عندما يتكلم لا يستطيع أحد إيقافه أو مجاراته، لا يقف ساكنًا، يتحرك فى كل الاتجاهات، يداه فى ناحية وراسه بأخرى، جسم مطاطي ينطلق شمالا ويمينًا، يغنى ويرقص ويمثل ويلقى إفيهات فى أن واحد، دخل الفن بشخصيته الحقيقية، واستطاع أن يجد له مكانًا خاصًا به دون مزاحمة من أحد، هو الفنان الكبير محمود شكوكو، الذى تمر ذكرى ميلاده اليوم، ونستعرض نبذة عن حياته ضمن سلسلة "أبيض×أسود" التي ينشرها "اليوم السابع" خلال شهر رمضان .
ويقول كتاب "أبيض وأسود" للكاتب أشرف بيدس، إن محمود شكوكو "1 مايو 1912م/ 21 فبراير 1985م"، نشأ فى حى الدرب الأحمر وهو أحد أعرق الأحياء الشعبية بالقاهرة، اشتد ولعه بالفن منذ الطفولة حينما كان يعمل بورشة النجارة التى يمتلكها والده، كان لديه طموح وثقة بأن الأمور يمكن أن تسير فى اتجاه آخر مع مزيد من الجهد والمعافرة، ولحسن حظه كان بجوار الورشة مقهى يرتاده بعض الفرق الغنائية، فدأب على مراقبتها، وراح يتصيد الفرص ليلفت انتباههم لموهبته.
وأوضح كتاب أبيض وأسود، وفى ذات يوم ينجح فى تقديم فاصل غنائى أمام الحضور بالمقهى ويلقى استحسانهم وإعجابهم، وبدءوا يصحبونه معهم فى الأفراح، واعطوه الفرصة للظهور فى الأفراح على فترات متقطعة فمرة يلقى مونولوجًا وأخرى يقدم فاصلاً من النكات، كما خصصت له الفرقة أجرًا يوميًا مقداره 20 قرشًافى الليلة، وفى يوم خلال تقديمه لفقرته شاهده الفنان على الكسار الذى أعجب بأدائه فأسند إليه مهمة الغناء بين فصول مسرحياته.
وخلال ذلك تلتقطه عيم المخرج نيازى مصطفى عام 1944م ويقدمه فى فيلميين متتالين "حسن وحسن، وشارع محمد على"، وتبدأ العجلة فى الدوران، حيث استطاع أن يفرض نفسه على الوسط الفنى ليقدم العديد من الأفلام الناجحة.
ولفت الكاتب أشرف بيدس، أن شكوكو احتل عرش المنولوج وأصبح أشهر من يقدم هذا الفن خصوصًا بجلبابه وطاقيته الشهيرة التى اعطته طابعا مميزًا، ومن أغانية "الليلة ليلة الأربعين، بحب البلدى، جرحونى وقفلوا الاجزاخانات" وغيرها الكثير، وكون فرقة شاركته فيها ثريا حلمى وسعاد مكاوى، وقدمت أعمالا فى العديد من البلدان العربية والأوروبية، وكتب له كبار المؤلفين مثل بيرم التونسى وفتحى قورة، كما لحن له محمد عبد الوهاب اغنية "يا جارحة القلب بقزازة لماذا الظلم ده لماذا"، كما استعان بفريد الأطرش ومنير مردا فى تلحين منولوجاته التى وصلت لأكثر من 600 أغنية.
حصل محمود شكوكو على جائزة الدولة التقديرية من الرئيس الراحل محمد أنور السادات، نجح شكوك وفى تكوين علاقة طيبة بينه وبين الناس حيث استقى فنه من خلال التعامل اليومى معهم، انجب ثلاثة أبناء "سلطان، منيرة، حمادة".
كما براع شكوك وفى فن الأراجوز الذى كان له الفضل الكبير فى انتشاره، بعدما كان مقصورًا على الموالد الدينية والأحياء الشعبية، وساعد على ترويجه، كما كان يقوم بتصنيع عرائس الأراجوز بنفسه مستغلا مهاراته التى اكتسبها بالعمل فى ورشة والده، وعندما دعته الحكومة الرومانية للاطلاع على فن العرائس هناك، عاد بأفكار ساعدت فى تأسيس مسرح العرائس، وبرحيله اندثر هذا الفن وانقطع إلا من الحفلات المدارس وأعياد الميلاد.