التفشى الكبير لفيروس كورونا، ونجاحه من اختراق مجتمعات، كان العالم يظنها محصنة بأسلحة العلم والتكنولوجية، في دول الغرب الأوروبى والولايات المتحدة، ربما يثير العديد من المخاوف في المستقبل، تجاه قدرة المجتمعات المتقدمة على صد أجيال الهجمات الإرهابية الجديدة سواء الهجمات السيبرانية أو الهجمات المعلوماتية أو حتى احتمال سرقة التنظيمات الإرهابية لأسلحة جديدة واستخدامها لتهديد أمن واستقرار العالم، خاصة وأن تلك الجماعات بالفعل نجحت في تكوين شبكات لها داخل "المعسكر الغربى"، وهو ما تجلى بوضوح في الاعتداءات التي نفذها موالين لهم في قلب دولهم، استجابة لدعوات إليكترونية أطلقها من يمكننا تسميتهم بـ"طيور الظلام"، في الوقت الذى عجزت فيه أجهزة الاستخبارات ذات الإمكانات الكبيرة عن التنبؤ بها أو التعامل معها بشكل سليم
التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها داعش، نجحت في توظيف التكنولوجيا في إصابة أهدافها في الغرب عدة مرات، عبر إطلاق الفيديوهات في الفضاء الإليكترونى، لحشد الموالين لهم، في مختلف الأنحاء، ليصبح التهديد الذى يمثلونة لا يقتصر على مجرد نطاق جغرافى معين، وإنما ليمتد إلى ما هو أبعد من ذلك، لتصبح تلك التنظيمات ذات نفوذ عالمى، عبر خلق ميليشيات داخل المناطق البعيدة يمكنهم استخدامها، لتحقيق أهدافهم، دون أن يتكبدوا في المقابل أي تكلفة تذكر
وهنا يصبح استخدام التقنيات المتقدمة، وعلى رأسها سلاح الانترنت، ليس ببعيد عن عقول القائمين على تلك التنظيمات، وهو ما يثبر التساؤل حول ما إذا كان بإمكانهم استخدام السلاح البيولوجى كوسيلة إضافية لما يسمونه بـ"الجهاد" لتهديد أمن المجتمعات وسلامتها، في الوقت الذى تكشفت فيه بوضوح ما يمكننا تسميته بـ"عورات" التقدم العلمى في دول العالم الأول، بعدما فشلت أعتى الجامعات والمراكز البحثية عن إيجاد علاج لفيروس كورونا، والذى أصاب ملايين الأشخاص حول العالم، بينما أودى بحياة الملايين منهم
ولعل حالة الفوضى التي ضربت العديد من المجتمعات، والتي بدت لسنوات متماسكة، في أعقاب تفشى الفيروس، تمثل حافزا مهما لاستخدام هذا النوع من الأسلحة، بحيث يكون مسارا موازيا لمسار استخدام التكنولوجيا الحديثة والانترنت، عبر دعوات من شأنها إثار عدم الاستقرار، من خلال نشر الشائعات والأخبار المغلوطة، وهو الأمر الذى شهدناه بالفعل في زمن "كورونا"، ربما ليس فقط في مجتمعاتنا الشرقية، وإنما في دول أخرى، حيث كانت "السوشيال ميديا" بمثابة المنصة المناسبة لقطاع كبير من مثيرى الفوضى، لتأليب المجتمعات على حكامها، لتحقيق أهداف ضيقة، وإن كانت اقتصرت على الجانب السياسى، على غرار ما شهدته الولايات المتحدة مؤخرا من دعوات تحريضية على سياسات ترامب ودعواته للعودة تدريجيا للحياة، وهو ما يتزامن مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر المقبل
دعوات الفوضى في زمن "كورونا"، وإن كانت اقتصرت على النطاق السياسى، في الغرب، إلا أنها حملت أهدافا أخرى مشبوهة في مجتمعاتنا الشرقية، وعلى رأسها خدمة أجندة التنظيمات الإرهابية، وهو ما يبدو في صورة حملات مسعورة، تقدم مغالطات عبر مواقع التواصل الاجتماعى، بهدف إثارة الفوضى داخل المجتمع، وذلك لوضع المزيد من الضغوط على كاهل المسئولين
التفشى الكبير لفيروس كورونا قد يحمل تبعات كبيرة في المستقبل، إذا لم ينتبه العالم، فجماعات الظلام تسعى بكل ما أوتيت من قوة لتحقيق أهدافها عبر تدمير المجتمعات، في الوقت الذى أظهرت فيه أزمة الفيروس، حقيقة مفادها أن مثل هذه الأزمات سريعة الانتشار، تنتقل بسرعة كبيرة من الشرق إلى الغرب، وهو الأمر الذى لفتت إليه لجنة مكافحة الإرهاب في المجلس الأوروبى، حيث أكدت ضرورة الانتباه إلى هشاشة المجتمعات، وعدم قدرتها على الصمود أمام مثل هذا السلاح وتبعاته
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة