سعيد الشحات يكتب: الشيخ والفنان والرئيس.. الغزالى يرفض مساواة المرأة بالرجل أمام مؤتمر «الميثاق الوطنى».. ويعترف: «عدها البعض شرحا ماكرا لدعوة الإخوان».. وعبد الناصر يرد عليه.. و«جاهين» يهاجمه بالكاريكاتير

الجمعة، 29 مايو 2020 06:09 م
سعيد الشحات يكتب: الشيخ والفنان والرئيس.. الغزالى يرفض مساواة المرأة بالرجل أمام مؤتمر «الميثاق الوطنى».. ويعترف: «عدها البعض شرحا ماكرا لدعوة الإخوان».. وعبد الناصر يرد عليه.. و«جاهين» يهاجمه بالكاريكاتير جمال عبد الناصر وصلاح جاهين والشيخ محمد الغزالي
كتب سعيد الشحات

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

عبد الناصر لـ«الغزالى»: الرجال هم اللى سايبين الموضة وبيدفعوا فلوسها

صلاح جاهين ينتقد إغفال «الغزالى» للمشكلات المعيشية والتركيز على أزياء النساء

الشيخ ينتقد صلاح جاهين ويتهمه بالرسام الشيوعى

 

1 وقف الشيخ محمد الغزالى متحدثا أمام الرئيس جمال عبدالناصر فانفتحت معركة بينه وبين الفنان والشاعر ورسام الكاريكاتير صلاح جاهين.

 

انطلقت الشرارة من حدث سياسى مهم هو، تقديم جمال عبدالناصر لوثيقة «الميثاق الوطنى» يوم 21 مايو فى قاعة الاحتفالات الكبرى بجامعة القاهرة، أمام مؤتمر ضخم يحضره «أعضاء المؤتمر الوطنى للقوى الشعبية» الذين جرى انتخابهم خصيصا لهدف مناقشة هذه الوثيقة.
كان «عبدالناصر» رئيسا للمؤتمر، وينوب عنه كمال الدين حسين فى غيابه، وتولى أنور السادات «الأمين العام»، فترأس جلسات المناقشات التى تواصلت لأيام.
وحسب وثائق هذه المناقشات التى أشارت إليها جريدة «الخليج -الإمارات» فى 28 سبتمبر 2010 تحت عنوان «40 عاما على رحيل عبدالناصر», فإن الدكتورة حكمت أبوزيد عضو المؤتمر تحدثت، ولم تكن شغلت منصبها الوزارى كأول وزيرة مصرية «وزير الشؤون الاجتماعية فى 25 سبتمبر 1962».. تحدثت عن «المراهقة الفكرية»، وربط مساواة المرأة بمكانة الأسرة فى المجتمع، وتحدثت عما سبق الميثاق من إرهاصات وتقدمات كثيرة كتعيين المرأة فى مجالس الإدارة واختيارها فى المجالس النيابية، مشيرة إلى أن الديمقراطية ليست فى حكم الأغلبية، ولكن أن تكون الأغلبية الواعية المتجردة من ذاتها، ومن مصلحتها وليست الأغلبية العددية فقط, وتساءلت إذا كان الميثاق نادى بعدم سيطرة طبقة على طبقة أخرى، فهل من العدالة أن ينادى بسيطرة جنس على جنس آخر؟ مشيرة إلى أن روح الميثاق تنادى بعدم سيطرة جنس على جنس آخر.
 
download
 

عقب عبدالناصر على كلمة «أبوزيد» مركزا على ما أثارته حول «المراهقة الفكرية».

 

واستمرارا للحديث عن «قضية المرأة» طلب الشيخ محمد الغزالى عضو المؤتمر الكلمة، فتحدث عن أن الإسلام ساوى بين الرجل والمرأة بالفعل، لكن فى نظر الإسلام وفى نظر الطبيعة الرجل هو الجنس الأقوى فى البيت وفى المجتمع، ومن هنا يجب أن تكون له حقوق الجنس الأقوى باستمرار، فلا خلاف أبداً فى أن الرجل قوّام على المرأة فى البيت، ولا يجوز أن يثار لغط حول هذه الحقيقة.. استطرد الغزالى: «أحب أن يعرف أن هذه المساواة التى وردت فى كلمة الرئيس فهى محكومة يقينا بالفروق الطبيعية التى لابد من أن تقر، وأن يعترف بها»، وأضاف: «لو أن النساء يطلبن مساواة حقيقية بالرجال ما وجدت فى الترام أو فى السيارة أو فى الشارع أغلبية النساء عاريات السيقان والأذرع والظهر والصدر الآن».
 
تحدث «الغزالى» من موقعه كعضو فى المؤتمر، وبالرغم من ماضيه «التنظيمى» فى جماعة الإخوان، إلا أنه وقتئذ «كان أحد كبار المسؤولين فى وزارة الأوقاف»، حسب تأكيد صلاح عيسى، كما انخرط بقدر ما فى تنظيمات الثورة، ووفقا لتأكيده هو فى شهادته للدكتور مصطفى عبدالغنى فى كتابه «المثقفون وثورة يوليو»: حين كانت تتاح لى الفرصة لأعمل فى أى من مؤسسات الثورة لم أكن أمانع قط، وعلى سبيل المثال كان الاتحاد الاشتراكى قد أعلن عنه كهيئة سياسية، لم أتردد فى الانتماء إليه ودخلت فيه، يضيف: «كانت هيئة التحرير قبل ذلك قد أعلنت، ودُعى الإخوان للدخول إليها ورفضوا، أما الاتحاد الاشتراكى، فعلى المستوى الشخصى لم أرفضه.. نعم رسميا اشتركت فى الاتحاد الاشتراكى..واشتركت فى المؤتمر السنوى عام 1962، كان يسمى بالمؤتمر الوطنى»
طرح «الغزالى» فى كلمته فكره الذى يتطابق مع فكر جماعة الإخوان، ويلمح هو إلى ذلك فى كتاب «معالم المشروع الحضارى فى فكر الشيخ محمد الغزالى» للدكتور محمد عمارة: «انعقد المؤتمر الكبير، وافتتحه الرئيس جمال عبدالناصر.. كنت من أوائل الذين طلبوا الكلمة.. ومضيت فى شرح الحقائق الإسلامية الضائعة مطالبا بعودة المجتمع إليها.. وكنت فى حديثى سهل العبارة، متوددا إلى الجميع، وكنت قبل الحديث قد دعوت الله أن يلهمنى الرشد، وأن يفتح لى القلوب، ويظهر أن الله استجاب لى، فإن كلمتى - وإن عدها البعض شرحا ماكرا لدعوة الإخوان - بلغت أعماق النفوس ولقيت ترحابا واضحا وتصفيقا شديدا.
 
علق عبدالناصر على كلمة الغزالى قائلا: «النقطتان اللتان أثارهما الشيخ الغزالى، الأولى هى الأذرع العارية والسيقان العارية اللى بيتكلم عليها، فأنا باعتبر إن دا مسؤولية الرجالة، لإن الرجالة هم اللى بيسمحوا بهذا، فإحنا بنقول إن الرجال قوّامون على النساء، وبعدين الرجال هم اللى سايبين الموضة كل سنة، واللى بيدفعوا فلوس الموضة كل سنة، والكلام اللى إحنا لازم نديه لنفسنا، إحنا كحكومة ودا موضوع يمكن حتى من المواضيع اللى ظهرت فى أول الثورة لا نستطيع إن إحنا نفعل شىء، ولكن كل رب أسرة يستطيع إنه يفعل شىء، وفى أول الثورة قال لى الشيخ الهضيبى من الإخوان المسلمين، أنا أطلب منك إنك تفرض الحجاب وماتخليش المرأة تمشى فى الشارع إلا وهى محجبة، وتقفل السينمات وتقفل المسارح، فأنا فى الحقيقة وجدت إن أنا حادخل فى معركة كبيرة جدا يعنى مع الـ25 مليون «عدد سكان مصر وقتئذ»، أو مع نصهم على الأقل، وبعدين أنا قلت له يعنى إزاى أنت بتطلب منى هذا الطلب؟! دا طلب يعنى لا طاقة لى به، فقال: أنا مصمم على هذا.
 
وبعدين قلت له: اسمع بقى نتكلم بصراحة وبوضوح أنت لك بنت فى كلية الطب، هل بتروح كلية الطب حاطة حجاب؟ أنا عارف أما بتروح كلية الطب مش حاطة حجاب، وأنا كنت أعرف لإن هو كان ساكن تحت نسايب المرحوم صلاح سالم «عضو مجلس قيادة ثورة 23 يوليو 1952»، إذا كنت فى بيتكم مش قادر تخلى بنتك تطلع فى الشارع حاطة حجاب، حتخلينى أنا أجيب الناس كلهم أقول لهم اعملوا حجاب، وبعدين هل بتروح السينما ولا مابتروحش سينما؟. بتروح سينما.. طب إذا كان الراجل فى بيته مش قادر يخلى ولاده مايروحوش أو بنته ماتروحش سينما، طب عايزنى أنا أقفل السينمات ليه؟. إذا كنا عايزين ننفذ شىء يبقى دا يتنفذ فى العيلة، فى البيت، كل واحد يقوم بدوره الأساسى كرب أسرة ورب عيلة، وبهذا بنبص نلاقى المجتمع بتاعنا مجتمع ماشى على الأخلاق السليمة، ومفيهوش أى نوع من هذه المراهقات الفكرية.
 
يضيف عبدالناصر: النقطة الثانية بالنسبة للعمل، أنا أجد العمل فى الحقيقة عاصم للمرأة من الزلل، لأن الزلل سببه الحاجة، وعلينا إننا نزيد فرص العمل لتستوعب الشبان والشابات علشان نبنى مجتمع سليم، نبنى مجتمعا معصوما من الزلل ومعصوم من الحاجة، لأن هذه الحاجة هى أشد أنواع العبودية، بالنسبة للعمل، علينا أن نزيد فرص العمل ونفتح فرص العمل المناسبة للمرأة، حتى نحمى المرأة من الزلل، حتى نقوّم المجتمع، بالنسبة للمساواة يجب أن نفهم أن المساواة التى نص عليها الميثاق هى مساواة فى إطار العقائد الدينية.
 
انتهت كلمة عبد الناصر، لكن الغزالى يزعم: «كان بين أعضاء المؤتمر سبعون شيوعيا أفزعهم هذا الجو الإسلامى، وزاد من ضيقهم أن جماعات ضخمة كانت تؤدى الصلوات فى الأوقات، وتتحدث عن ضرورة التمسك بالإسلام، واتفقت كلمتهم على توجيه ضربة سيئة لى توقف نشاطى، فأوعزوا إلى «الرسام الهزلى» صلاح جاهين ألا يدع الكلمة التى ألقيتها تمر دون تعليق».
 
فماذا فعل جاهين.. وقبله كيف رد عبدالناصر على كلام الغزالى؟

 

788656223326565
 

2 صلاح جاهين يرسم الغزالى فى كاريكاتير: متحدثا على المنصة بانفعال وعمامته البيضاء تسقط من فوق رأسه «ويسأله»: لماذا لاتتكلم إلا عن أزياء النساء وتغفل الحديث عن المشكلات المعيشية؟.. والشيخ يتهمه بـ«الرسام الشيوعى».

خرجت صحيفة الأهرام فى عددها يوم 28 مايو 1962 بتغطيتها لوقائع المناقشات التى دارت حول وثيقة الميثاق الوطنى، وفى صفحتها الأولى تقريرا فيه صورة «الغزالى» وهو يتحدث، وتحتها تعليق: «لأول مرة فى المؤتمر الوطنى تعرضت المرأة لهجوم من الشيخ محمد الغزالى، ولم تسكت عليه عضوات المؤتمر، فقاطعنه أكثر من مرة».

unnamed
 
اشتعلت المعركة بدخول «جاهين» على الخط.. كان جاهين وقتئذ ضمن نجوم جريدة الأهرام، حيث ضمه رئيس تحريرها الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل، رئيس التحرير إليها رساما للكاريكاتير عام 1964، ثم تركها ليذهب رئيسا لتحرير صباح الخير عام 1966، ثم عاد إلى الأهرام عام 1968، ويكشف الكاتب الصحفى محمد بغدادى، فى مقال له بعنوان «صلاح جاهين رسام بدرجة مقاتل» منشور فى «روزاليوسف -20 إبريل 2010»، إن جاهين قال له إنه كان يتابع جلسات المؤتمر عبر التليفزيون، فاستمع إلى كلمة الغزالى ورد عبد الناصر.. وقرر أن يرد.
 
