هل انتصرت أفريقيا على كورونا؟..دراسة تكشف إجراءات القارة السمراء ضد الوباء

السبت، 04 أبريل 2020 09:53 ص
هل انتصرت أفريقيا على كورونا؟..دراسة تكشف إجراءات القارة السمراء ضد الوباء كورونا
كتب:محمد إسماعيل

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تعرضت دراسة حديثة صادرة عن المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، للآليات التى اتبعتها الدول الإفريقية فى مواجهة فيروس كورونا، حيث تعد البلدان الأفريقية هى الأقل فى معدلات انتشار الفيروس المستجد حول العالم.

 

وقالت الدراسة إنه على الرغم من أن القارة الإفريقية كانت أبطأ في الشعور بتأثير وباء “كوفيد-19” أو “كورونا المستجد” من آسيا أو أوروبا، إلا أنها سجلت حتى يوم الخميس الموافق 26 مارس 2020 انتشار الفيروس في 46 دولة إفريقية أبلغت عن حوالي 3182 حالة إصابة مع 79 حالة وفاة محققة حتى الآن. وقد استحوذت 5 دول فقط على أكثر من 75% من إجمالي الإصابات في القارة الإفريقية، وحوالي 80% من الوفيات على النحو التالي: جنوب إفريقيا، مصر ، الجزائر ، تونس  المغرب  بوركينافاسو ، وفقًا لتقديرات المركز الإفريقي لمكافحة الأمراض “Africa CDC” ومنظمة الصحة العالمية.

 

وتبدو هذه الأرقام قليلة وغير مخيفة إذا ما قورنت بحجم الإصابات المنتشرة في باقي العالم، لكنها تبدو مفزعة إذا ما علمنا أن عدد الإصابات كان قبل نحو أسبوعين حوالي 147 حالة فقط في القارة. هذا التضاعف الكبير للأعداد، بالإضافة إلى مجموعة من الظروف والتحديات الاقتصادية والجغرافية والسياسية والأمنية التي تختص بها إفريقيا؛ قد تجعل الأمور أسوأ مما تبدو عليه.

 

وأمام هذا الخطر المحقق تعددت استجابات الحكومات الإفريقية والمنظمات الإقليمية والدولية لتفشي وباء “كورونا”، في ظل الآثار الاقتصادية السلبية المحتملة على القارة من انتشاره، بالإضافة إلى تعدد التحديات التي تواجه الدول الإفريقية في مجابهة الوباء.

 

أولًا- استجابة الحكومات والمنظمات الإفريقية والدولية

 

جرت عملية استجابة واسعة المدى لمجابهة انتشار فيروس كورونا، تضمنت بذل جهود على مستوى الحكومات الإفريقية والمنظمات الإقليمية والقارية الإفريقية، بالإضافة إلى جهود منظمة الصحة العالمية مع الدول الإفريقية. وفيما يلي بيان بأهم تلك الجهود.

 

1- استجابة حكومات الدول الإفريقية

 

وصل فيروس كورونا القارة الإفريقية متأخرًا عن أوروبا وآسيا وأمريكا، مما منح فرصة -إلى حد ما- أمام الدول الإفريقية لاتّباع استراتيجية استباقية من خلال اتخاذ بعض التدابير الاحترازية للحد من انتشار الفيروس القادم من الخارج. واشتملت هذه التدابير على مجموعة من الإجراءات طبقتها كل الدول الإفريقية تقريبًا بشكل جزئي أو كلي. وتمثلت أبرز تلك الإجراءات في: فحص القادمين من الدول المصابة، واحتجازهم لحين مرور فترة حضانة الفيروس، ومنع التجمعات، وإغلاق الحدود، وتعطيل الدراسة بالمدارس والجامعات، ووقف رحلات الطيران، بالإضافة إلى مجموعة من الإجراءات الاقتصادية لتخفيف أثر هذه الأزمة على المواطنين وأصحاب الأعمال، فضلًا عن الاهتمام بالتوعية الصحية المقدمة للجمهور لتجنُّب الإصابة بالفيروس، وتوفير وسائل تواصل إلكترونية لتقديم المعلومات الصحيحة والخدمات، وفتح مراكز للحجر الصحي للحالات المشتبه بها.

 

وقد قام عددٌ من الدول الإفريقية بإجلاء مواطنيها من مدينة ووهان الصينية، ومنهم: مصر، والمغرب، والجزائر، والسودان، وفرضت أوغندا الحجر المنزلي على القادمين من خارج البلاد، وأرسلت مساعدات مالية لطلابها في الخارج. كما أعلنت جنوب إفريقيا حالة كارثة وطنية، وأغلقت نصف حدودها. وأغلقت ليبيا مجالها الجوي. وفي بوركينافاسو أغلقت الحكومة المدارس والجامعات، وحظرت التجمعات العامة، لكنها لم تُطبّق الإجراءات على التجمعات الدينية، التي كانت مصدرًا لانتشار العدوى.

 

2- استجابة المنظمات الإفريقية القارية والإقليمية

 

على المستوى القاري، حرص الاتحاد الإفريقي منذ الإعلان عن ظهور وباء كورونا على بلورة ما يُسمى بـ”الاستراتيجية القارية الإفريقية المشتركة لكوفيد-19″ (AFTCOR)، وواصل الاتحاد الإفريقي تبادل المعلومات مع الدول الأعضاء من خلال المؤتمرات عن بعد التي تعقدها مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها في إفريقيا، وقام بتوفير منصة لتبادل المعلومات لتحسين النظم الصحية في إفريقيا، حيث قام المركز الإفريقي لمكافحة الأمراض “Africa CDC” التابع للاتحاد الإفريقي، بإنشاء فريق العمل الإفريقي لمكافحة فيروسات كورونا (AFCOR)، بهدف تبادل المعلومات حول أحدث المستجدات وأفضل الممارسات، والمساعدة في بناء القدرات التقنية، ودعم القرارات السياسية، وتنسيق الكشف المبكر ومراقبة الحدود، بالإضافة إلى قيام مركز إفريقيا لمكافحة الأمراض بتدريب ممثلي الدول الأعضاء على الاختبارات المعملية للفيروس التاجي، فضلًا عن العمل على تقديم إرشادات شاملة بشأن التحكم في “كوفيد-19” وتعبئة المزيد من الموارد لدعم الاستعداد والاستجابة في القارة من خلال الحصول على الكواشف اللازمة لاختبار الفيروس بسرعة، وذلك بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية والدول الأعضاء والشركاء الدوليين.

 

3- جهود منظمة الصحة العالمية مع الدول الإفريقية

 

حتى بداية فبراير، لم يكن هناك سوى دولتين فقط في إفريقيا جنوب الصحراء لديهما القدرة على اختبار الفيروس التاجي الجديد، هما السنغال وجنوب إفريقيا، الأمر الذي دفع منظمة الصحة العالمية بالتنسيق مع المركز الإفريقي لمكافحة الأمراض إلى مساعدة 43 دولة أخرى في إنشاء أو زيادة مختبراتها الوطنية، ومدها بوسائل الاختبار، وتدريب فنيي المختبرات بها حتى تتمكن من اختبار فيروس كورونا المستجد، بالإضافة إلى تدريب العاملين الصحيين على فرق الاستجابة السريعة وتتبع الاتصال. كما تساعد منظمة الصحة العالمية السلطات المحلية على صياغة الرسائل الإذاعية والبث التليفزيوني لإعلام الجمهور بمخاطر فيروس “كوفيد-19” وما هي التدابير التي ينبغي اتخاذها، فضلًا عن دور المنظمة في إدارة الشائعات في جميع البلدان المتأثرة بالفيروس المستجد، والقيام بتوجيه ودعم حكومات الدول بشأن إنشاء مراكز الاتصال ووسائل التواصل الإلكترونية والخطوط الساخنة حتى تتمكن السلطات الصحية الوطنية من فهم تفشي المرض في بلدانها بشكل أفضل، وضمان إعلام الجمهور بالمستجدات. وتم شحن معدات الوقاية الشخصية إلى 24 دولة، ويجري إعداد شحنة ثانية لباقي الدول التي تم تأكيد حالات بها.

 

ثانيًا- الآثار الاقتصادية المحتملة على القارة الإفريقية

 

قبل ظهور فيروس كورونا المستجد، كان صندوق النقد الدولي يتوقع أن تحتوي إفريقيا على ستة من أسرع 10 اقتصادات نموًّا في العالم في عام 2020، وهو أمر مهم بالنسبة لقارة تضم أكبر عدد من الفقراء في العالم يقدر بأكثر من 400 مليون نسمة. ويبدو أن انتشار فيروس “كورونا” سيؤدي إلى مزيد من المعاناة والفقر وانعدام الأمن الغذائي للقارة المثقلة أصلًا بالأعباء. فوفقًا لتقديرات الأمم المتحدة، خسرت الدول الإفريقية منذ ظهور الفيروس المستجد وحتى بداية مارس 2020 ما يقدر بنحو 29 مليار دولار، وهو ما يساوي تقريبًا الناتج المحلي الإجمالي لدولة أوغندا.

 

كما تنبأت اللجنة الاقتصادية لإفريقيا التابعة للأمم المتحدة في تقريرها الصادر مطلع شهر مارس الجاري، بأن الفيروسات التاجية ستؤدي إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي لإفريقيا البالغ 2.1 تريليون دولار بنحو 1.4%، بسبب التعطيل الواسع النطاق للأعمال في القارة وفي جميع أنحاء العالم، كما يتوقع التقرير أن النمو الاقتصادي للقارة من المرجّح أن ينخفض من 3.2% في فبراير إلى 1.8% في مارس، مع احتمال أن يتفاقم الوضع في الأشهر المقبلة مع إبلاغ المزيد من الدول عن إصابات بالفيروس التاجي داخل حدودها. كما توقعت الأمم المتحدة أن تحتاج القارة الإفريقية إلى أكثر من 100 مليار دولار في مواجهة انتشار الفيروس.

 

فضلًا عن ذلك، هناك مجموعة من الآليات غير المباشرة التي من المتوقع أن يتم التأثير على اقتصادات القارة الإفريقية من خلالها، أبرزها:

 

1- التجارة مع العالم خارجي

 

تُعد الصين والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والهند أكبر الشركاء التجاريين للقارة الإفريقية، وهي ذاتها بؤر تمركز وباء “كوفيد-19″، ومع تأثر اقتصادات تلك الدول سلبًا بنتائج الفيروس المستجد انخفض معدل النمو بها، واتخذت مجموعة من الإجراءات منها إغلاق بعض المصانع والمطاعم والمحلات التجارية، وقيود على الحركة أدت إلى انخفاض الطلب الخارجي على السلع الداخلة في عملية التصنيع، وتوقفه في بعض الحالات، بالإضافة إلى توقف الصادرات. وبالنظر إلى ما تقدم ستواجه القارة الإفريقية صدمة مزدوجة نتيجة انخفاض الطلب على سلعها في الخارج مما يعني انخفاض الصادرات الإفريقية، بالإضافة إلى انخفاض الواردات مع أكبر الشركاء التجاريين للقارة.

 

2- تعطيل الأعمال وخفض الاستثمارات

 

نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول الإفريقية للحد من انتشار الفيروس تعطلت العديد من الأعمال، مثل المطاعم والمقاهي والمولات ودور السينما وغيرها، وبالتالي سيؤثر ذلك سلبًا على حصيلة إيرادات الدولة التي ستنخفض، بالإضافة إلى زيادة معدل البطالة لدى العمال الذين تم تسريحهم من هذه الأعمال، فضلًا عن انخفاض تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، وعدم استقرار الأسواق المالية.

 

3- انخفاض عائدات النفط، وارتفاع حجم الديون

 

تُقدر اللجنة الاقتصادية لإفريقيا أن “كوفيد-19” يمكن أن يؤدي إلى انخفاض عائدات الصادرات الإفريقية من الوقود إلى خسارة الدول المصدرة للنفط في القارة لما يزيد عن 100 مليار دولار أمريكي في عام 2020، حيث يتضاءل الطلب على الوقود بسبب الإغلاق الاقتصادي. ومن الممكن أن تؤدي خسائر الإيرادات إلى ارتفاع حجم الديون بشكل لا يمكن للحكومات الإفريقية تحمله، حيث يقترب الدين الحكومي في كثير من الدول الإفريقية من متوسط 60٪ من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2019.

 

4- توقف قطاع السياحة

 

يعمل في قطاع السياحة الإفريقية حوالي 50 مليون عامل، وهم معرَّضون لفقد وظائفهم إذا استمرت الأزمة، وفقًا لتقرير مجلس السفر والسياحة العالمي (WTTC)، كما سجَّلت شركات الطيران الإفريقية منذ ظهور الأزمة خسارة تصل إلى 4,4 مليارات دولار في الإيرادات، نتيجة انخفاض الحجوزات الدولية إلى إفريقيا. ومع غلق المجال الجوي للدول الإفريقية من المتوقع أن تتضاعف هذه الخسائر.

 

5- توقف العمل في مشروعات البنية التحتية

 

في الوقت نفسه، ستواجه مشاريع البنية التحتية التي تتولى تنفيذها الصين في إفريقيا اضطرابات، حيث يعمل في هذه المشاريع بالإضافة إلى العمالة المحلية، عمالة صينية. وفي ظل تقييد تدفق الأشخاص عبر الحدود، سيكون الأمر صعبًا، ولكن المشكلة الأكبر هي أن سلاسل التوريد للمدخلات الرئيسية معطلة إلى حد كبير، مما يجعل من الصعب العثور على المدخلات والمعدات والآلات الرئيسية اللازمة لاستكمال العمل. وحتى إذا عملت الموانئ الصينية، وتم نقل المعدات اللازمة فسيكون ذلك عند مستويات منخفضة جدًّا، وهو ما قد يخلق تأخيرات مكلفة.

 

ثالثًا- التحديات أمام احتواء كورونا في إفريقيا

 

تبرز مجموعة من التحديات أمام دول القارة الإفريقية في سبيلها لاحتواء انتشار فيروس “كوفيد-19″، وتتمثل أبرز تلك التحديات في:

 

1- ضعف النظم الصحية

 

إلى جانب التكاليف الاقتصادية، سيتعين على إفريقيا تحمل تكاليف كبيرة في التعامل مع تفشي COVID-19، من خلال توفير التمويل اللازم لتوفير البنية التحتية الطبية اللازمة، بما في ذلك الكثير من المعدات الطبية ومعدات السلامة. ويكمن الخطر الرئيسي لإفريقيا خلال جائحة “كوفيد-19” في ضعف النظم الصحية المرهقة بالفعل من جراء الأوبئة المستوطنة في القارة، حيث يوجد في كينيا على سبيل المثال -وهي أكبر اقتصاد في شرق إفريقيا- طبيب واحد فقط لكل 5000 مواطن، ويصل عدد الأسرّة في غالبية دول إفريقيا جنوب الصحراء إلى أقل من 10 أسرّة لكل 10 آلاف شخص. وبالتالي فإن تفشي جائحة جديدة في إفريقيا يمكن أن يشل أنظمة الرعاية الصحية في القارة، وقد يكون من الصعب احتواء ذلك، في حين أن الدول المانحة الأجنبية التي تساعد القارة تقليديًّا في مثل هذه الأزمات غارقة هي الأخرى في تفشيها.

 

2- انتشار أمراض نقص المناعة

 

يُجادل البعض بأن خطر انتشار الفيروس المستجد سيكون أقل حدة في القارة الإفريقية، نظرًا لأنها قارة شابة، ويبدو أن كبار السن أكثر تعرضًا لـ”كوفيد 19″، ومع ذلك أعلنت منظمة الصحة العالمية أن الأشخاص الذين يعانون من أمراض متوطنة، وأمراض نقص المناعة، هم في خطر أعلى، حيث يعيش في إفريقيا حوالي 26 مليون شخص بفيروس نقص المناعة المكتسب (الإيدز)، كما يشكل المصابون بالمرض من دول إفريقيا جنوب الصحراء 70٪ من المصابين عالميًّا، كما تضم القارة 25٪ من الحالات الجديدة للإصابة بالدرن عالميًّا، ويعاني أكثر من 58 مليون طفل من توقف النمو بسبب سوء التغذية، لذلك لن يشفع للقارة الإفريقية كون معظم سكانها من الشباب، بل من الممكن أن تكون في خطر أكثر من أجزاء أخرى من العالم نظرًا لتردي الأوضاع الصحية لسكانها.

 

3- الظروف المعيشية الصعبة والزيادة السكانية

 

قد يكون من الصعب إدارة تفشي وباء “كوفيد-19” في القارة، فهناك اثنان من إجراءات السلامة الموصى بها من قبل منظمة الصحة العالمية يصعب تطبيقهما في العديد من الدول الإفريقية، هما: التباعد الاجتماعي، وغسل اليدين. ففي قارة يعيش بها أكثر من 400 مليون مواطن تحت خط الفقر، كان من الطبيعي أن تعيش الكثير من العائلات في منازل بالغة الضيق، ولا تحتوي على مياه جارية، لذا فإن احتمالات الالتزام بالتباعد الاجتماعي والنظافة تعد تحديًا في ظل هذه الظروف.

 

4- ضعف البنية التحتية المعلوماتية

 

لا تزال البيانات في السواد الأعظم من الدول الإفريقية تُجمع في النماذج الورقية وليس رقميًّا، مما يُلجئ المواطنين إلى التعامل بشكل مباشر مع مقدمي الخدمات، الأمر الذي يمكن أن يعوق قدرة بعض البلدان على الاستجابة لهذا التفشي بشكل فعال. ومما يفاقم من مشكلة الدول الإفريقية الأهمية الكبيرة لنظام تعقب ورصد حالات الإصابة والحالات المخالطة كأحد العوامل الحاسمة في تتبع بؤر انتشار المرض ومحاصرتها في وقت مبكر، وهو ما لا تتمتع الكثير من الدول الإفريقية بالحد الأدنى من الوسائل المساعدة للقيام بهذه المهمة.

 

5- الصراعات وانتشار الجماعات الإرهابية

 

في ظل حالات النزاع والإرهاب المنتشر في العديد من الدول الإفريقية، يصعب انتقال السكان إلى مراكز الرعاية لاختبار الإصابة بالفيروس، خاصة في المناطق المسيطر عليها من قبل جماعات متطرفة مثل جيش الرب وبوكوحرام وتنظم داعش، فضلًا عن نزوح آلاف السكان من مناطق النزاع وتكدسهم في مخيمات مما يشكل بيئة خصبة لتفشي الفيروس.

 

6- قدوم فصل الشتاء في النصف الجنوبي

 

أفادت بعض الدراسات بأن سرعة انتشار فيروس “كوفيد-19” يرجع بشكل جزئي إلى مسألة المناخ، حيث ينتشر الفيروس بشكل أبطأ عند درجات الحرارة المرتفعة، ونادرًا ما تنخفض درجات الحرارة في معظم البلدان الإفريقية إلى ما دون 15 درجة مئوية، وهو ما يسهل عملية احتوائه، ولكن مع اقتراب فصل الشتاء في النصف الجنوبي من القارة من المتوقع أن يزداد انتشار الفيروس بنحو متسارع، خلال الشهور القادمة.

 

رابعًا- كيف تستطيع إفريقيا الاستفادة من الأزمة؟

 

الطريق ليس مظلمًا تمامًا، فبالإضافة للإجراءات الاحترازية التي تتبعها الدول الإفريقية للتعامل مع الأزمة، هناك بارقة أمل في أن تتعافى القارة الإفريقية جزئيًّا من الآثار المدمرة لفيروس “كوفيد-19″، حيث يعول البعض على إمكانية الاستفادة من الخبرة الإفريقية في التعامل مع الفيروسات القاتلة مثل فيروس الإيبولا الذي تفشى في الفترة (2014-2016) في ثلاث دول بالأساس (غينيا، سيراليون، ليبيريا)، وتسبب في إصابة 286 ألف شخص، مما ساهم في توجيه الضوء العالمي على الأنظمة الصحية لتلك الدول ومحاولة مساعدتها لتخطي الأزمة، مما يعني أن النظم الصحية ليست بالسوء الذي كانت عليه قبل خمس سنوات. ربما لم تتحسن كثيرًا لكن على الأقل لديها خبرة في التعامل مع مثل هذه الأوبئة الفتاكة.

 

بالإضافة لما سبق، هناك فرصة كبرى يمكن للقارة الاستفادة منها لتخفيف خسائرها الاقتصادية، حيث من المقرر أن يبدأ التداول داخل منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية في الاول من يوليو 2020، وفي الوقت الذي يتجه فيه العالم إلى إغلاق حدوده وتقييد تجارته الخارجية تستطيع الدول الإفريقية أن تتجه إلى الداخل لتعزيز التجارة البينية، خاصة في المستحضرات الدوائية والأغذية الأساسية، فيمكن للدول الإفريقية أن تبدأ في تصنيع الأدوية، مما سيؤدي إلى تخفيض أسعارها، ويعزز التجارة بين الدول الإفريقية، بالإضافة إلى دعم الاستثمارات المحلية في مجال الصناعات الدوائية، بل ويساعد أيضًا في ضمان جودة وسلامة الواردات، والمساهمة في الاستدامة المالية مع تزايد فواتير الاستيراد عبر القارة، حيث تنفق إفريقيا 16 مليار دولار أمريكي سنويًّا على الأدوية، وتعتمد بشكل أساسي في استيراده على الصين وأوروبا وآسيا، وهي دول تتأثر بشدة بجائحة “كوفيد-19” الحالية، مما يعطي فرصة أمام الدول الإفريقية القادرة على تصنيع الأدوية للنفاذ إلى الأسواق الإفريقية.

 

كما أن ما يزيد قليلًا عن اثنتي عشرة دولة إفريقية بما في ذلك جنوب إفريقيا وغانا وكوت ديفوار هي مصدر صافٍ للغذاء، لكنها لا تبيع إلى حد كبير منتجاتها داخل القارة، بينما تستورد العديد من الدول الإفريقية الأخرى المواد الغذائية مثل القمح والأرز والأسماك من دول خارجية، وهو ما يوفر فرصة لتبادل السلع الغذائية بين الدول الإفريقية بعضها البعض.

 

 

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة