لا شك أن معركة لقاح كورونا هى الأولوية الأولى للعالم الآن، ففى ظل استمرار الوباء وسقوط آلاف المصابين والوفيات يوميا، أصبح الأمل معلقا بالعلماء والباحثين الذين يعملون ليلا ونهارا من أجل الوصول إلى اللقاح والعلاج لمواجهة هذا المرض القاتل.
لكن ما قد يكون أشرس وأصعب هو ما بعد الوصول إلى اللقاح، وكيف سيتم توزيعه، وهل هناك ما يضمن أن يصل للجميع بالتساوى دون اعتبارات قوة الدولة أو مواردها.
دورية فورين افيرز الأمريكية، رصدت جهود تطوير اللقاح وكيفية ضمان وصوله للجميع، وقالت إن بحلول منصف إبريل كان فى الولايات المتحدة 950 مقترحا لتطوير عقار تم تطويرها لهيئة الغذاء والدواء الأمريكية للموافقة عليها، وتم إجراء أكثر من 70 من تجارب على دواء لكوفيد ذ9، وهو وتيرة كبيرة، فاللقاحات والعقاقير الجديدة عادة ما تحتاج إلى 10 سنوات على الأقل لتطويرها واختبارها، إلا أن حجم الجهود العالمية المكثفة يتيح إمكانية التوصل إلى مصل خلال 18 شهرا، وكشفت بعض الآفاق الواعدة للعلاج.
ولو تم الوصول إلى مصل أو علاج، أو كلاهما، فإن المهمة التى ربما ستكون الأكثر صعوبة هى إنتاجه سريعا وتوزيه بالتساوى على المستوى العالمى. كان الرئيس الفرنسى إيمانوميل ماكرون قد قال إن اللقاح المحتمل لوباء كوفيد-19 يجب ألا يخضع "لقوانين السوق"، فيما قالت المفوضية الأوروبية "إن الحصول عليه يجب أن يكون منصفا وعالميا".
والقيام بذلك سيتطلب براعة عالمية وحسن نية للتغلب على الكثير من العقبات المحتملة، كما تقول فورين أفيرز. فعلى سبيل المثال، يمكن أن توقف إحدى الدول الجهود فى محاولة لإبقاء العلاج الفعال أو المصل لنفسها ولمواطنيها. وبالمثل يمكن لحقوق الملكية الفكرية أن تمنح اللقاحات أو الأدوية من الوصول إلى الفقراء والضعفاء أو يمكن لسلاسل التوريد العالمية التى تعرضت بالفعل لضغوط شديد أثناء وباء كورونا أن تفشل، مما يمنع التوزيع فى الوقت المناسب.
من ناحية أخرى، كتب ليونيل لورانت، فى موقع بلومبرج، يقول إن معركة كورونا تزداد احتداما، وتحدث عن الضغوط الهائلة التى مارستها الحكومة الفرنسية على شركة سانوفى، كبرى الشركات الوكنية لصناعة الأدوية فى فرنسا، بعد أن اقترحت أن تكون الولايات المتحدة، وليس أوروبا، أو الجهات المستفيدة من اللقاح الجديد لو توصلت إليه الشركة أولا. وهو الأمر الذى بررته الشركة بأن واشنطن كانت أول من أسهم فى تمويل مشروع أبحاث كورونا، وبعد هذه الضغوط تراجعت الشركة عن موقفها.
كما أن شركة أسترا زينيكا البريطانية للأدوية منحت الأولوية للمملكة المتحدة فى الاستفادة من نتائج مشروع أبحاث اللقاح. وحذر الكاتب من أن المعركة على نتائج الأبحاث الجارية بشأن اللقاح يمكن أن ينتهى بنوع من معارك تجارة اللقاحات على أساس وطنى، وهو ما سيكون سخرية لاذعة من دعوة منظمة الصحة العالمية للنظر إلى اللقاح على اعتباره منفعة عامة للجميع.
وهناك حالياً أكثر من مئة مشروع فى العالم وأكثر من عشر تجارب سريرية للقاح لمحاولة إيجاد علاج للمرض الذى ظهر فى مدينة ووهان الصينية فى ديسمبر. وشددت أكثر من 140 شخصية بينها رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا ورئيس الوزراء الباكستان ىعمران خان فى رسالة مفتوحة على أن اللقاح أو العلاج لكوفيد-19 يجب أن "يقدم مجانا للجميع".
وأكدت المجلة أن اللقاحات ومضادات الفيروسات هى أفضل أمل فى العالم لإنهاء هذا الوباء، ويتطلب تطويرها وتوزيعها بكفاءة تعاونا عالميا على نطاق غير مسبوق.
ويتطلب تنسيق هذه الجهود أن تقوم الشركات والحكومات بالعمل معا وفقا لقواعد منظمة التجارة العالمية. وكما أظهرت تجربة العالم خلال وباء الإيدز، فإن مواجهة تهديد عالم للصحة العامة بنجاح يتطلب المزيد من الاستثمار بشكل أكبر وليس أقل فى التعددية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة