بيشوى رمزى

عبقرية "الاختيار".. بطولة "مؤسسية" جسدها "ضيوف الشرف"

السبت، 23 مايو 2020 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ملحمة البرث، والتي جسدها مسلسل "الاختيار"، هي انعكاس لما يمكننا تسميته بالبطولة "المؤسسية"، التي لا تقتصر في نطاقها على رجل واحد، وإنما تمتد إلى كل من ينتسب لمؤسسة الجيش المصرى، فهى تعكس عقيدة وإيمان مؤسسى، بالتراب الوطنى، الذى يستحق التضحية بالحياة من أجله، وهو ما يعد أحد أهم رسائل العمل الدرامى، الذى نجح في تحقيق العديد من الأهداف أهمها، إبراز طبيعة المعركة التي تخوضها مصر منذ سنوات الفوضى، ضد مجموعة من المرتزقة، بعيدا عن تحليلات نشطاء "السوشيال ميديا"، الذين طالما وضعوا أنفسهم في صورة الخبراء الاستراتيجيين والعسكريين، عند الحديث عن الحرب التي خاضتها بلادنا ضد الإرهاب في السنوات الماضية.
 
عبقرية "الاختيار" ليست في مجرد إبراز صورة البطل الأوحد، في صورة الشهيد العقيد أحمد صابر منسى، والذى يعد الشخصية الرئيسية في المسلسل والتي جسد استثنائيتها باقتدار الفنان أمير كرارة، وإنما إبراز بطولات الأخرين ممن دفعوا حياتهم ثمنا لإيمانهم بوطنهم، أو غيرهم ممن أصيبوا، لتتحول أدوارهم في العمل الدرامى، من مجرد أدوار هامشية إلى بطولة، وإن كان ذلك في نطاق أقصر بحكم مساحة الدور، أو عدد الجلقات التي شاركوا فيها، وهو الأمر الذى تجلى في أبهى صوره، في حلقة "الملحمة" الأهم، والتي شعرت فيها أن البطل فيها لم يكن شخصا واحدا، وإنما العديد من الأبطال، بدءً من منسى، مرورا بالمغربى وشبراوى ووصولا إلى العسكرى على، الذى أبكى الملايين ببطولته النادرة، التي أعادت إلى الأذهان أساطير العسكرية المصرية، في مختلف معاركها، منذ العدوان الثلاثى، مرورا بحرب الاستنزاف، وحتى معركة الكرامة في أكتوبر 1973.
 
البطولة المتعددة، في حقيقة الأمر، لم تقتصر على حلقة "الملحمة" التاريخية، وإنما ظهرت في حلقات متفرقة، منها على سبيل المثال، ظهور النقيب على الزينى، والذى جسده الفنان آسر ياسين، أو النقيب فتحى، والذى قام بدوره الفنان محمد إمام بالإضافة إلى الفنان أحمد السقا الذى كانت كلماته للإرهابى هشام عشماوى، بمثابة رسالة ربما حملت في طياتها أحد أهم أهداف العمل، وهى أن الدولة المصرية لن تترك من يحاولون العبث بمقدراتها، وغيرهم ممن كانوا أبطالا في حلقاتهم، خاصة وأنهم تركوا أثرا بالغا في نفوس المتابعين، الذين حرصوا على التفاعل معهم بصورة كبيرة، خاصة على مواقع التواصل الاجتماعى، وهو الأمر الذى يخالف "سنة" الأعمال الدرامية، والتي غالبا ما يكون فيها الدور الذى يقوم به "ضيف الشرف"، على الهامش، وربما يمكن الاستغناء عنه في كثير من الحالات.
 
وهنا يتجلى بعدا مهما لـ"الاختيار" يضاف بكل تأكيد إلى أبعاده الوطنية والقيمية، التي ربما نحتاج إلى تعزيزها بصورة أكبر في المستقبل في ظل حروب إعلامية شرسة تقوم على غسل أدمغة الشباب، يقوم في الأساس على فكرة أن الجيش المصرى لا يخلو من الأبطال، فعقيدته مترسخة في نفوس كل جنوده، بدءً من أعلى قياداته، وحتى المجندين الصغار، والبطولة داخله ليست حكرا على شخص بعينه، وإنما هي حقيقتها بطولة مؤسسية، أرستها المؤسسة في عقول أبنائها.
 
بطولة منسى ورفاقه ربما نراها استثنائية، ولكنها جزء لا يتجزأ من بطولات أخرى، قد لا نكون على دراية كاملة بها، وهو الأمر الذى يعكس الحاجة الملحة لمثل هذه الأعمال في المستقبل القريب، في ظل ضرورة استغلال حالة الالتفاف الشعبى ربما غير المسبوق، حول المسلسل الذى يعد بحق علامة بارزة في تاريخ الدراما المصرية والعربية، وهو ما يساهم بصورة كبيرة في الكشف ليس فقط عن بطولات أذرع مصر الأمنية، وإنما كذلك إلقاء الضوء على حجم التهديدات التي تواجه الدولة، والمؤامرات التي تواجهها، وكشفها أمام المواطن العادى.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة