فيروس كورونا يمثل مثل غيره من الأوبئة تهديدا لحياة ملايين البشر، وخلال اقل من شهرين تحول هذا الكائن غير المرئي إلى رعب متنقل، ضرب اقتصاديات العالم وهزم الاستعدادات الصحية لدول كبرى ومتوسطة. واجبر فيروس كورونا آلاف المصانع عبر العالم على التوقف، كما حبس مئات الملايين من البشر في منازلهم، الأمر الذي خفض من حركة النقل العام والخاص، وتراجع الانبعاث الحراري في العالم. وبدا غلاف الأوزون حول الأرض فى التعافي .
ولاحظ علماء البيئة انخفاضا كبيرا في انبعاثات الغازات الضارة، وبقدر ما كان فيروس كورونا قادرا على إثارة الرعب وتهديد البشر، ساهم بشكل غير مباشر في حماية أرواح آلاف البشر والحيوانات، و أن تلتقط الطبيعة أنفاسها، بشكل عجزت كل المنظمات والمؤسسات البيئية في العالم عن فعله.
فى مدينة البندقية الايطالية، والتى تعتبر المدينة الأولى فى أوروبا التى طبقت نظام الحجر الصحي بسبب كورونا، ظهرت نتائج إيجابية على البيئة ظهرت مياه قنوات المدينة نقية وشفافة، وظهرت الأسماك الصغيرة والبجع والدلافين فى القنوات واعلنت وكالة الفضاء الأوروبية ان نسبة التلوث انخفضت فى إيطاليا بعد الحجر الصحى.
وفى الصين أفادت وزارة البيئة الصينية، بأن مستوى تلوث الهواء تراجع مع اجراءات الحظر بنسبة 21.5٪ مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضى.
وأظهرت صور الأقمار الصناعية الصادرة عن وكالة ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية انخفاضًا حادًا في انبعاثات ثاني أكسيد النيتروجين وغياب غيوم الغاز والغبار فوق الصين، وساهم انخفاض إنتاج النفط والصلب، والرحلات الداخلية بنسبة 70٪ في خفض الانبعاثات. كما تحسنت نوعية الهواء في هونج كونج المجاورة.
ومن المتوقع أن يحقق نظام الحجر الصحى، فى عدد من دول العالم في تحقيق تحسنًا مماثلًا فى البيئة ، وأفادت دراسة حديثة بأن طبقة الأوزون التى عانت كثيرا وتاكلت بسبب الاستخدام البشرى لمركبات الكربون الكلورية الفلورية مستمرة في التعافي . وبحسب مجلة Nature العلمية، أظهرت علامة على نجاح نادر فى مواجهة الضرر البيئى . ومعروف ان طبقة الأوزون هى درع واقٍ فى الغلاف الجوى الطبقى للأرض (الستراتوسفير) تمتص معظم الأشعة فوق البنفسجية التى تصل إلينا من الشمس، وبدونها، يستحيل استمرار حياة الكائنات الحية.
ووسط الرعب الذي اجتاح العالم، وحجم الخسائر البشرية والاقتصادية، خلق الفيروس أنواعا من التحدي. لعل أهمها الآثار الإيجابية على البيئة والهواء،
وقد كان لتخفيض حجم العمل والتنقل خلال الفترة الصعبة لانتقال فيروس كورونا تأثيرا على البيئة والهواء والمياه في العالم، حيث أدى توقف الأنشطة الصناعية، كما أن حجز مئات الملايين في منازلهم، خفف من استهلاك الوقود، الأمر الذى أثر على البيئة والانبعاث الحرارى بدرجة يتوقع العلماء أن يكون لها تأثيرات هائلة.
وقالت صحيفة لوباريزيان الفرنسية إن تلوث الهواء في الصين انخفض بشكل ملحوظ، وأرجعه الخبراء إلى تباطؤ النشاط الصناعي والقيود الصارمة على حركة المرور، بفعل تدابير منع انتشار فيروس كورونا، وكشف خرائط "إير فيجوال"، التي تمثل مؤشر لجودة الهواء في العالم أن معدل الجسيمات الدقيقة الملوثة في مدينة شنغهاي بلغ 100 ميكروجرام في المتر المكعب بنهاية فبراير الماضي مقارنة بـ135 ميكروجراما في المتر المكعب في فبراير 2015.وانخفض أيضا ثاني أكسيد النيتروجين في شنغهاي و انبعاثات غازات وحسب خبراء الاقتصاد والبيئة ومنه منهم جان فرانسوا هوشى الخبير ومؤلف كتاب "الأزمة البيئية في الصين" فإن معدلات التلوث "المنخفضة للغاية" ترجع إلى "التباطؤ الاقتصادي" بفعل تدابير مقيدة للقضاء على فيروس كورونا.
وكشفت صور نشرتها وكالة الفضاء الأوروبية الأسبوع الماضي عن تراجع تلوث الهواء في كل المدن الأوروبية، بسبب الحجر الصحي، وأظهرت صور القمر الصناعي سنتينل-5، تراجع متوسط مستويات ثاني أكسيد النيتروجين الضار في مدن أوربا والصين ، .تزامنا مع الإغلاق في الكثير من الدول الأوروبية، التي قيدت النقل على الطرق، وهو أكبر مصدر للنيتروجين، وأبطأت انبعاثات غازات المصانع. وتغيرت كثافة ثاني أكسيد النيتروجين، أحد أخطر مسببات مشاكل الجهاز التنفسي ومسببات السرطان. وكان هذا في أوروبا و الصين، التي يسكنها خمس سكان الأرض.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة