كشف الرئيس السابق للأمن الوطني الأفغاني، رحمة الله نبيل، عبر صورة في حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، ولأول مرة عن هوية ملا عبد المنان عمري، شقيق مؤسس حركة طالبان وزعيمها الروحي الملا عمر، وهو في الضيافة القطرية.
صورة كانت أثارت موجة من الانتقادات، حول طبيعة الدور الذي يلعبه النظام القطري مع طالبان وشبكة التنظيمات المتطرفة المرتبطة بالحركة وعلى رأسها شبكة "حقاني" وتنظيم "القاعدة".
ورغم مساعي ملا عبد المنان عمري، عضو مجلس شورى حركة طالبان، وكما هو ظاهر في الصورة إلى إخفاء وجهه وحجبه عن فضول عدسات الكاميرا، بـ"وشاح" طويل، إلا أن هوية صاحب الصورة لم تعد كذلك، بعد أن نشرها وعرف بها، رئيس الاستخبارات الأفغاني سابقا، مثيراً بذلك غضب قيادات حركة طالبان وعلى رأسهم شقيق الملا عمر، وحنق النظام القطري في آن معاً.
وأفاد رحمة الله أن الصورة قد تم التقاطها خلال اجتماع لقادة حركة طالبان، الذي التحق به الملا منان مؤخراً، فلم يجد له مكاناً شاغراً فكان تدارك الموقف بوضع مقعد له في صدر المجلس بجوار قيادات الحركة.
وأضاف: "الكثير من عناصر حركة طالبان وحتى ممن كانوا حاضرين للاجتماع لا يعلمون حقيقة هويته باستثناء عدد محدود من قيادات الحركة ومؤسسيها".
وبحسب رئيس الاستخبارات الأفغاني، فإن شقيق مؤسس حركة طالبان ملا عبد المنان عمري هو ممثل للملا محمود يعقوب النجل الأكبر للملا عمر، والذي يقيم حالياً في كراتشي، وقال: أرسل الملا محمد يعقوب الذي سافر مرات متعددة إلى قطر، عمه لتمثيله في المفاوضات القائمة في العاصمة الدوحة ، كما بعث سراج الدين حقاني بأخيه أنس حقاني ويحيى حقاني، الذي يدير شؤون المقاتلين الأجانب، ممثلان عنه وكلا له دور.
وأوضح رحمة الله أن الملا محمد يعقوب، النجل الأكبر للملا عمر، زعيم طالبان والأب الروحي لها، الذي تولى رئاسة اللجنة العسكرية لحركة طالبان، يعد من الجيل الجديد لطالبان والمؤمن بالعنف، وقريب الصلة بـ"جيش محمد" الذي يتخذ من باكستان مقراً له، قائلًا: "لقد درس نجل الملا عمر في المدارس الدينية التابعة لجيش محمد، وعاد إلى كويتا، وتم تعزيز دوره والاستثمار به بعد مقتل الملا اختر منصور، وله علاقات قوية بباكستان وقطر وإيران".
أما عمه، شقيق الملا عمر، فبحسب رحمة الله، فيمثله في المكتب السياسي المتواجد في قطر، وهو أيضاً عضو في فريق التفاوض، ولذلك هو يتقاضى 50 ألف ريال قطري، ويعيش ما بين منطقتين في العاصمة القطرية الدوحة هما الريان واللقطة.
وأكد رحمة الله أن عددا كبيرا من قيادات وأعضاء حركة طالبان يعيشون مع أسرهم في قطر، ويتمتعون بحياة فاخرة ومرفهة هناك، مضيفاً أن: "النظام القطري يتكفل بتعليم أبناء قادة طالبان، في المدارس والجامعات القطرية، ويتلقى أبناؤهم مخصصات مالية شهرية تقدر ما بين 7 إلى 10 آلاف ريال قطري، بينما يتلقى أعضاء المكتب السياسي لحركة طالبان 25 ألف ريال قطري شهرياً، بالمقابل يصرف لأعضاء فريق التفاوض راتباً شهرياً يقدر بـ 50 ألف ريال قطري".
وعن الدور القطري وعلاقاته بحركة طالبان، قال رئيس الاستخبارات الأفغاني سابقاً، إن التوقعات المرجوة لدى افتتاح مكتب طالبان السياسي في قطر، أن تكون خطوة وفرصة عند توقيع اتفاق السلام بين طالبان والدوحة، كانت التوقعات أن يكون ذلك خطوة وفرصة لتحقيق السلام في أفغانستان، ولكن للأسف هناك بعض الدول من بينها قطر تريد التحكم، باستبعاد الشعب الأفغاني ومصالحه، مقابل دعم حركة طالبان وبعض الجماعات المتطرفة الإرهابية.
أضاف رحمة الله أنه: "وللأسف لطالما كنا نعاني من جيران سيئة كباكستان وإيران، الآن هناك دول أخرى عوضاً عن مساعدة أفغانستان تقوم بتوظيف حركة طالبان كأداة للتحكم في الشأن الأفغاني، واستخدام الحركة لأهداف سياسية لا تخدم مصلحة أفغانستان ولا الشعب الأفغاني".
وقال: "قطر هي إحدى الدول التي تحافظ على علاقات وثيقة وعميقة مع حركة طالبان وشبكة حقاني، التي لا تزال على قوائم الإرهاب التابعة لمجلس الأمن، والتي بدورها ترتبط بعلاقات استراتيجية وثيقة مع تنظيم القاعدة".
وتابع أنه وبحسب ما كشف عنه أحد عناصر مكتب طالبان السياسي في قطر للمخابرات الأفغانية، بعد إلقاء القبض عليه مؤخراً في كابول أن: "شخصيات من الأسرة الحاكمة في قطر تقوم بتمويل قيادات حركة طالبان، وتوفير المساكن لهم، وتأمين حركة تنقلهم وضيوفهم في محيط محل إقامتهم، من بينهم عبد الله آل ثاني".
وأضاف، أنه ومن ضمن الخدمات المقدمة لحركة طالبان من قبل النظام القطري، إلى جانب الدعم المالي، منحهم حرية التجارة والاستثمار في العاصمة الدوحة قائلاً: "لعناصر حركة طالبان المقيمون حالياً في قطر العديد من الاستثمارات وفي مجالات مختلفة، من بينها شركات المقاولة والبناء، والمعدات"
بالمقابل أكد رئيس الاستخبارات الأفغاني سابقاً، استمرار تمويل أمراء في الأسرة الحاكمة في قطر لحركة طالبان وشبكة "حقاني" المرتبطة بتنظيم القاعدة قائلاً: "لقد وفر حالياً عبدالله بن خالد آل ثاني وزير الشؤون الدينية والأوقاف القطري، سابقا، (مصنف على قوائم الإرهاب الدولية) سكناً لقادة حركة طالبان في مزرعته"، مضيفاً: "بحسب ما أكده لنا مصدر فإن قيادات من حركة طالبان يعقدون اجتماعاتهم في المزرعة وبضيافة عبدالله آل ثاني".
وأضاف رحمة الله أن كلا من سعد الكعبي وعبداللطيف الكواري ومحمد الكعبي، (جميعهم مصنفون على قوائم الإرهاب الدولية)، لا يزالوا يتولون جميعاً تقديم الدعم المالي واللوجستي لحركة طالبان و شبكة "حقاني" وجزء من هذه الأموال يتم تحويلها إلى قيادات في تنظيم القاعدة.
وامتداداً للدور القطري في دعم وتمويل تنظيم القاعدة وشبكة "حقاني" المدرجة على قوائم الإرهاب لمجلس الأمن، أشار رئيس الاستخبارات الأفغاني سابقاً، إلى المطلوب القطري فاروق القحطاني، رفيق زعيم القاعدة أسامة بن لادن ومجند انتحارييه، واسمه نايف سلام محمد عجيم الحبابي، قُتل في نوفمبر 2016 بضربة جوية في إقليم كونار، وكانت واشنطن قد وضعت المواطن القطري القحطاني على قائمة أخطر المطلوبين، ويتهم بضلوعه في مخططات تستهدف أوروبا والولايات المتحدة.
وقال رحمة الله: "إن القطري فاروق القحطاني يعد أحد القادة الرئيسين في تنظيم القاعدة ومرتبط بشبكة حقاني، وكان أحد الميسرين الماليين لتنظيم القاعدة ومسؤول عن جمع الأموال في منطقة الخليج، ومما يعني أن شبكة حقاني ومن خلالها تنظيم القاعدة، لا يزال لديهم علاقات عميقة مع شخصيات قطرية حتى اليوم"، مضيفاً: "تقلقنا كذلك العلاقات القطرية – الإيرانية وتدخلها في الشأن الأفغاني من خلال علاقتها بالجماعات المتطرفة".
وشدد رحمة الله نبيل، في حديثه، على ضرورة أن يكون دور كل من قطر وإيران وباكستان ايجابياً في إطار دعم الاستقرار في أفغانستان، وليس باستخدام الجماعات المتطرفة كأدوات للتدخل في الشأن السياسي الداخلي والإضرار بعملية السلام في أفغانستان، بغرض توظيف أجندات خاصة بهم، بعيدة عن المصلحة الوطنية الأفغانية.
وواصل الحديث: "قطر تريد لعب دور إقليمي، وعوضاً عن أن تلعب دورا إيجابيا تقوم باستخدام هذه الجماعات كأدوات، محولة حركة طالبان إلى ذراع جديدة لجماعة الإخوان المسلمين، فقطر منحت حركة طالبان الشرعية السياسية الدولية، بعد أن حولتها من حركة محلية إلى جماعة مؤدلجة بهدف إضعاف الأدوار الإيجابية لدول أخرى في المنطقة كالسعودية والإمارات والتي بإمكانها أن تلعب دورا رئيسيا وهاما في دفع عملية السلام في أفغانستان، لكن قطر تسعى إلى احتكار الأمر لنفسها، واستخدام حركة طالبان كأداة لفرض سياساتها في المنطقة"، مؤكداً على ضرورة دفع قطر إلى: "عدم استخدام الايديولجيا كأداة لتنفيذ أجنداتها في المنطقة".
وفي إطار علاقة حركة لبان منذ 2014 ورأينا أختر منصور الذي قتل بضربة جوية أميركية على الحدود الإيرانية – الأفغانية "، مشيراً إلى أن إيران تسعى إلى خلق منطقة عازلة في المناطق الحدودية لخدمة أجنداتهم الخاصة، كان من أبرز ملامح ذلك إرسال آلاف الأفغان للقتال في سوريا والعراق، وتشكيل ميليشيات طائفية متطرفة كجماعة "فاطميون"، و"زينبيون"، و"الحسينيون"، و"الحيدريون"، إلى جانب استخدام حركة "طالبان" كورقة ضغط في وجه الولايات المتحدة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة