أنبياء ذكروا فى القرآن وفى الكتب المقدسة، لكن لا نعرف عنهم الكثير، ربما يكون ذكرت لهم مواقف تدل على مدى عظمتهم وتقربهم من الله لكنها تبقى بسيطة، هوية هؤلاء الأنبياء المكرمين فى النصوص الدينية لا تزال لغزا وسرا، وأمرا محيرا للعديد من العلماء والباحثين والمؤرخين، ومن هؤلاء نبى الله ذو الكفل المذكور فى القرآن، فمن هو؟
ذو الكفل، هو نبي حسب المعتقد الإسلامي تم ذكره فى القرآن الكريم، ويعتقد بعض المؤرخين أنه حزقيال في اليهودية ورغم عدم وجود دليل قاطع في هذا الخصوص، يعتقد أن ذو الكفل عاش 75 عاما وأنه دُفن في العراق.
اختلافات حول نبوته
بحسب ما ذكره ابن كثير فى "البداية والنهاية" فالظاهر من ذكره في القرآن العظيم الثناء يقصد الآية الكريمة " ( وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيَارِ)-، مقرونًا مع هؤلاء السادة الأنبياء أنه نبي عليه من ربه الصلاة والسلام، وهذا هو المشهور، وقد زعم آخرون أنه لم يكن نبيًا وإنما كان رجلًا صالحًا، وحكمًا مقسطًا عادلًا، وتوقف ابن جرير في ذلك، فالله أعلم.
وروى ابن جرير، وابن أبي نجيح عن مجاهد: أنه لم يكن نبيًا وإنما كان رجلًا صالحًا، وكان قد تكفل لبني قومه أن يكفيهم أمرهم، ويقضي بينهم بالعدل، فسمى ذا الكفل.
وبحسب موقع الفتاوى الإسلامية "الإسلام سؤال وجواب" فالمذكور عن ذي الكفل عليه السلام أنه كان من الصابرين والأخيار، هكذا ذكره ربنا سبحانه في كتابه ، ولا نعلم عنه غير ذلك، وليست له قصة تذكر، وما يذكره الإخباريون والمفسرون فكله منقول عن أهل الكتاب ؛ فالله أعلم بحقيقة ذلك.
اختلافات حول اسمه وهويته
وبحسب موسوعة "المسالك" الثقافية، اختلف في اسمه فقيل بشر وابن أيوب عليه السلام بعثه الله تعالى نبياً بعد أبيه وسماه ذا الكفل وأمره سبحانه بالدعاء إلى توحيده، وكان مقيماً بالشام عمره ومات وهو ابن خمس وسبعين سنة وأوصى إلى ابنه عبدان وأخرج ذلك الحاكم عن وهب، وقيل : هو إلياس بن ياسين بن فنحاص بن العيزار بن هرون أخي موسى بن عمران عليهم السلام، وصنيع بعضهم يشعر باختياره، وقيل يوشف بن نون، وقيل: اسمه ذو الكفل، وقيل هو زكريا حكى كل ذلك الكرماني في العجائب، وقيل هو اليسع بن أخطوب بن العجوز، وزعمت اليهود أنه حزقيال وجاءته النبوة وهو في وسط سبي بختنصر على نهر خوبار.
النبى حزقيل المذكور فى التوراة
يعتقد العديد من الباحثين والمؤرخين أن ذو الكفل هو نفسه لدى اليهود ويعد حزقيال نبيا لدى اليهود أيضا وقد ورد ذكره في سفر نبوة حزقيال في العهد القديم ووفقا لبعض روايات اليهود أنه قد قدم للعراق خلال السبي البابلي، ويرى بعض العلماء انه رجل من الصالحين وقد رجح ابن كثير نبوته لان الله عز وجل قرنه مع الأنبياء كما في سورة اللأنبياء ، ويذكر أن له قبرا كان يزوره اليهود والمسلمون في المنطقة حيث يعتقد اليهود أن هذا القبر هو قبر النبي حزقيال وكما ذكر انه بعث لاهل دمشق.
ابن النبى أيوب
يقال إن ذو الكفل هو ابن أيوب عليه السلام، واسمه الأصلي بشر، وقد بعثه الله بعد النبي أيوب وسماه ذو الكفل، لأنه قام بتكفل بعض الطاعات، لكن بعض العلماء اختلفوا فيما بينهم على نبوته، فقالوا بل مجرد رجل صالح من بني إسرائيل، ولكن ابن كثير رجح نبوته لأن الله تعالى ذكره مع الأنبياء كما جاء في الآية الكريمة السابقة.
النبى إيليا المذكور فى اليهودية
ذكر ابن عاشور: "وأما ذو الكفل فهو نبي، اُختلف في تعيينه، فقيل: هو إلياس المسمى في كتب اليهود (إيليا)، وقيل: هو خليفة اليسع في نبوة بني إسرائيل، والظاهر أنه (عُوبديا) الذي له كتاب من كُتب أنبياء اليهود، وهو الكتاب الرابع من الكتب الاثني عشر، وتعرف بكتب الأنبياء الصغار".
الإله بوذا
يذكر حامد عبد القادر، وهو من علماء منتصف القرن العشرين، في كتابه "بوذا الأكبر: حياته وفلسفته" أن النبى ذو الكِفْل، أى "المنتسب إلى كفل" المذكور مرتين في القرآن (في سورة الأنبياء الآيه 85، و سورة ص الآيه 84) من زمرة الصابرين والأخيار يشير إلى شاكياموني بوذا.
في حين أن جمهور العلماء يرون ذا الكفل هو النبي حزقيال، ويوضح حامد عبد القادر أن "كِفْل " تعريب لكلمة " كابيلا " المختصر عن " كابيلاواستو"، كما يقترح أيضًا حامد عبد القادر أن "شجرة التين" المذكورة في سورة التين، الآيات من الأولى للخامسة أيضًا إشارة إلى بوذا، لأن بوذا حقق الاستنارة تحت شجر التين.
قبره
وأما القبر المنسوب إلى ذي الكفل ببلاد العراق بحسب عدد من المصادر: فهذا لا يعلم له أصل صحيح، ولا ذكر أحد من أهل العلم له أصلا، ولا سندا؛ وإنما ذلك كله من عمل الجهلة الذين يفتنون بأصحاب القبور، ويتوسلون بهم إلى ربهم، وربما عبدوهم من دون الله، فيسألونهم ويستغيثون بهم وينذرون لهم.