الفتوى لها أهمية كبيرة فى دنيا الناس، و الفتوى الشرعية من أهم الأمور التى ينبغى أن تراعى فى ديننا الحنيف، فهى التى تبين حقيقة مسار أفعال البشر وتحدد طرائق العلاقة التى تكون بينهم وبين الله عز وجل، وخاصة إذا كانت صادرة ممن هو أهل لها، متمرس بها، قادر على تحديد حالة من يستفتيه، وهنا تكمن أهمية العلم الشرعى فى الشخص المستفتى، هكذا يرى الشيخ الدكتور شوقى علام مفتى الديار المصرية، فى كتابه "الفتوى والإفتاء"، ولكن السؤال هنا هل يمكن نقد الفتوى التى ترجع إلى المفتى؟.
يقول الدكتور شوقى علام، إن هناك جملة من الأسباب إذا وجد أحدها يعد مبررًا لنقد الفتوى، ومن ثم ينبغى إعادة النظر فيها حسب الخلل الذى وجد فيها.
الفتوى والإفتاء
واستعرض كتاب "الفتوى والإفتاء" أسباب نقد الفتوى، فأول سبب "صدور الفتوى من غير أهل الاختصاص"، ولقد نبه العلماء إلى خطورة الكلام فى الدين بغير علم، قال الحافظ ابن حجر العسقلانى رحمة الله تعالى :"إذا تكلم المرء فى غير فنه أتى بهذه العجائب"، ومما شاع وظهر فى هذا الزمان كثرة المفتين بغير علم، وتجرؤ العامة على الفتوى من رجال ونساء، وكان على العاقل ألا يتجرأ على الفتوى بغير علم، فلقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتدافعون الفتوى خوفًا من القول على الله بلا علم، بل كان كل واحد منهم يود أن صاحبه كفاه الفتوى.
وأوضح الدكتور شوقى علام، فكان يجب على أصحاب العقول السليمة والفطر المستقيمة الابتعاد عن الفتيا بغير علم، وإحالة الفتوى إلى أهل العلم الذين لهم قدم راسخ فيه، يفتون الناس على علم وبصيرة".
أما السبب الثانى فهو "عدم إدراك المفتى للواقع"، ويقول الدكتور شوقى علام، الحقيقة أن هذا السبب داخل فى سابقة، لأن العالم مهما بلغ من العلم الشرعى وتملك الأدوات وترسخت فيه الملكات العلمية، وعدم معرفة الواقع فإنه حينئذ لا يسمى مفتيا وإن سمى فقيها، فالعلم بالأحكام الشرعية وحده لا يكفى فى التصدر للفتوى.
وعن السبب الثالث هو "عدم مراعاة المفتى لعوامل تغير الأحكام"، فهناك من المنتسبين للعلم من اتقن الفقه وجمد عليه لكنه جهل الفتوى وأحكامها وضوابطها، والتى منها مراعاتها لعوامل تغير الأحكام (الزمان والمكان والأشخاص والأحوال)، ويؤكد الدكتور شوقى علام، على المفتى أن يرعى الزمان والمكان والأحوال قبل إصدار فتواه، إذ قد يكون الحكم مبنيًا على معنى معين ثم يتغير ذلك المعنى فيتغير مع الحكم.
ويأتى السبب الرابع، "تعصب من تصدر للفتوى للانتماء المذهبى أو الفكرى أو السياسى"، ويشر كتاب "الفتوى والإفتاء"، إلى أن التعصب فى الفتوى هو أن يكون المفتى وافر العقل عالمًا بقبح ما يعتقده، ومع ذلك يعاند الحق ويكابره، والتعصب من مسقطات العدالة، وليعلم المفتى أن الفتوى حرمة، ولها ضوابط يلزمه عدم مخالفتها أو الخروج عنها.
والسبب الخامس لنقد فتوى المفتى، هى "فسق المفتى"، وأوضح هنا كتاب "الفتوى والإفتاء" ما يجب على المفتى أن يتحلى به، فيقول "يلزم على المفتى أن يتحلى بآداب العلماء وأن يبتعد عن كل ما يخل به.
ويقول الدكتور شوقى علام، ان السبب السادس لنقد فتوى المفتى، هو "الجنون وما يأخذ حكمه"، موضحًا إذا طرأ على المتأهل للفتوى ـ وكان متلبسًا بها ـ جنون أو ما شابه مما يخل بعملية الفتوى التى تحتاج إلى ذهن ثاقب وفكر رصين، فعلى ولى المر حجبه وستره، لئلا تنتهك حرمته، فإن تصدر مع هذا العرض ردت فتواه إذا خالفت أصول الفتوى وضوابطها.
وعن السبب السابع والأخير، فأشار كتاب "الفتوى والإفتاء" إلى أن "كثرة أخطائه العلمية وشذوذاته"، وهذا الأمر إن صدر من متأهل للفتوى ـ والغالب أنها لا تصدر إلا من حبى الشهرة ـ من قبيل (خالف تعرف) ، فهنا يجب على ولى الأمر منعهم، شأنهم فى ذلك شأن غير المتخصصين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة