ربما يكون على البشر أن يشكروا فيروس كورونا المستجد، مع أنه فيروس لعين يقتل ويصيب البشر، إلا أنه ألهم الناس بعض الحلول الممكنة التى تسهل حياتهم وتوفر لهم بعض الإنفاق غير الضرورى، طبعا ليس من بيننا من يفرج بهجمات غامضة لفيروس كورونا، لكن هذه الفيروس فتح عيون البشر بما فيهم نحن، على أشياء لم نلتفت إليها قبل كورونا. صحيح أن هذا الالتفات جاء اضطراريا، لكنه يمثل فائدة ما كان لنا أن نتعرف عليها لولا الفيروس والحالة الطارئة التى فرضها على العالم كله.
وبالإضافة إلى التئام ثقب الأوزون، هناك اتجاهات لدى الحكومات للترشيد، ومنها حكومتنا التى أعلنت عن خطة لترشيد الإنفاق، ربما تكون ممكنة، بعد سنوات وربما عقود نطالب بترشيد لا يحدث.
ومن بين الأخبار المهمة التى ناقشها اجتماع الحكومة الأسبوعى، مطالبة رئيس الوزراء مصطفى مدبولى للوزرات بخطة ترشيد نفقات لمواجهة الظروف الاقتصادية، بسبب كورونا.
والواقع أن ترشيد النفقات الحكومية مطلوب سواء مع فيروس كورونا أو فى غير مناسبة، وهى مطالب مستمرة من سنوات، وفى حال نجاح الحكومة فى إعلان نتائج خطتها بعد عام مثلا تكون قدمت سابقة لأعمال ومطالب ظلت مرفوعة من دون جدوى طوال عقود، من دون مزايدة أو تضييق يمنكن للوزارات والمحافظات والبرلمان ومؤسسات الدولة أن توفر عشر مليارات إن لم يكن أكثر بخطوات ترشيد بسيطة فى الانتقالات والسيارات الحكومية والوقود والكهرباء وباقى التفاصيل، وهذا كله قبل الوصول إلى النقاط المعتمة فى المصروفات الحكومية التى تتسرب منها الموازنات بلا داعٍ.
النقاط المعتمة هى أركان وزوايا بعيدة عن الأضواء وعن الرقابة، تتسبب فى تسرب الأموال والإنفاق، ولا أحد يستفيد منها أو يشعر بوجودها من الأصل، من هنا يجب أن تتضمن خطة الترشيد الحكومية هذه النقاط المعتمة، ولعل التكنولوجيا يمكن أن توفر الكثير من الأموال التى يتم أنفاقها بلا طائل ولا داعٍ.
مثال واحد على الترشيد الحكومة، حيث كانت اجتماعات الحكومة ومجالس المحافظين تعقد مباشرة بما يستلزم انتقالات وبدلات سفر وسيارات وحراسة وترتيبات تتكلف ملايين، وبسبب أو بفضال فيروس كورونا انعقدت الاجتماعات عن طريق الفيديو كونفرانس، بكفاءة ونجاح، ولم يشعر أحد بأى تقصير، قبل الفيروس كان الفيديوكونفرانس موجودا، ولم يستخدم تماما مثلما كانت هناك عراقيل هلامية أمام التعليم عن بعد أو الامتحان بالتابلت أو الإنترنت، لكن الحجز بالمنازل لشهور أجبرنا جميعا وأولياء الأمور والطلاب على الدراسة وتلقى المحاضرات والامتحانات ليس فى المدارس فقط، ولكن بالجامعات أيضا.
وهذا باب آخر من الترشيد توفره التكنولوجيا بشكل طبيعى، ويمكن للتقنيات أن توفر مليارات بهذه الطريقة، فهل يمكن أن تنتقل فكرة التعليم عن بُعد لتصبح الترشيد عن بعد، وأن تنعقد أغلب إن لم يكن كل اجتماعات الحكومة والرسمية عن بُعد ومن دون انتقالات وحراسات وتحركات، بل إن الرئيس نفسه اعتاد حتى قبل كورونا أن يفتتح مشروعات مجمعة بالفيديو كونفرانس.
وهذا بند واحد، وهناك بنود منها الشمول المالى، ومراقبة سيارات المسؤولين ومساعديهم، واستهلاك الوقود والتخلص من الأعباء الزائدة لسيارات معطلة، وحتى نظام العمل وتقسيم الموظفين إلى فريقين يعمل كل فريق ثلاثة أيام، مع العمل من المنازل، كلها حلول توفر وتساهم فى خطط الترشيد.
كانت هناك خطة لدة وزارات التنمية الإدارية لإصلاح نظام الوظائف، وتطوير الأداء، لكنها تراجعت واختفت فى ظروف دعائية، وربما يكون كورونا، بكل أخطاره، مناسبة لتنفيذ ترشيد اضطرارى، عجزنا عنه بالاختيار.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة