حتى قبل فيروس كورونا هناك الكثير من الكلام الفارغ والنصائح غير المفيدة على مواقع التواصل، ومن الصعب فى كثير من الأحيان على المستخدم العادى التفرقة بين الحقيقى والمفبرك، لكن فى حالة فيروس كورونا كانت مناسبة للتأكد من حجم الكلام الفارغ والبوستات التى تحمل جهلا وتضر أكثر مما تفيد، والمدهش أنها تقريبا كلها منسوبة إلى بروفسورات وأساتذة كبار، وبعضها يكتبه وينشره من يزعمون أنهم أطباء ويتضح أننا أمام مستخدم عادى أو لجان.
ولم يعد من الصادم أن نعرف أن هيئة وبروفايل الشخص على فيس بوك أو تويتر لا تعنى أنه هكذا فى الحقيقة، ولا يعنى وجود شخص بهيئة عاقلة يؤكد أنه طبيب أنه بالفعل طبيب، فقد يكون مدع.. ولا كل من يدلون بآراء وتصريحات هم فى الواقع هواة ومستخدمون مثل غيرهم ممن يتابعون هذا ويصدقون بعضه.
وربما لهذا يظهر حجم التناقض والتضارب فى الكثير مما ينشر بل وحتى نظريات المؤامرة أو الخطط التى يشير إليها البعض لا تقتصر علينا، لكنها ظاهرة عالمية، والولايات المتحدة على سبيل المثال واحدة من أكثر الدول التى تسمع فيها وتقرأ وتشاهد كلاما ونظريات عن المؤامرة، هناك عشرات التقارير فى صحف كبرى نشرت فى الولايات المتحدة وفى فرنسا وألمانيا وإيطاليا عن نشأة فيروس كورونا وأنه نتاج خطأ معملي. وفى صحف الغرب فرنسا مثلا اللوموند وهى صحيفة من الصحف الفرنسية الكبرى أفردت مساحات لبحث صحة وخطأ نظريات المؤامرة وكون فيروس كورونا كان نتاج خطأ فى أحد معامل ووهان، وإن كان غير مقصود إلا أنه وارد، صحيح أن لوموند لا تجزم بالمؤامرة لكنها تستدعى آراء متعددة فى هذا السياق.
والحديث عن تخليق الفيروس ليس مجرد هبد فيسبوكى، لكنه هبد علمى، منسوب لواحد من أكبر علماء الفيروسات فى فرنسا، البروفسور والعالم الفرنسى لوك مونتانييه الحاصل على نوبل وأحد المشاركين فى اكتشاف فيروس الإيدز أعلن فى حديث لإذاعة مونت كارلو أن هناك احتمالا أن يكون فيروس كورونا المستجد ناتجا من خطأ فى مختبر، أثناء محاولة إنتاج لقاح ضد فيروس الإيدز، ودليله هو وجود عناصر من فيروس «إتش آى فى» فى جينوم كوفيد 19 الجديد مع عناصر من «مرض الملاريا، وقال إن تداخل هذه التراكيب يعزز أن يكون كورونا تسرب من مختبر فى ووهان الصينية، لكن عالم الأوبئة الفرنسى إتيان سيمون لوريير من معهد باستور فى باريس قال إن كلام العالم الفرنسى لوك مونتانييه «هو كلام فارغ لأن القواعد الجينية موجودة فى كائنات مختلفة، وأشبه بكلمة متشابهة فى كتابين، لا يعنى أنهما نسخة من بعضهما».
هذه الخلافات هى بين العلماء فى وقت ظهر فيه فيروس كورونا فى ظل بث يومى على الهواء، ونظريات المؤامرة لا تتعلق بمن يعيشون هنا، لكنها نظريات متناثرة فى العالم الغربى، بل إن البروفيسور فوشى المشرف على برنامج الفيروسات بالولايات المتحدة قال إن البشر والعلماء لا يعرفون الكثير عن فيروس كورونا، ويرى العلماء فعلا أن كل ما عرفه العلم حتى الآن هو ألف باء، وليس تكوين كلمات، وربما عندما ننجح فى تكوين كلمات الفيروس يتحول ليصبح شيئا آخر. بما يعنى أن الهبد هنا قد يكون علميا أو شعبيا أو فيسبوكيا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة