"تحت الربع" قصة قصيرة جديدة لـ الكاتبة تغريد النجار

السبت، 23 مايو 2020 04:00 م
"تحت الربع" قصة قصيرة جديدة لـ الكاتبة تغريد النجار الكاتبة تغريد النجار
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ننشر لكم قصة جديدة بعنوان "تحت الربع" للكاتبة تغريد النجار، وذلك ضمن مبادرة نشر نصوص للمبدعين والمبدعات فى الشعر والسرد، بحثا عن مزيد من المتعة والإفادة مع النصوص الأدبية 
 

تحت الربع

تسمرت عيناها على أحد الفوانيس صغيرة الحجم، فأضاءت وجهها بسمة حنين دافئة، أعادتها إلى الوراء عشرات السنين. تذكرت فرحتها التي لا توصف بأول فانوس اشترته لها والدتها، من هنا، من نفس المكان، وربما من نفس المحل.

هى لا تتذكر سوى تلك الفرحة العارمة، آنذاك، حين أمسكت بالفانوس، وودت لو أن أمها تتناسى فكرة التسوق، وتعود إلى المنزل، حتى تستعد للخروج بعد الفطار، وهي تمسك بفانوسها المضاء بشمعة صغيرة، وتغنى مع الأطفال: "حالّو، يا حالّو. رمضان كريم، يا حالّو". 
كان لا بد لها أن تذهب اليوم إلى منطقة "تحت الربع" لشراء بعض اللوازم المنزلية، وصلت منهكة القوى، تلعن غباءها للقيام بتلك المهمة بعد يوم عمل طويل وشاق، ولكن للضرورة أحكام.
من يعرف المنطقة يعلم تمام العلم أن الذاهب إلى هناك، وخاصة على أبواب الشهر الفضيل، لابد أن يكون فى كامل لياقته البدنية والذهنية، حتى يتمكن من مواجهة الزحام والضجيج الذي يتسم به  المكان حتى فى الأيام العادية.
أدهشها هذا الكم من الألوان المبهجة لأشكال الخيامية، خاصة تلك المطرزة برسومات شهر رمضان، فى تناغم رائع مع أشكال الفوانيس، سواء التقليدية المصنوعة من الزجاج والمعدن، أو المستحدثة المصنعة من الخشب، جنبا إلى جنب مع المستورد من الصين. ولكن لم يوقفها سوى فانوس طفولتها الصغير ذي الشمعة. 
لم تهدأ، يومها، ولم تستقر في مكان بعد عودتها مع أمها إلى المنزل، حتى أذن المغرب. وباءت كل محاولات الأم والأب لإقناعها بتناول الطعام بالفشل، فهي لا تريد إلا الخروج بفانوسها الجديد.
وبعد محايلات أرهقت الأم، وافقت الأخيرة على إشعال الشمعة وتثبيتها بالفانوس، وربطت قطعة من القماش علي يد الفانوس التي لم تتحمل يد الصغيرة سخونتها، وسمحت لها بالخروج.
 أعادها صوت صاحب المحل من ذكرياتها، وهو يحاول إقناعها بشراء أحد الفوانيس كبيرة الحجم. لكنها أشارت إلى الفانوس الصغير، وقالت: "بل هذا، من فضلك."
 خمن البائع أنها تشتريه لطفلها أو طفلتها، وهو يهنئها بالشهر الكريم، لكن ابتسامة طفلة ارتسمت على وجهها، وهي تناوله ثمن الفانوس، وتقول: بل هو فانوسى أنا.
تغريد
 

 







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة