ألغى فيروس كورونا احتفال الأزهر الشريف، بتأسيس الجامع الأزهر والذى يوافق اليوم 7 رمضان من العام الهجرى 1441، ذكرى تأسيسه 1080 عام، حيث كانت مشيخة الأزهر تقيم الاحتفالات المختلفة فى هذا اليوم ولكن نظراً للظروف التى يمر بها العالم فقد ألغيت الاحتفالات وذلك مع استمرار غلق الجامع الازهر.
الجامع الأزهر (359~361 هجرية)/ (970~975 م)، هو أهم المساجد في مصر وأشهرها في العالم الإسلامي، وهو جامع وجامعة منذ أكثر من ألف عام، بالرغم من أنه أنشئ لغرض نشر المذهب الشيعي عندما تم فتح مصر على يد جوهر الصقلي قائد المعز لدين الله أول الخلفاء الفاطميين بمصر، إلا أنه حاليا يدرس الإسلام حسب المذهب السني، وبعدما أسس مدينة القاهرة شرع في إنشاء الجامع الأزهر وأتمه وأقيمت فيه أول صلاة جمعة في 7 رمضان 361 هـ - 972م، فهو بذلك أول جامع أنشى في مدينة القاهرة وهو أقدم أثر فاطمى قائم بمصر، وقد اختلف المؤرخون في أصل تسمية هذا الجامع، والراجح أن الفاطميين سموه بالأزهر تيمنا بفاطمة الزهراء بنت الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - وإشادة بذكراها.
ويعد العصر المملوكي من أزهى وأفضل العصور التي عاشها الأزهر الشريف، حيث تسابق حكام المماليك في الاهتمام بالأزهر طلابًا وشيوخًا وعمارةً وتوسعوا فى الإنفاق عليه والاهتمام بل والإضافة إلى بنيته المعمارية.
وأما في العصر العثماني فقد أبدى سلاطين آل عثمان احتراما كبيرا للمسجد وأهله بالرغم من مقاومته لهم ووقوفه مع المماليك خلال حربهم مع العثمانيين، إلا أن هذا الاحترام لم يترجم عمليا فى صورة الرعاية والاهتمام بعمارته أو الإنفاق على شيوخه وطلابه.
إلا أن الجامع خلال تلك الفترة قد أصبح المكان الأفضل لدى عموم المصريين والأولى بتلقي العلوم والتفقه في الدين من خلاله وأصبح مركزا لأكبر تجمع لعلماء مصر كما بدأ في تدريس بعض علوم الفلسفة والمنطق لأول مرة.
وخلال الحملة الفرنسية على مصر كان الأزهر، مركزا للمقاومة وفى رحابه خطط علمائه لثورة القاهرة الأولى وتنادوا اليها، وتحملوا ويلاتها وامتهنت حرمته، وفى أعقاب ثورة القاهرة الثانية تعرض كبار علماء الأزهر لأقسى أنواع التعذيب والألم، وفرضت عليهم الغرامات الفادحة، وبيعت ممتلكاتهم وحلي زوجاتهم الذهبية استيفاء لها، وعقب مقتل كليبر فجع الأزهر فى بعض طلبته وفي مقدمتهم سليمان الحلبي، وبينما كان الاحتلال الفرنسي يلفظ أنفاسه الأخيرة حتى صدرت الأوامر باعتقال شيخ الأزهر الشيخ عبد الله الشرقاوي، وهكذا ظلت تخيم أزمة عدم الثقة بين الأزهر وسلطات الاحتلال الفرنسي حتى آخر أيامه ورحيله عن البلاد.
وبعد انسحاب الفرنسيين من البلاد عيّن محمد علي باشا نفسه والياً على مصر استجابة للشعب، ويعدّ مؤسس الأسرة العلوية التي حكمت مصر من 1805 إلى عام 1952، وسعى إلى توطيد حكمه من خلال التقرّب إلى علماء الأزهر، وسار على نهجه أبناؤه وأحفاده، والذي كان آخرهم الملك فاروق الذي تنازل عن العرش الملكي بسبب ثورة 1952، وفي أعقاب ذلك وفي عام 1961 ووفقاً للقانون الصادر في نفس العام تمّ إعلان قيام جامعة الأزهر رسمياً وإنشاء العديد من الكليات.
ومن أشهر العلماء الذين ارتبطت أسماؤهم بالأزهر: ابن خلدون، وابن حجر العسقلاني، والسخاوي، وابن تغري بردي، والقلقشندي، وغيرهم من العلماء.
ولازال الجامع إلى اليوم قائما شامخا تتحدى مآذنه الزمان وتطاول هامات علمائه السحاب، لا يلين لمعتد، ولا ينحني لمتجبر، صادعا بالحق داعيا إليه ما بقيت جدرانه ومآذنه.