"قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا" هكذا قال الحكيم الرحيم في كتابه الكريم، جاعلا من ليلة النصف من شعبان مناسبة دينية عزيزة على القلوب محببة للشعوب، وفي كل عام في هذا التوقيت يلجأ المسلمون في جميع أرجاء العالم الإسلامي إلى الله بالدعوات لعلهم يصادفون ساعة الاستجابة التي وعدنا بها الله، كما يقيم المسلمون الليل يقرأون القرآن ويقيمون الصلاة احتفالا بتلك المناسبة، وفي كل عام كانت الاحتفالات تزدهر في كل مكان، اللقاءات الدينية تملأ أرجاء مصر، والبيوت بتنعم بما لذ وطاب كعادة المصريين في الاحتفال بالمناسبات الدينية الكبرى مثل عاشوراء والإسراء والمعراج وغرة رمضان وغيرها من مناسبات، لكن للأسف مرت هذه المناسبة الجليلة أمس دون احتفال أو إشارة أو حتى ذكر من مناسب من وسائل الإعلام.
نفس الأمر تكرر مع مناسبة جليلة أيضا مناسبة الإسراء والعراج التي أسرى الله فيها بعبده ورسوله محمد "ص" من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ونفس الأمر الذي حدث مع مناسبة النصف من شعبان حدث أيضا مع مناسبة الإسراء والمعراج، فلا احتفال ولا ندوة ولا لقاء ولا حتى إقامة شعائر، وبالطبع لا اهتمام من وسائل الإعلام، ولم يقتصر الأمر على المناسبات الدينية فحسب، بل امتد أيضا إلى المناسبات الاجتماعية كمناسبة عيد الأم الذي أهيل عليه التراب هذا العام فلم نر أي مظهر من مظاهر الاحتفال بهذا العيد المحبب للأسرة المصرية والذي يتسابق فيه الجميع إلى تقديم الهدايا إلى الأمهات تقديرا لدورهن العظيم في الحياة، ولم نسمع عن عروض أو خصومات على هدايا عيد الأم، ولم تنتعش الحالة التسويقية في المحلات التجارية كما هو معتاد كل عام.
كورونا كورونا كورونا، نعيش من أجل كورونا فحسب، نسمع أخبار كورونا، نتابع تحركات كورونا، نحزن على ضحايا كورونا، نفرح من أجل زيادة عدد المتعافين من كورونا، سؤال الساعة: متى ينتهي هذا الكابوس؟ خبر الساعة هو اكتشاف علاج حقيقي لهذا المرض الذي نشر الرعب وأذاع الغم على الجميع، والتحدي الأكبر الآن هو هل ستطفئ كورونا بهجة شهر رمضان أيضا؟ أم سيتغلب عليها هذا الشهر الكريم؟
حتى الآن من الواضح أن تأثير كورونا فاق التوقعات، وللأسف أفسد أجمل اللحظات التي كان من الممكن أن نعيشها خلال مدة انتشاره، وللأسف أيضا فقد هلت علينا بشائر هذا الانتصار المدوي لفيروس "النكد" بقرار منع صلاة التراويح ومنع التجمعات في موائد الرحمن وغيرها ومن المتوقع أيضا أن تمنع أية خيام رمضانية أو حفلات فنية وثقافية كنا نستمتع بها في هذا الشهر الكريم، كذلك من المتوقع أن تختفي اللقاءات العائلية والعزومات والتجمعات المنزلية، فالجميع خائف من الجميع، والحذر سيد الموقف، وحتى لو انتهت هذه الأزمة وفك كرب الناس سيظل التوجس من الإصابة بالأمراض حاضرا في الأذهان جاعلا الجميع يفكر في أن يفعل الحد الأدنى من الأفعال الضرورية، وأغلب الظن أن رمضان الذي عهدناها سيغيب هذا العام، ومن المرجح أن نعيش هذا العام رمضان مختلف، أقرب ما يكون لرمضان منذ 30 أو 40 عاما قبل انتشار الكهرباء.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة