مبادرات جادة لإعادة إحياء الاقتصاد، ووتيرة إصابات تعرقل مساعى العودة.. بهذه الحالة يمكن وصف المشهد الذى خلفه وباء كورونا فى العديد من الدول العالم، ومن بينها المملكة المتحدة، حيث تسببت قيود الإغلاق التى فرضتها الحكومة لوقف انتشار الوباء بين المواطنين فى ركود حاد، ألقى بظلاله على معدلات البطالة التى تزايدت بشكل ملحوظ.
وبحسب هيئة الإذاعة البريطانية بى بى سى ارتفعت طلبات إعانات البطالة فى المملكة المتحدة الشهر الماضى، وهو أول شهر كامل منذ إغلاق كورونا، حيث قال مكتب الإحصاءات الوطنية إن عدد العاطلين ارتفع فى أبريل 856500 ليصل إلى 2.1 مليون شخص.
وأظهرت أرقام منفصلة لمكتب الإحصاءات الوطنية أن البطالة فى المملكة المتحدة ارتفعت بمقدار 50 ألفا حيث وصلت إلى 1.35 مليون فى الأشهر الثلاثة حتى مارس، وذكر مكتب الإحصاء أن معدل البطالة قدر بنحو 3.9%، وهو ارتفاع بسيط عن الربع السابق وقبل أن يبدأ الإغلاق بلغ التوظيف رقماً قياسياً.
ووفقاً لبحث أجرته مؤسسةResolution من المرجح أن يكون الشباب هم أكثر من شعروا بتداعيات الإغلاق، فمنهم من فقد عمله أو شهد انخفاضًا فى الدخل بسبب تفشى كورنا.
وأشار البحث إلى أن أكثر من واحد من بين كل ثلاثة من الشباب تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عامًا يكسبون أقل مما كان عليه قبل تفشى المرض، وبحسب البحث، فإن العمال الأصغر سنا يخاطرون بالتأثر بأجورهم لسنوات فى حين أن الموظفين الأكبر سنا قد ينتهى بهم المطاف بالتقاعد غير الطوعى.
وقال جوناثان آثو، من مكتب الإحصاءات الوطنية، إن التوظيف استمر بشكل جيد فى مارس، لكن ساعات العمل انخفضت بشكل حاد قرب نهاية الشهر - خاصة فى مجالات مثل الضيافة والبناء.
وأضاف خبراء أنه لن يكن هناك فهم تفصيلى قبل مرور شهر آخر مشيرين إلى أن الشباب هم أكثر المتضررين من الركود، فنحو ربع من تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عامًا لا يعملون، لكن شركاتهم تحتفظ بهم فى دفاترها وتغطى الحكومة 80% من أجورهم بينما فقد 9% وظائفهم بالكامل.
وظلت الصناعات التى تستخدم الموظفين الأصغر سنا مثل المطاعم ومراكز الترفيه مغلقة لمدة ثمانية أسابيع وكذلك العديد من المتاجر.
أما الاشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 35 و44 عامًا هم الأقل عرضة للضر أو فقدان وظائفهم، حيث يعانى نحو 15% من هؤلاء من تلك التهديدات منذ بدء تفشى المرض.
وقالت وزيرة العمل والمعاشات تيريز كوفى يجب أن نكون مستعدين لمعدل البطالة، نتوقع "زيادة كبيرة"، إلا أنها أشارت فى الوقت نفسه إلى أنه لا تزال هناك وظائف شاغرة متاحة فى مجالات مثل البيع بالتجزئة والأعمال الزراعية، لكن الفرص ستختلف فى جميع أنحاء البلاد.
وأجرت مؤسسة Resolution التى تدرس مكاسب العاملين ذوى الدخل المنخفض والمتوسط، استطلاعًا على أكثر من 6000 شخص بالغ فى المملكة المتحدة فى بداية شهر مايو.
ووفقا للتقرير فإن أرقام البطالة تغطى فقط الأسبوع الأول من الإغلاق ومن المتوقع أن يزداد الإجمالى بشكل حاد فى الأشهر المقبلة.
وقال جاجيت شادا مدير المعهد الوطنى للبحوث الاقتصادية والاجتماعية، لبى بى سى: "يمكننا أن نتوقع أن ترتفع البطالة بسرعة كبيرة إلى ما يزيد عن 10% وهو شىء لم نره منذ أوائل التسعينيات".
فيما قالت تقديرات مكتب الإحصاءات الوطنى إن البيانات المستندة إلى عائدات الأسابيع الفردية تشير إلى أن هذا الانخفاض يرجع فى الغالب إلى انخفاض ساعات العمل فى الأسبوع الأخير من مارس، مع انخفاض أقل بكثير فى الأسبوع السابق.
وكشفت دراسة أجراها معهد البحوث الاجتماعية والاقتصادية فى جامعة إسيكس أن أكثر من 6.5 مليون وظيفة فى المجموع قد تضيع بسبب التداعيات الاقتصادية بسبب إغلاقات كورونا فى المملكة المتحدة، موضحة أنه تم إجبار الملايين الآخرين المعرضين للخطر على القبول بأجور مخفضة والتى تدعمها الحكومة.
كما يشير بحث جديد من The Prince's Trust شمل أكثر من 1000 شاب أن واحد من كل 10 قالوا إنهم حصلوا على الوظيفة أو التدريب الذى كانوا على وشك البدء فيه، لكن تم إلغاؤه بسبب تأثير الوباء.
وفى نفس السياق اتجه البعض ممن فقدوا وظائفهم لبدء أعمالهم الخاصة بعيدا عن الاعتماد على التوظيف التابع للحكومة أو المعتمد على كيانات تتعرض اليوم للكثير من الضغط بسبب الإغلاقات.
وعلى سبيل المثال عندما خسر "جلى لى" الشاب البالغ من العمر 32 عامًا وظيفته مؤخرًا فى بنك بريطانى كبير كمستشار للرهن العقارى بعد أسبوعين من الإغلاق، حيث تم تنظيم مكالمة جماعية للفريق الذين كانوا يعملون جميعًا من المنزل ليقرر جاى بدء مبادرة وإنشاء شركة uAcademy والتى تقدم دورات عبر الإنترنت لمستشارى الرهن العقارى.
وقال جاى "لقد كنت أفكر فى القيام به لمدة عام أو عامين وهذا أعطانى دفعة للقيام بذلك. فجأة كان لدى الكثير من وقت الفراغ، لذلك تمكنت من إعداد كل شىء وإنشاء المحتوى فى أسبوعين".
وأشار إلى أن هناك اهتماما كبيرا بالتعلم عبر الإنترنت فى الوقت الحالى، حيث يريد الناس تعلم مهارات جديدة لمساعدتهم فى مهنة جديدة.
وتحاول المملكة المتحدة القيام بإجراءات عدة للحد من انتشار وباء كورونا فى البلاد، بعدما حصد الوباء أرواح ما يقرب من 43 ألف بريطانى، وأصاب ما يقرب من 250 ألفا آخرين.