السكرى.. الزهايمر..السرطان.. فيروس كورونا .. أمراض قد تبدو من الوهلة الأولى أنها لا ترتبط ببعضها، لكن وفقاً للعلماء تكمن مشكلة واحدة وراء هذه الأمراض وهي الالتهاب، أي استجابة الجسم للعدوى، ولكن ما هو الالتهاب بالتحديد وكيف يستجيب الجسم للعدوى الفيروسية وما علاقة أمراض مثل: السرطان والخرف بفيروس كورونا وهل يساعدنا ذلك على فهم كيفية التعامل مع كورونا؟ هذا ما نتعرف عليه في السطور التالية.
الالتهاب
ما هو الالتهاب ؟
الالتهاب هو علامة على استجابة الجسم الطبيعية للعدوى، فعند الإصابة بأى فيروس أو مرض يتحرك الجهاز المناعي، وتؤدي موجة النشاط من قبل الخلايا الدفاعية بالجسم إلى أعراض ثانوية مثل الحرارة واحمرار الجلد أو الحمى.
ووفقاً لما ذكرته جريدة "دايلي ميل" البريطانية فإن الالتهاب السبب وراء العدد الكبير من الوفيات الناجمة عن فيروس كورونا في العديد من الدول، وذلك بسبب الإصابة بأمراض مزمنة تسبب استجابة التهابية مفرطة تؤدي للوفاة.
العلاقة بين السمنة والأمراض المزمنة وبين الالتهاب
ومن المعروف أن السمنة والأمراض المزمنة تؤدي أيضًا إلى الالتهاب وقد ثبت أن الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن لديهم مستويات أعلى من جزيئات الرسائل الالتهابية تسمى السيتوكينات، والتي تتداخل مع وظائف الخلية الطبيعية وتضر بها.
كما خلصت مراجعة بحثية كبيرة ، نُشرت في عام 2016 من قبل الجمعية الأمريكية للتغذية، إلى أن السمنة والمشكلات الصحية المرتبطة بها - مثل ارتفاع ضغط الدم ، وارتفاع مستويات السكر في الدم والدهون في البطن - لها "تأثير كبير" على صحة جهاز المناعة والدفاع ضد المرض.
وأظهرت مراجعة لما يقرب من 90 دراسة - في مجلة Vaccine في عام 2015 - أن أولئك الذين لديهم مؤشر كتلة الجسم (BMI) فوق 30 لا ينتجون خلايا الأجسام المضادة استجابة للتطعيم ضد الأمراض المعدية مثل الأنفلونزا والكزاز والتهاب الكبد لأن مناعهم لا تعمل بشكل صحيح ونتيجة لذلك ، لا تحمي اللقاحات هؤلاء الأشخاص.
هناك عدد من المشاكل الصحية المزمنة مثل: السكرى من النوع الثاني وأمراض القلب وأمراض الكبد والخرف، ترتبط جميعها بالالتهاب وتضر أيضًا بأنظمة صيانة الجسم، بما في ذلك المناعة.
السمنة
الالتهاب وفيروس كورونا
إن الالتهاب الناجم عن دفاع جهاز المناعة المستمر ضد هذه الأمراض المزمنة- يعني أن المتضررين يكافحون للحفاظ على وظائفهم الحيوية حتى قبل أي اتصال مع فيروس كورونا، وعند الإصابة بالفيروس يثير استجابة التهابية دفاعية إضافية، مما يعرض الجسم لحالة من الفوضى قد تنتهي بالوفاة، وهذا يفسر أن أصحاب الأمراض المزمنة أو البدناء أكثر عرضة لخطر مضاعفات كورونا.
وأوضحت مراجعة نشرت الأسبوع الماضي في مجلة Nature ، أن "الاستجابة الالتهابية المفرطة سبب رئيسي لشدة المرض والوفاة في مرضى كورونا ".
ولأن فيروس كورونا عدوى جديدة ولا يزال فهم كيفية عملها ناشئًا، يرى العديد من الأطباء أن العدد الكبير من الوفيات بكورونا يستدعي الانتباه للأمراض المزمنة والالتهاب.
وتشير الإحصاءات في بريطانيا إلى أن أكثر من 90 % من وفيات كورنا تقع بين الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 60 عامًا، والذين يعانون من السمنة المفرطة وأفراد الأقليات العرقية ممثلون بشكل زائد في الوفيات.
وقال البروفيسور كيفين فنتون، المدير الإقليمي للصحة العامة في PHE و NHS London: "إن الفهم الدقيق لكيفية تأثير الأمراض على مجموعات مختلفة من الأشخاص مهم حقًا، لذا يجري العمل التفصيلي والدقيق حتى نتمكن من فهم ذلك بشكل أفضل واستكشاف الأسباب المحتملة لأي تفاوتات".
وبحسب بحث نُشر الأسبوع الماضي من قبل فريق في جامعة أكسفورد، والذي حلل السجلات الصحية لـ 17.4 مليون شخص ، فإن أكثر الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن الشديدة هم أكثر عرضة للوفاة بثلاث مرات بسبب فيروس كورونا.
وقال الدكتور ديفيد حسلم ، رئيس المنتدى البريطاني للسمنة: "يرتبط الالتهاب ارتباطًا وثيقًا بجميع الأمراض الأخرى التي تجعل المرضى يسوء حالتهم الصحية عند إصابتهم بفيروس كورونا مثل: ارتفاع ضغط الدم والسكري وأمراض القلب وما إلى ذلك."
آلية دفاع جهاز المناعة وكيف يحدث الالتهاب؟
يحتوي الجهاز المناعي على خطين للدفاع: المناعة الفطرية ، والتي تشمل خط القتال الطبيعي وأنواع أخرى من الخلايا التي تبحث عن أي بكتيريا أو فيروس أو فطريات قد تبدو غريبة؛ وجهاز المناعة التكيفي أو المكتسب.
هذا النوع الثاني من الدفاع هو مجموعة من الخلايا الأكثر تخصصًا، وهي فريدة عند كل شخص، تطورت على مدار حياتنا للتعرف على أي غزاة حاولوا مهاجمة أجسامنا في الماضي وتدميرهم.
وظهر Covid-19 فقط في نهاية العام الماضي ، لذلك لم تتعرض أجهزة المناعة البشرية له مطلقًا وليس لديها دفاعات ضده.
لذلك، يجب أن تعتمد أجسامنا على المناعة الفطرية الطبيعية وما يسمى بالخلايا التائية، إلى جانب أنواع أخرى من خلايا الدفاع.
تكمن المشكلة في أن المناعة الفطرية تبدأ في التدهور من سن الخمسين وتنخفض بشكل حاد في السبعين.
تبدأ المناعة المكتسبة أيضًا في الفشل، مع نسيان خلايا الأجسام المضادة المتخصصة الغزاة الذين من المفترض أن تهاجمهم ويحدث هذا العطل حتى في كبار السن الأصحاء ، ويحاول الجهاز المناعي تعويض النقص من خلال الإفراط في إنتاج السيتوكينات، والتي تثير ما يسمى "عاصفة السيتوكين" وهي رد فعل مناعي التهابي خطير.
وفي أولئك الذين يعانون من مرض مزمن سابق ، يتم تضخيم هذا الالتهاب.
البحث عن علاج
ويعد البحث عن علاج لفيروس كورونا للمساعدة في إعادة ضبط جهاز المناعة أفضل طريقة للتعامل مع الفيروس، حتى إذا لم يتم إيجاد لقاح.
يقول أنتوني جروسو، رئيس الشؤون العلمية في شركة الأدوية أكورد وكبير الصيادلة في مستشفى كلية لندن: "إن عدد العلماء الذين يعملون على هذه المشكلة في جميع أنحاء العالم غير مسبوق، مضيفاً أن شركته تفحص 187 جزيء دواء لمعرفة أي منها يمكن أن يكون أكثر من يعزز المناعة.
وقال: "إن وجود الكثير من العقول في هذا الأمر يعني أننا سنبدأ في فهم أفضل للتفاعل بين العوامل المختلفة، والتي ستغذي المزيد من التعلم عن مرض السكري وأمراض القلب والحالات المزمنة الأخرى وتأثيرها على جهاز المناعة".
وأضاف :اعتقد أن أفضل طريقة للتعامل مع هذا هو تعديل استجابة الجهاز المناعي، حيث أن رد فعل الجهاز المناعي الصحي يعني انخفاض مستويات الالتهاب."
إن التقليل من الأطعمة المصنعة وممارسة الرياضة والنوم بشكل جيد هي نهج أسلوب الحياة لتحقيق استجابة مناعية صحية.