فى تصورى أن ملايين المشاهدين فى مصر وخارجها الذين يتابعون بشغف مسلسل " الاختيار" على شاشات الفضائيات المصرية ويستعيدون معه ذاكرة قد دهستها فى السنوات التسع الأخيرة كثيرا من الأحداث المهولة فى تاريخ مصر والمنطقة..يشغلهم ذات السؤال الذى طرحته على نفسى وانا أتابع كل مشهد من مشاهد هذا المسلسل الكاشف لأمور كثيرة قد غابت عن ذهن الكثيريين وتحتاج الى مزيد من التفسير والتحليل والعمق فى التناول..فاذا كان كل مشهد فى هذا العمل الدرامى الذى يجسد معانى التضحية والفداء والانتماء ويكشف صور الخيانة والخسة والتآمر، فاضحا لمؤامرة كبرى ضد مصر والامة العربية ليس فقط مع اندلاع ما يسمى بثورات الربيع العربى وانما مراحل التمهيد قبلها لتفكيك وتمزيق الوطن وباتفاق بين كل " طيور الظلام" ودول الشر فى المنطقة وخارجها.. فلماذا لا يتحول المسلسل الى عمل درامى ملحمى يوثق ويؤصل سياسيا واجتماعيا وعسكريا لأبعاد المؤامرة الكبرى التى كادت أن تتحقق لولا ثورة الشعب المصرى بدعم من جيشه فى 30 يونيو2013. فخطوط المؤامرة وتمويلها لم تبدأ مع أحداث تونس أو سوريا أو مصر أو ليبيا وانما قبلها بسنوات لاسقاط النظم الوطنية الحاكمة وجيوشها وتصعيد " دولة الخلافة" والمشروع الارهابى بمكوناته وتم رصد مليارات الدولارات للتنظيمات والحركات الارهابية فى المنطقة التى لم تنشأ من الفراغ وانما بتخطيط محكم ومدبر فى العراق وسوريا تمهيدا لانتقاله الى مصر"الجائزة الكبرى " ..فنشأت " داعش" والنصرة" و"الجيش الحر" وغيرها تكن هناك أزمة فى التمويل والتسليح أو حتى الحماية السياسية سواء من دول اقليمية مثل قطر وتركيا أو دول كبرى مثل الولايات المتحدة الأميريكة فى عهد أوباما والذى كان يهمها اشعال الصراع المذهبى وادخال المنطقة فى صراعات دينية وتقسيمها على هذا الاساس
مشهد واحد أو مشهدين على الأكثر فى مسلسل " الاختيار" يفضح كل هذا المخطط ..فعندما يلتقى الارهابى هشام العشماوى بعد أن خرج من مصر الى سوريا عبر تركيا ويدور الحوار مع أمير تنظيم النصرة"أبو مصعب" حول السلاح والعتاد المتوفر والمصالح المشتركة مع تركيا لتدمير سوريا وجيشها ثم الحوار حول مصر التى كان يقومون بكل هذا التخريب فى سوريا تمهيدا لاسقاط مصر بعد الصعود الغريب والمفاجئ لجماعة الاخوان الارهابية لسدة الحكم فى مصر فى مرحلة تاريخية استثنائية نادرا ما تتكرر فى تاريخ مصر والمصريين ..ثم الحوار مع ممثل زعيم تنظيم "داعش" ابو بكر البغدادى" عن حاجة التنظيم للعشماوى وأفراد من المرتزقة الارهابيين فى مصر فى محاولة لدعم التنظيم الاخوانى الارهابى الذى سقط تحت اقدام ملايين الشعب المصرى فى 30 يونيو.
مشهدان سريعان جدا ..لكنهما كاشفان وفاضحان بوضوح لا لبس فيه لأبعاد المؤامرة وأطرافها من الدوحة الى انقرة وصولا الى واشنطن وبالتنسيق مع أجهزة مخابرات دول كبرى آخرى...وكيف كانت التدابير تتم والتنسيق على أعلى مستوى بين جماعة الاخوان وومثلها فى القاهرة محمد مرسى والدوحة بتواصلها مع كافة رؤوس الارهاب فى المنطقة وبالغطاء السياسى والمالى والعسكرى من باقى الأطراف.. وهذا ما فضحته وكشفت عنه دراسة مهمة للغاية أصدرتها لجنة البحوث في المركز العربي الأوروبي لمكافحة التطرف في باريس، تحت عنوان "قطر: الكتاب الأسود". وعرضت الدراسة التي أعدها فريق من الباحثين، تحليلاً لدور دولة قطر في دعم الإرهاب، مظهرة التعاون الكبير الذي يجمع قادة قطر بتنظيم الإخوان الإرهابي.. حتى قبل 2011
لقد فات المسلسل أن يمر ولو أرشيفيا على واحد من أخطر المحطات فى " المؤامرة الكبرى" وهو المؤتمر الذى عقد فى الصالة المغطاه باستاد القاهرة يوم 15 يونيو 2013" تحت عنوان " مؤتمر الأمة المصرية لدعم سوريا" بحضور رؤوس الفتنة ومشايخ الشر والارهاب فى حضور رئيس الجماعة محمد مرسى. وهو المؤتمر الذى شهد اخطر القرارات التى أرادت الجماعة فى اطار التنسيق الأشمل والأعم مع باقى التنظيمات الارهابية فى المنطقة توريط الجيش المصرى من خلالها بالتدخل فى سوريا وتدريب الارهابيين داخل الاراضى السورية..هذا المؤتمر الى قسم الأمة الى مسلمين وكفرة، سنة وشيعة، وضم عتاه الارهابيين على ارض مصر من المطلوبين، كل رموز وانصار التطرف والعنف والارهاب اجتمعوا فى هذه الليلة وردد وراءهم مرسى شعارات الفرقة والتقسيم والتمزيق بين ابناء الأمة الواحدة..التى كانت على موعدها مع القدر بعدها باسبوعين فقط فى 30 يونيو..