فى مصر تدور كرة القدم فى فلك الأهلى والزمالك، وهو التنافس الأكثر ضراوة ليس على الساحة العربية فحسب وإنما على الصعيد الأفريقى أيضاً، حينما يلتقى الناديان وجهاً لوجه تتوقف الحياة فى مصر، يتم تقسيم كل جانب من جوانب الحياة فى المحروسة إلى معسكرين، إما أحمر أو أبيض، فانعكس الصراع بين عملاقى القارة الأفريقية على كل شيء فى مصر، تجسد فى السينما المصرية، الأغاني، الكتب، حتى انعكس على الأحداث السياسية التى تمر بها البلاد.
كرة القدم فى العالم العربى بدأت مع تأسيس الناديين منذ أكثر من قرن، وتأثير الناديين لا يقع فقط فى حيز أرض الكنانة، بل أطلقت مسميات الأهلى والزمالك على بعض القمم والديربيات العربية، فريق يمثل الأهلي وآخر للزمالك، بات ديربى يُضرب به المثل من المحيط إلى الخليج. ليس هذا فحسب، بل جماهير الأهلي قد تحب الأندية العالمية التى قد ترتدى نفس ألون فريقها، وقد تحب بلدان مدربيها، والأمر نفسه بالنسبة للزمالك الديربى يطغى على كل شيء.
كان الصراع بين جماهير الزمالك كروى الشكل والهتاف منذ قديم الأزل، حتى ولو تطور الأمر إلى شتائم وسباب يظل محصورا فى نطاق اللاعبين وأمور الكرة.. تهتف جماهير الزمالك: (يازمالك يامدرسة لعب وفن وهندسة) فترد جماهير الأهلى: (الأهلى كلية لعب وفن ورجولية)، تشتم جماهير الأهلى حازم إمام فترد جماهير الزمالك بحفلة سباب لأبوتريكة، وحتى عندما ظهر نوع جديد من الجماهير تحت مسمى الألتراس الأهلاوى والزملكاوى ظلت المعارك تدور فى نطاقها الكلامى مع الكثير من التحديث والتطوير باستخدام اللافتات والأعلام الكبرى والصور الضخمة والشماريخ والصواريخ.
الصراع الأزلى بين الناديين والذى يشبه صراع القط والفأر تتسبب فيه عدة عوامل نرصدها فى السطور التالية ..
*الصفقات
إذا حل موعد الانتقالات الشتوية، وإذا بدأ الميركاتو الصيفى يجب أن تستعد لمعركة كل موسم بين الأهلى والزمالك، أو "عنتر ولبلب" بلغة سوق الصفقات، فهذا يخطف لاعبا وذاك يقنعه بالتراجع عن اتفاقه مع غريمه لتنهار خزائن الناديين أمام رغبات مسئوليهم فى رد الصاع صاعين للغريم الأزلى بحثاً عن انتصار معنوى فى حرب الصفقات بين قطبى الكرة المصرية، ورغم أن اتهامات الصفقات بين الناديين وصلت للنيابة فى بعض الأحيان وتسببت فى أحيان أخرى فى الانسحاب من البطولات المحلية، إلا أن هناك طابورا طويلا من اللاعبين ارتدى القميص الأحمر والأبيض فى صراعات مثيرة كانت حديث الصباح والمساء بين جمهور الناديين لسنوات طويلة.
*البطولات
ليس هناك بطولة لا يكون تنافس الأهلى والزمالك عنوانها فهو صراع يجسد المعنى الأساسى لكرة القدم في مصر، وعلى مدار التاريخ نجح النادى الأهلى فى تدوين اسمه بحروف من ذهب بين الأندية المصرية بل والعالمية بعدد كبير من البطولات نصب الأحمر ملكاً على منافسيه، حيث وصل عدد بطولات الأهلى إلى 136 بطولة خلال 113 سنة هو عمر القلعة الحمراء التى تأسست فى عام 1907 ، وإجمالاً فاز الزمالك طوال تاريخه بـ76 بطولة، بين محلية وقارية وإقليمية، ليصبح واحدًا من أكثر الأندية فوزًا بالبطولات فى الوطن العربى
*الجوائز
حتى الجوائز لا تسلم من صراع الأهلى والزمالك، فدائماً هناك تنافس بين الأحمر والأبيض على الجوائز، سواء الشخصية لنجومهم أو حتى العامة للنادى ككل، وأشعل فتيل المنافسة أكثر بين القطبين، هو ما حصل فى الماضي القريب في تسمية الاتحاد الأفريقي النادي الأهلي بلقب نادى القرن الأفريقي فى وقت كان نادي الزمالك فيه الأكثر حصولاً على بطولات أفريقية، إلا أن الكاف استند فى قراره على النقاط التي جمعها الفريقان فى الفوز بالبطولات، بالإضافة إلى عدد مرات وصولهما إلى الدور ربع النهائي، ونصف النهائي، والنهائي.
ورغم مرور 20 عاماً على تتويج الأهلى بجائزة نادى القرن لا يزال الزمالك يرفض الاعتراف، بل ذهب أبعد من ذلك بكثير ويستعد لتقديم شكوى رسمية فى المحكمة الرياضية للتشكيك في أحقية المارد الأحمر في التتويج باللقب .
أسئلة يطرحها أنصار الفريقين على بعضهما البعض، من أحق بهذا اللقب، من النادى الأفضل، من الأكثر وطنية، من يجامله الحكام، من يجامله الإعلام؟ أسئلة زادت أيضًا الفجوة بين الغريمين.
*النتائج الثقيلة
الديربي الأعرق في الشرق الأوسط وأفريقيا، أكبر من مجرد مباراة، كل شيء يقوم على هذه المباراة، مزاج المواطن المصري المحب للأهلي أو للزمالك، يتفاخر بانتصاره لأيام، يصنع يومه، يعاير به صديقه الآخر خاصة إن كانت نتيجة المباراة "ثقيلة" بلغة الكرة مثل المباراتين التي انتهت بسداسية مرة للأحمر وأخرى للأبيض، تشتعل صفحات التواصل الاجتماع، والجديد في زمن "السوشال ميديا"، موضة "التحفيل" بالتشفي والشماتة في المهزوم بتعليقات وكوميكس، أقل ما يُقال عنها ساخرة لحد البكاء.