بنوع من الهلع والرعب. والسبب أن المواطنين لم يأخذوا الأمر بجدية، فى إيطاليا مثلا ومن واقع شهادات كثيرين من المواطنين، تعامل الأغلبية باستهتار مع دعاوى الحجر بالمنازل، الأمر الذى أدى لانفجار نسبة الإصابات بشكل أفقد الجهاز الطبى توازنه، واضطرت السلطات الإيطالية لفرض حظر كامل ومنعت الخروج وطبقت قوانين الطوارئ. نفس الأمر فى فرنسا وإسبانيا وألمانيا التى شددت إجراءاتها مبكرا مما خفض من حجم الإصابات.
فيروس كورونا أزمة استثنائية ليس لها سوابق، والإجراءات ربما تصيب البعض بفقدان الصبر أو التحكم، مما يدفع إلى تصرفات عصبية وردود أفعال غير مدروسة، والواجب على السلطات التى تطبق القرارات أن تتحلى بضبط النفس والحسم فى وقت واحد، حتى يمكن السيطرة على المواقف وحتى لا تخرج الأمور عن سياقاتها فى وقت يمثل الفيروس خطرا حقيقيا، والتجارب واضحة من حولنا.
فى مصر ومن البداية تعاملت الدولة بمسؤولية، بدءا من إعادة المصريين العالقين فى ووهان بالصين، مرورا بالتعامل الوقائى من قبل وزارة الصحة، وإعلان أرقام الإصابات والوفيات بشكل يومى، ومن دون أى إخفاء، وفيما يتعلق بالإجراءات فقد تم اتخاذ خطوات التعامل بتدرج ومن دون عصبية أو إفزاع للمواطنين، تم وقف المدارس والجامعات وتقليل أعداد الموظفين، ثم الحظر الجزئى طوال الليل، وهى إجراءات كان هناك من يطالب بها مبكرا أو يطالب بحظر شامل، لكن الحكومة تصرفت بناء على لجان مختصة لإدارة الأزمة، وراعت القرارات أن هناك فئات تضطر للخروج إلى العمل، وهو ما يستدعى المرونة، ومع هذا ظهرت حالات فزع دفعت البعض لحمى شراء وتخزين غير مبررة، كاشفة عن اختلاف فى تركيبة كل فرد عن الآخر.
ومثلما تكشف الأزمة عن خطوات إنسانية وتضامن ودعاوى لمساندة المحتاجين أو التبرع والتطوع، كشفت عن نسبة من مستغلى الأزمات، بعض من رفعوا أسعار المواد والأدوات الوقائية، أو أسعار سلع، وهؤلاء بالطبع موجودون فى كل وقت ويجب مواجهتهم بالقانون والعقاب المضاعف باعتبار أنهم يجرمون فى وقت طوارئ، تماما مثل من يكسرون الحظر من دون سبب، وهناك حالات مختلفة لتعامل الشرطة تكشف عمن مرونة ومراعاة للظروف الإنسانية أثناء الحظر، من توصيل مريض أو التسامح مع شخص تأخر رغما عنه.
التعميم هنا خطأ هناك دائما مستغلون ومدعون، تماما مثل التعامل مع إجراءات الحكومة، فقد كان متوقعا أن يلتزم المواطنون فى القرى والأماكن المعزولة لظهور إصابات بالفيروس، الالتزام هنا لصالحهم وأسرهم، خاصة أن الدولة توفر لهم الغذاء والضروريات، ومع هذا خرج عدد كبير من مواطنى قرية فى تظاهرات يريدون إنهاء الحظر، فى صورة تكشف عن عدم تقدير للخطر، ومنح الفيروس فرصة للانتشار خاصة مع وجود حالات مؤكدة فى القرية إياها، ونحن هنا أمام احتمالين، الأول هو عدم إدراك من المواطنين لحجم الخطر أو لمصالحهم، والاحتمال الثانى وهو وجود إياد تحرك وتحرض الناس على التصادم مع الدولة، تنفيذا لسيناريو شرير، خاصة أن النيات واضحة لدى قناة الجزيرة وقنوات تركيا القطرية من البداية لتضخيم الأزمة ونشر الرعب من اتساع حالات الإصابات، الجزيرة وأخواتها القطرية هى من احتفت بفيديوهات المظاهرات غير المسؤولة. واضح أن السلطات تتعامل بصبر مع مثل هذه الهستيريا، لكن الأمر بحاجة الى الفصل بين من يتعامل بخوف وارتباك وعدم وعى، ومن يتعمد إثارة الفزع، هذا وقت طوارئ بمواجهة خطر واضح يهدد الجميع، ومن يخالف لا يضر نفسه ولكن يضر البلد كلها.
نفس الأمر فيما يتعلق بما صدره بعض العائدين من الخارج، وبث حى يتجاوز الشكوى إلى تعمد الإساءة، الدولة سعت لإعادة 121 ألفا عالقين حول العالم وطلبت عزلهم حماية لهم ولأسرهم، بدا بعضهم متجاوزا ومزايدا ومدعيا. نقول البعض، لأن هناك كثيرين نشروا شهادات بما حدث من دون مزايدة أو ادعاء، وبعض هؤلاء لديهم تاريخ غير مريح من الادعاء والمزايدة والجهل، ومن حسن الحظ أن أدوات التواصل كانت وسيلة لكشفهم، خاصة أن قناة الجزيرة وتوابعها تبدو كأنها تنتظر مثل هذه الاستعراضات لتمارس غل وكراهية لا تناسب خطر فيروس يضرب العالم، ونظن أن الحكومة وإدارة الأزمة تتم بأكبر قدر من الصبر والمرونة، وربما تكون هناك حاجة لقرارات أشد وردع يحاصر فيروسات أخطر من كورونا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة