تعد الأوديسة واحدة من ضمن ملحمتين إغريقيتين كبريين منسوبتين إلى هوميروس، وهى جزئيا تتمة لملحمة الإلياذة، وتعد ركنا رئيسيا للأدب الغربى الحديث، فهى ثانى أقدم عمل أدبى أنتجته الحضارة الغربية، بينما الإلياذة هى الأقدم، يعتقد العلماء أن الأوديسة ألفت بنهاية القرن الثامن قبل الميلاد، في منطقة أيونيا اليونانية الساحلية فى الأناضول.
كانت الأوديسة ولاتزال تقرأ منذ عصر هومرس، وتمت ترجمتها للعديد من اللغات المعاصرة فى أنحاء العالم، ويعتقد كثير من العلماء أن القصيدة الأصلية ألفها الشاعر والمغنى اويدوس، كتقليد يتداول شفهيا على الأرجح، ويتلوها أحد الذين يمتهنون الإلقاء، فكان المقصود أن تسمع أكثر من أن تقرأ، فتفاصيل الإلقاء قديما وتحول القصيدة لعمل مكتوب، لاتزال محل جدل المختصين، فقد كتبت الأوديسة كحوار شعرى إغريقي، وتحتوي على 12,110 سطر سداسى التفعيل، وما يثير الانتباه أنها سير أحداث القصيدة غير خطى ومتتابع، وتأثر الأحداث بقرارات اتخذها النساء والعبيد، بجانب الرجال المقاتلين. فأصبحت كلمة الأوديسية في اللغة الإنجليزية وعدة لغات تعنى الرحلة الملحمية.
كل شىء متعلق بملحمة "الأوديسة" مختلفٌ عن "الإلياذة"؛ فهما تُعدَّان نقيضَين أدبيَّين، وهي الحقيقة التى ظلَّت لوقتٍ طويل تُمثِّل أفضل حُجة تُساق للدلالة على أن القصيدتَين من إبداع رجلٍ واحد، هو واحد من أعظم الفنانِين الذين عاشُوا على ظهر الأرض على الإطلاق.
وتتمحوَر أحداث "الإلياذة" حول الحرب أمَّا "الأوديسة" فتدور حول رجلٍ يحاول العودة لدياره، وفي طريق عودته يتحوَّل إلى رمز للروح البشرية فى بحثِها عن معنى الحياة البشرية، ليس الأمر أن أوديسيوس يُفتِّش عن معرفة من هذا القبيل فى رحلاته، فهو لا يفعل.
وإنما "يرمز" تَرحاله إلى السعى البشرى نحو المعرفة، ومثلما تُجسِّد "الإلياذة" انشغال الغرب بقضية فلسفة القيمة — التى يُعَد شغلها الشاغل هو التساؤل عن السبب الذى من أجله يتعيَّن على المرء أن يفعل أى شىء — كذلك تُجسِّد "الأوديسة" سعيه الدءوب نحو اكتشاف أشياءَ جديدة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة