مع إعلان الرئيس جمال عبد الناصر تأميم قناة السويس فى 26 يوليو 1956 تعرضت مصر لضغوط وإجراءات إقتصادية متعددة من جانب الدول الغربية المعارضة لهذا الإجراء، وذلك بعد امتناع البنك الدولى عن تمويل بناء السد العالى، وبحيرة ناصر فى أسوان لتخزين المياه وتبع ذلك تجميد الأرصدة المصرية التى كانت تزيد عن 400 مليون جنيه استرلينى لدى بريطانيا مع إلغاء إتفاقيات إعادة التأمين، ثم جاء بعد ذلك العدوان الثلاثى على مصر عام 1956 فكان التأمين وبما له من طبيعة خاصة مميزة عن باقى أوجه الأنشطة الاقتصادية، لخطورة الدور الذى يؤديه وتأثيره على اقتصاد الدولة رؤى ضرورة تمصير السوق بخطوات متتالية و متدرجة بهدف المحافظة على حقوق حملة الوثائق، هذا فضلا عن محاولة حماية قطاع التأمين من أى هزات أو مؤثرات وضمان استمراره فى تأدية رسالته.
وكان عدد شركات التأمين حينذاك 135 شركة حسب إحصاء 1954 منها 123 شركة غير مصرية تملك 20 مليون جنيه من مجموع أصول شركات التأمين وقدرها 38 مليون جنيه، كما تم تمصير الوكالات التجارية وقصر مزاولة أعمالها على المصريين أو الشركات المساهمة، بحيث تكون أسهمها للمصريين.
وكانت البداية صدور الأمر العسكرى رقم 5 فى أول نوفمبر 1956 بفرض الحراسة على المؤسسات البريطانية والفرنسية وعددها 1500 مؤسسة من بنوك وشركات تأمين وبترول وتعدين وقد وضعت بمقتضاه الكيانات الوارد بيانها بالأمر العسكرى تحت الحراسة مع وقفها عن مباشرة نشاطها وتخويل الحارس العام سلطة تصفيتها ، و فى 22 نوفمبر 1956 صدر الأمر العسكرى رقم 12، وأعطى بمقتضاه لوزير "المالية" الحق فى إتخاذ التدابير اللازمة لتحويل الوثائق السارية التى تتولاها الشركات الموضوعة تحت الحراسة الى شركات تأمين أخرى ، ومع صدور القانون رقم 23 لسنة 1957 عقب العدوان الثلاثى عام 1956 إنقطعت الصلة بالسوقين البريطانى والفرنسى ولقد بلغ عدد الشركات البريطانية والفرنسية التى زاولت التأمين على الحياة ووضعت تحت الحراسة ثمانى شركات منها شركتان بريطانيتان وستة شركات فرنسية ، وتنفيذا لقوانين التمصير بيعت هذه الشركات الى الشركات المصرية فى 18 أبريل 1957.
وتنفيذا لهذا الأمر أنشئت، بمقتضى القرار الوزارى رقم 39 لسنة 1957، جماعة شركات التأمين المصرية التى سميت Pool وحول إليها جميع الوثائق التى كانت مبرمة مع الشركات التابعة لدول العدوان الثلاثى، فيما عدا وثائق تأمينات الحياة، ويقضى الاتفاق الذى أبرم بين الحارس العام والجماعة بأن تتولى تغطية الأخطار المحولة إليها حتى آخر أكتوبر 1957، وفى 15 يناير عام 1957 صدر القرار الوزارى رقم 211 لسنة 1957 باللائحة التنفيذية للقانون رقم 23 لسنة 1957 الذى نص على أن لا يقوم بأعمال البنوك ، وشركات التأمين وفروعها إلا شركات يملك المصريون جميع أسهمها ويكون ،المسؤولون فيها مصريون على أن ينفذ القانون خلال خمس سنوات ويرجع ذلك الى أن البنوك الأجنبية فى مصر كان اجمالى رأسمالها لا يتجاوز خمسة ملايين ونصف مليون جنيه فى حين أنها كانت تتحكم فى أكثر من مائة مليون جنيه من جملة الودائع فى البنوك التجارية وكانت حوالى 195 مليون جنيه وأن البنوك الإنجليزية والفرنسية لا يزيد رأسمالها المستثمر فى مصر على المليون ونصف المليون جنيه بينما ودائع المصريين فيها تقترب من مائة مليون جنيه ثم صدور القرار الوزارى رقم 115 لسنة 1957 فى 26/ 1/1957 حيث قضى بشطب تسجيل 64 شركة تأمين من الشركات الموضوعة تحت الحراسة وكذلك جميع سماسرة جماعة اللويدز للتأمين بالاكتتاب وكان عددهم 23 سمسارا .
ومن الملاحظ أن الشركات التى تناولها القرار المذكور كانت تزاول عمليات التأمينات العامة فقط ، فكان من اليسير شطب تسجيلها بعد أن توقف نشاطها وحولت وثائقها وعملياتها الى جماعة شركات التأمين المصرية هذا كما قضى القرار بتصفية تلك الشركات وتولى رئيس مصلحة التأمين هذه المهمة، ثم صدر القرارين الوزاريين رقمى 127 و 128 لسنة 1957 فى 30 يناير سنة 1957 حيث تم تحديد موقف الشركات التى كانت تزاول عمليات التأمين على الحياة بمصر و ذلك بالترخيص لستة عشر شركة من شركات التأمين التابعة لدول العدوان الثلاثى بالاستمرار فى مزاولة نشاطها، تمهيدا لتمصيرها ، وفى 14 أبريل سنة 1957 تم توقيع عقود تحويل محافظ تللك الشركات الى نوعين من شركات التأمين المصرية.
النوع الأول شركات تأمين جديدة تم تأسيسها لأول مرة مثل شركة الجمهورية للتأمين التى استوعبت عمليات شركات البرودنشيال والجنرال دى بارى والباترنيل، وكذلك الشركة المتحدة للتأمين التى آلت اليها أعمال شركتى الأنيون، والنوع الثانى شركات تأمين مصرية قائمة فعلا قامت بشراء محافظ عمليات شركات التأمين الأجنبية المملوكة لإحدى دول العدوان الثلاثى وإضافتها الى عملياتها السارية فعلا وتم ذلك بشراء شركة الشرق لمحفظة شركات لاناسيونال، وشركة الإدخار للفينكس الفرنسية ، وشركة القاهرة للبيزل الإنجليزية وأخيرا تحويل محفظة عمليات شركة لوربين الفرنسية الى شركة التأمينات المصرية، وبإتخاذ الخطوة الأخيرة، أضحت جميع عمليات التأمين التى كانت تزاولها الشركات البريطانية والفرنسية والاسترالية ممصرة بالكامل وأصبح السوق المصرى تغلب عليه الصبغة المصرية.
وكان من نتيجة بيع الشركات البريطانية والفرنسية إلى الشركات المصرية أن أصبح عدد الشركات الأجنبية للتأمين على الحياة فى مصر سبع شركات فقط منها ثلاث شركات توقفت عن إصدار وثائق تأمين جديدة فى مصر وأنشأت شركة أفريقيا للتأمين لشراء محفظـــة أعمال هيلفسيا وبهذا بلغ عدد الشـركات المصـرية التى تزاول التأمين على الحياة أنذاك ثمـانى شركـــات هى: الإدخار، إسكندرية لتأمينات الحياة، التأمين الأهلية المصرية، التأمينات التجارية المصرية، التأمينات المصرية، شركة الشرق للتأمين ، شركة مصر للتأمين ، شركة القاهرة للتأمين .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة