قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن وفيات كورونا فى الولايات المتحدة الذين يقترب عددهم الآن من 100 ألف، قد طالت كل أنحاء البلاد، إلا أن الخسائر كانت حادة بشكل خاص فى المناطق الساحلية، وفى مدن الغرب الأوسط الصناعى فى مدينة نيويورك.
بمعنى آخر، كان الإحساس بالدمار الذى سببه الوباء أكبر فى المناطق التى يعيش فيها الديمقراطيون، وهو ما يفسر أسباب تفكير الفريقين السياسيين الأكبر فى الولايات المتحدة إزاء الفيروس بشكل مختلف فالأمر لا يتعلق فقط باختلاف الديمقراطيين والجمهوريين حول كيفية إعادة فتح الأعمال والمدارس والبلاد ككل. فبتجاوز التصورات والعقيدة، هناك وقائع مختلفة تماما بالنسبة للديمقراطيين والجمهوريين فى أمريكا فى الوقت الراهن.
فاحتمالات أن الديمقراطيين يعيشون فى المقاطعات التى دمر فيها الفيروس المجتمع أكبر بكثير، فى حين أن الجمهوريين يعيشون فى المقاطعات التى لم يصبها المرض نسبيا، على الرغم من أنهم يدفعون ثمنا اقتصاديا. وأشارت تحليلات نيويورك تايمز إلى أن المقاطعات التى فاز بها ترامب فى انتخابات 2016 قد سجلت 27% من حالات الإصابة بالفيروس، و21% من الوفيات، على الرغم من أن 45% من الأمريكيين يعيشون فى هذه المجتمعات.
وقد ساهم الفارق فى معدلات الوفيات فى إشعال الخلاف حول مخاطر الوباء وكيفية مضى البلاد قدما. فوسائل الإعلام اليمينى التى تحركت سريعا للتقليل من خطورة الأزمة ووصفها بأنها مؤامرة ديمقراطية للإطاحة بالرئيس، قد فاقمت من الخلاف. وحتى مع تأكيد كبار خبراء الطب فى البلاد من خطر تخفيف القيود، فإن المجتمعات فى جميع أنحاء البلاد تفعل ذلك، مما يخلق مجموعة جديدة من الإجراءات التنظيمية التى تستند على الأرجح إلى أسس إيديولوجية.
وأشارت الصحيفة إلى أن الكثافة السكانية أحد الأسباب التى تفسر انتشار الفيروس فى مناطق أكثر من أخرى. فما يقرب من ثلث الأمريكيين يعشون فى واحدة من أكثر 100 مقاطعة ذات كثافة سكانية عالية فى الولايات المتحدة ، المجتمعات الحضرية والضواحى المجاورة، والتى سبب فيها الفيروس أكبر عدد من الضحايا، حيث بلغ معدل الإصابات ثلاثة أضعاف باقى البلاد، ومعدل الوفاة أربعة أضعاف.
وتتابع نيويورك تايمز قائلة إنه فى البلد الذى يتم الفصل فيه بين السكان على أسس عنصرية ودينية واقتصادية، تتماشى الكثافة السكانية أيضا مع الانقسامات السياسية. فأمريكا الحضرية تميل بشدة إلى اللون الأزرق (الذى يرمز إلى الديمقراطيين). وفى الانتخابات الرئاسية لعام 2016، زادت حصة الأصوات لترامب مع تراجع الكثافة السكانية فى كل ولاية تقريبا.
لكن الصحيفة توضح أن الانقسام فى الإصابات سببه المسار الذى سلكه الفيروس فى البلاد، والذى لا يرتبط دائما بالكثافة السكانية. ففى بعض المناطق التابعة للجمهوريين ( التى يركز إليها باللون الأحمر)، لم تمس مدن، وأصبحت المناطق النائية قليلة الكثافة السكانية هى الأكثر تضررا. وقد وجد الباحثون أيضا روابط بين تأثيرات الفيروس والعمر والعرق والطقس، ولاحظوا أن بعض المدن الأكثر كثافة على مستوى العالم لم تتضرر بشدة.
فقد وصلت العدوى إلى بعض المناطق فى البلاد على نطاق مختلف تماما عن مناطق أخرى. فحتى يوم الجمعة، شهدت ولاية ألاباما 11حالة وفاة لكل 100 ألف من السكان وخسرت ولاية نيوجيرسى 122 لكل 100 ألف، وشهدت كلتا الدولتين ارتفاعا كبيرا فى مطالبات البطالة.
أما تكساس، وهى جمهورية بقوة وثأنى أكبر دولة من حيث عدد السكان فى البلاد، كان لديها واحدة من أكثر الاقتصاديات سخونة قبل تفشى المرض. نجت أكبر المدن فى الولاية حتى الآن من أسوأ الأضرار.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة