من أهم العادات الغذائية التى ارتبطت ارتباطًا وثيقًا بالعيد هو الكحك والبسكويت وذلك بأشكالهما التقليدية، والكحك عرفه المصريون القدماء، وهناك العديد من الجداريات موضح عليها صناعة الكحك المصرى بأكثر من مائة شكل, وارتبط الكحك بعيد الفطر المُبّارك ويتم التجهيز له فى الأسبوع الأخير من شهر رمضان حيث تجتمع نساء العائلة والأقارب لعمل كافة أنواع الكحك والبسكويت.
وربما نستطيع أن نرصد مظاهر التغيير الحديثة التى طرأت على صناعة الكحك المنزلى, فمنذ فترة ليست بالبعيدة كانت النساء يعتمدن على الطرق التقليدية فى صناعة ونقش الكحك فبعد أن تصنع الشكل الدائرى للكحك تقوم أخريات بالنقش علية باستخدام أداة معدنية تشبه الملقاط ولكن لها أسنان معدنية قصيرة تقوم بعض النساء باستخدامها لنقش الكحك وهى عادة قديمة، لكن يمكننا أن ننظر لرمزية النقش على الكحك بصورة أكثر وضوحًا فى العصر الفاطمى فقد اهتم الفاطميون بالكحك بصورة كبيرة جدًا وكان هناك دار عرفت بدار الفطرة لعمل الكعك وذلك بداية من النصف الثانى من رجب وكانت يصنع فيها كافة أنواع الكعك مثل الخشكنانج المعروف باسم خشنينة , وكعب الغزال وغيرها من الأنواع وكان يعمل فى تلك الدار ما يقرب من مائة عامل ويعدون الكعك ليفرق على الشعب قبل العيد بيوم واحد.
وكان الفاطميون يتفننون فى صنع الكعك والحلوى ابتهاجًا بعيد الفطر ومن أهم تلك الملامح نقش الكحك ,فكان لدى الفاطميون قوالب دائرية مصنوعة من الحجر حُفر عليها العديد من الأشكال والرموز فبعد أن يُشكل الكعك بصورة دائرية يتم ختمه بتلك القوالب الحجرية , ومن أهم تلك الأشكال "كُل هنيئًا " , كُل وأشكر مولاك, أشكالٍ هندسية , وأشكال طيور وحيوانات وأيضًا أشكال نباتية, وكل هذه القوالب والطوابع الحجرية حُفظت فى متحف الفن الإسلامى بالقاهرة فى الجزء الخاص بالعصر الفاطمى.
وربما منذُ ذلك الوقت والمصريون اعتادوا الاحتفاء بالعيد والكحك بشكل أكثر ثباتًا حتى بعد عصر الدولة الفاطمية حاول الأيوبيون طمس كل ما له صلة بالدولة الفاطمية ولكن ظلت الكثير من العادات الشعبية راسخة فى وجدان المصريين لم يتمكنوا من التخلى عنها لأنها بمثابة روح الفرحة والبهجة المرتبطة بتلك المناسبة الدينية الخالصة.
نقش الكحك لم يظل بصورتهِ دون حدوث عدة تغيرات بحكم الزمن والتكنولوجيا وقوة تأثيرها على موروثاتنا فقد تغيرت أشكال النقش عن طريق ابتكار معدات خاصة ذات قوالب معدنية جاهزة تساعد ربة المنزل على صنع الكعك فى أسرع وقت وأقل جهد ولكن ذلك ربما على حساب التخلى عن كل ما هو متوارث داخل تلك المنظومة الغذائية التقليدية المتواترة جيل تلو جيل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة