بداية.. لا شك أن "الإنترنت" والثورة التكنولوجية قد سهلت حياة العالم، وقربت المسافات بين سكانه، وجعلت منه قرية صغيرة، حيث ألغيت الحواجز والحدود، لكن مع كل خير يأتى شر إذا ما أسيء الاستخدام، ولهذا فإن علماء الدين والمؤسسات الدينية الرسمية، أكدوا أن وسائل التواصل الاجتماعي يجرى عليها من الأحكام الشرعية عند الله وعند الناس ما يجرى على سائر أفعال المكلف وأقواله، فإذا أحسن استخدامها فيما ينفع نفسه أو غيره أجر وشكر، وإن استخدمت فيما يضر نفسه أو الأخرين أوخذ بتصرفاته.
لكن هاجس الشهرة السريع لبعض من ضعاف النفوس طغى على استخدامهم لهذه الوسائل، وأخذوا يبثون السموم ويتغولون على خصوصية الأنام، بهدف زيادة المتابعين لهم، فيرسل «عابثاً» صور الآخرين الخاصة، أو بث مقاطع فيديو مفبركة، أو نشر شائعات فتتلقفها الأعين وترددها الألسن، كل ذلك بغرض شهرة افتراضية حرام، أو كسب مال على حساب عرض الوطن وقدسيته.
ومن جهة أخرى، فإن الجماعات الضلال، لم تفوت الفرصة، بل استخدمت تلك التقنية، مسرحا لبث سمومها، وخدمة أهدافها، من خلال تشويه سمعة الأوطان، ونشر معلومات وأخبار كاذبة مغلوطة لخلق حالة من الفوضى في المجتمعات، إضافة إلى جذب الشباب إلى جماعاتهم التكفيرية، لتجنيدهم بعد غسل العقول من خلال التشكيك في التراث، أو فبركة ما يرونه حسب الأهواء والميول.
فصارت وسائل التواصل الاجتماعى عامرة بالكثير من أصحاب الشهرة الحرام الذين يتفننون في المحتوى الفارغ، فوجدنا كثيرا من الشباب خلال الفترة الماضية يسعون لحلم تلك الشهرة الزائفة، أملا فى حصد ملايين المشاهدات، والإصرار على قطفها مهما تكلف ذلك من هدم أسس ومبادئ مجتمع، سواء بنشر الرذيلة أو نشر شائعات هدامة غير عابئين بالمصلحة العامة، حيث امتلأت تلك المواقع بصور ومقاطع مرئية مُصورة خادشة للحياء، وأفعال فاضحة مخلة، وإعلانها بالطرق المُتقدمة دعوة تتضمن إغراء بالدعارة ولفت الأنظار.
وأخيرا.. فإن كثيرا من الدراسات العلمية، أكدت وجود صلة مباشرة، بين الزيادة الحادة فى تشخيص اضطراب الشخصية خلال السنوات الأخيرة، وانتشار شبكات التواصل الاجتماعى فى كل مكان، حيث تخلى بموجبها البعض عن عادات وتقاليد مجتمعه ولجأ إلى إنتاج مشاهد تخدش حياء المجتمع وتسيء لسمعة شبابه من منطلق البحث عن المعجبين وباتت تحدياً يجب مواجهته برفع درجات التوعية، وهنا يجب على الدولة ومؤسساتها، وعلى رأسها الإعلام باللعب دور كبير من خلال تثقيف المجتمع بالمخاطر التى تترتب على هذه السلوكيات، ويجب على الأسر أن يكون لها دور أكبر في الرقابة على الأبناء، والعمل على توجيه طاقاتهم في المسار الصحيح وبصورة تبعدهم عن الفراغ الذي يمكن أن يدفعهم للبحث عن وسيلة للخروج من هذه الفجوة دون التفكير في سلبياتها..
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة