استعاد العالم كثير من ذكريات الماضى خلال الآونة الأخيرة بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19"، فنجد مشاعر وروح التضامن تنتشر فى المجتمعات المختلفة، وآخرون يستعيدون بعد عادات الحروب فى الماضى، ومن بين ما أعادته الأزمة الحالية لنا اليوم من زمن الأجداد، ظاهرة جميلة افتقدها الدنماركيون منذ الحرب العالمية الثانية، وهى الغناء المشترك، فى مواجهة الأزمات.
وفى هذا الصدد، أوضح الإعلامى المقيم فى كوبنهاجن، وائل عمايرى لـ"سكاى نيوز عربية"، أن "الشعب الدنماركى يتمتع بتقليد فريد فى الغناء المشترك، ولاسيما فى أوقات الأزمات"، وأضاف: "خلال الحرب العالمية الثانية انتتشرت ثقافة "أغنية المجتمع" أو ما يسمى الغناء المشترك السريع، إذ شارك فى سبتمبر 1940 ما يصل إلى 700 ألف مواطن بالغناء، مما أظهر الوحدة والشعور الوطنى ضد الاحتلال النازى".
وانطلقت شرارة الفكرة أولا فى مدينة ألبورج فى 4 يوليو 1940، بمشاركة ما يقرب من 1500 شخص، قبل أن تتوسع لتشمل مئات الآلاف فى مختلف أنحاء البلاد، والدعوة التى أطلقها التلفزيون الدنماركى، حثت المواطنين مجددا على إحياء موروث "غناء المجتمع"، بعد أن نشر التلفزيون على موقعه الرسمى شعار مفاده: "شارك فى الغناء كما شارك أجدادك وأجدادى".
وكانت فرقة الروك الدنماركية Dodo والمغنى الشهير مايكل فالش، قد لبيا دعوة إدارة المحطة الدنماركية DR الجمعة الماضى للغناء كجزء من الدعم المعنوى وإظهار التكاتف فى ظل الواقع الاجتماعى المنعزل الذى فرضته أزمة وباء "كوفيد-19" على معظم دول العالم ومن بينها الدنمارك.
وبث برنامج "الأغنية المشتركة - وبشكل منفصل" يوم الجمعة الماضى، لينضم إليه الدنماركيين من مختلف الأعمار ومن جميع أنحاء البلاد وهم قابعون فى منازلهم، لينجح فى جمع العديد من العائلات معًا أمام الشاشة والغناء بتفاؤل، ومن المقرر أن تستمر هذه الفعالية يوم الجمعة المقبل 10 أبريل وخاصة بعد ما لاقاه الجزء الأول من نجاح واستحسان كبيرين.
وفى بادرة لطيفة شاركت رئيسة الوزارء مته فريدريكسن، فى "غناء المجتمع" من مطبخها برفقة ابنتها عندما تم عرض البرنامج على المحطة الدنماركية، وأدت فريدريكسن أغنية محلية من ثمانينات القرن الماضى بعنوان "الاستيقاظ فى المساء"، وهى أغنية متأصلة فى ذاكرة الغناء الدنماركى منذ ظهورها عام 1987.
وشارك العديد من الموسيقيين المشهورين فى ليلة الجمعة، من بينهم المغنية الدنماركية بيرنيل روزيندهل، إذ أدت أغنيات قديمة لفرقة جازولين، كما غنى الفنان الدنماركى الشاب دافين استيلوند نيلسن مع أخته الصغيرة من منزله فى مدينة داويور، وذلك بالإضافة إلى المغنى مايكل فالش والفنان تورين، لتختتم الليلة بالأغنية التى أدتها فرقة دودو وشاركت فيها رئيسة الوزراء.