كان رد جاهين فى رسم كاريكاتير خرجت به «الأهرام» يوم 29 مايو 1962، وعنوانه: «هاجم الشيخ محمد الغزالى كل القوانين والأفكار الوافدة من الخارج».. أما الرسم فيشمل إظهار الغزالى واقفًا على المنصة يلقى كلمته منفعلًا، وعمامته البيضاء تسقط عن رأسه، وتحت الرسم يكتب جاهين تعليقه الساخر: «الشيخ الغزالى: يجب أن نلغى من بلادنا كل القوانين الواردة من الخارج كالقانون المدنى وقانون الجاذبية الأرضية»،
حين شاهد «الغزالى» هذا الكاريكاتير غضب بشدة، وفسره بطريقته الخاصة، يذكر فى كتاب «معالم المشروع الحضارى فى فكر الشيخ محمد الغزالى» للدكتور محمد عمارة: «ظهرت صحيفة الأهرام وقد صورتنى عارى الرأس، ساقط العمامة على الأرض، لأن قوانين الجاذبية شدتها وفق التطور العلمى، ونظرت إلى الصورة وقد تملكنى الغضب، فإن العمامة ليست لباسًا خاصًا بى، وإنما هى رمز العلماء المسلمين، والرسام الشيوعى «يقصد جاهين» يريد الإيحاء بأن القوانين العلمية ستعصف بالإسلام».. وتابع الغزالى فى إشارة إلى كل مهاجميه من الصحفيين :«يا عجبا أنه عندما كان الملك فاروق يبحث عن الشهوات، كان أولئك المهاجمون لى من رجال الصحافة يشتغلون قوادين للملك الماجن.
 
قرر «الغزالى» الرد من على المنبر الذى ألقى فيه كلمته التى أثارت جاهين، وهو ماحدث بالفعل يوم 29 مايو، فرد جاهين يوم 30 مايو بكاريكاتير يسخر فيه من آراء الغزالى فى المرأة والزى الذى ترتديه.. رد الغزالى ولم يكتف بهجومه على جاهين، وإنما طال الأهرام.. قال إنه قصد فى كلمته أمام المؤتمر أن «لا يظل الشرق العربى الإسلامى محكوما بقانون فرنسى، ولم يهاجم القوانين العلمية الثابتة كالجاذبية الأرضية، لأن الإسلام ليس ضد العلم»، وأضاف: «مهاجمة العمامة البيضاء أمر يستدعى أن يمشى العلماء عراة الرأس إذا لم تحم عمائمهم»، وقال: «إذا كانت كلمتى استغرقت 20 دقيقة فإن موضوع الأزياء لم يستغرق أكثر من 3 دقائق، وهذا المؤتمر يعطى الحق لكل فرد ليقول الكلمة الأمينة الحرة التى يجب ألا يرد عليها بمواويل الأطفال فى صحف سيارة ينبغى أن تحترم نفسها».
 
هكذا جر «الغزالى» جريدة الأهرام إلى المعركة بعد أن طالبها بأن «تحترم نفسها»، فردت الأهرام يوم 31 مايو 1962 على صفحتها الأولى، تحت عنوان «كلمة الأهرام».. قالت: «إن الأهرام تقدس الدين وتحترمه، لكنها ترفض محاولة الشيخ «الغزالى» بأن يجعل الخلاف فى الرأى بينه وبين صلاح جاهين رسام الجريدة قضية دينية، وأن الجريدة تؤمن بحرية الرأى، لذلك تنشر نص كلمة الغزالى احترامًا لحقه فى إبداء رأيه مهما كان مختلفًا مع رأى الجريدة، مع إعطاء الحق لصلاح جاهين أن يبدى رأيه هو الآخر فيما يقوله الشيخ،.
 
وأعطت «الأهرام» لجاهين الحق فى الرد، فنشرت فى صفحتها السابعة كاريكاتير له بعنوان: «ملاحظة على إغفال الشيخ الغزالى مشكلات المعيشة والمواضيع الحيوية»، وشمل الرسم، صورة لأطفال مشردين تنطق وجوههم بالبؤس والشقاء، وهم يحملون لافتة مكتوبًا عليها :«أين الكساء يا مشروع الأزياء.. لماذا لا تتكلم إلا عن ملابس النساء؟»، ويظهر الشيخ الغزالى معترضًا طريق المظاهرة وهو يصرخ فيهم، وتحت الرسم تعليق: «مابتكلمش عنكم ياجهلاء لإنكم ذكور وما ظهر من جسمكم ليس عورة».
 
لم تهدأ المعركة بل زاد لهيبها وبلغت ذروتها بين الطرفين يوم 1 يونيو 1962، فماذا حدث فيها، وكيف هدأت الأحوال؟

3 «جاهين» يسخر من الغزالى بست رسومات كاريكاتير فى الأهرام.. والشيخ يرد من على منبر الأزهر فى خطبة الجمعة ومظاهرة تخرج بعد الصلاة إلى الأهرام تطالب «بدم المارق صلاح جاهين» 

فى يوم 1 يونيو 1962 نشر «جاهين» 6 رسومات كاريكاتيرية فى الأهرام ضد الغزالى بعنوان جامع هو «تأملات كاريكاتورية فى المسألة الغزالية»، وقدمها بقوله: «طالبت حق الرد على الشيخ محمد الغزالى بعد كل الذى قال فى اجتماع المؤتمر الوطنى للقوى الشعبية، وليس لى اعتراض على مهاجمة الشيخ الغزالى لشخصى، ولا على أسلوب الهجوم، ولا على الألفاظ التى رضى لنفسه بأن يتفوه بها..لى اعتراض واحد.. إننى اعترض على أن يخلط بين خلاف الرأى وبين قداسة الدين، إن ملابس الشيخ الغزالى لا تعطيه حصانة تجعل آراءه فوق مستوى النقد».

أعطى للكاريكاتير الأول عنوان: «الغزالى واعتراضه على اشتغال المرأة»، والرسم لشيخ يوجه سؤاله لفتاة تحمل كتابا: «أنت ياست أنت.. مين اللى سمح لك تشتغلى؟»..والثانى لجموع من الشعب المصرى يحملون لوحة كبيرة عليها: «أهداف الميثاق.. الخبز للجميع.. المسكن للجميع.. الكساء للجميع.. الكساء للجميع.. الدواء للجميع.. العمل للجميع.. الفرصة للجميع.. الثقافة للجميع.. التأمين للجميع.. الحكم للجميع.. وفى مواجهة هؤلاء يقف شيخ تلف عمامة وجهه بعينيه رافعا يده وموجها إصبعه إليه قائلا: «أما عن الميثاق.. فإنى أرى..»
 
والكاريكاتير الثالث بعنوان: «أبو زيد الغزالى سلامة»، ويتكون من «شيخ يركب فرسا بالمقلوب ويمسك ذيله، ويحمل حربة مكتوبا عليها: «الإرهاب باسم الدين»، وتحتها شعر ساخر: «هنا يقول أبو زيد الغزالى سلامة/وعينيه ونضارته يطقو شرار/أنا هازم الستات ملبسهم الطرح/أنا هادم السينما على الزوار/أنا الشمس لو تطلع أقول إنها قمر/ولوحد عارض.. يبقى من الكفار/ويا داهية دقى لما أقول ده فلان كفر/ جزاؤه الوحيد الرجم بالأحجار/فأحسن لكم قولوا «آمين» بعد كلمتى/ ولو قلت الجمبرى يبقى ده خضار».
 
وجاء الكاريكاتير الرابع من وحى الثورة المسلحة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسى، وكان لإرهابى يقف وظهره لإرهابى آخر يجلس أمام آلة كاتبة، والاثنان يغطيان رأسهما بالكامل، وعلى ثيابهما«OAS»، ويملى الواقف على الجالس: «اكتب: السيد الأستاذ محمد الغزالى بالقاهرة.. بعد التحية.. تعلمون سيادتكم أننا فقدنا زعيمنا الإرهابى الكبير الجنرال، ويسرنا بعد إطلاعنا على مواهبكم أن ندعوكم خلفا له وشكرا».. إمضاء: «التنظيمات الإرهابية بالجزائر».
أما الكاريكاتير الخامس، فعنوانه: «الغزالى يلفق للعبد لله أقوالا باطلة عن الحجر الأسود»، والرسم لشيخ يتحدث أمام المؤتمر، وأمامه «العبد لله» يعترض قائلا: «تراهن يا أستاذ غزالى من جنيه لعشرة.. إن عمرى ما جبت سيرة الحجر الأسود.. والمسألة لو فيها أى حجر يبقى داخل رأس سيادتك بس»،
استثمر جاهين فى الكاريكاتير السادس، حدثا كرويا مهما وهو مباراة «الأهلى وبنفيكا البرتغالى» فى نفس اليوم «1 يونيو 1962»، فرسم «استاد القاهرة»، وأمامه يافطة إرشادية عليها: «مباراة الأهلى وبنفيكا»، وفى الجهة الأخرى مسجد وبجواره يافطة عليها: «المؤتمر الوطنى مغلوق الجمعة»، وشيخ يسرع الخطى فى اتجاه المباراة، والتعليق: «الغزالى :النهادرة مفيش جلسة ميثاق، لما أروح أغلوش على مباراة الأهلى وبنفيكا».
 
كانت المباراة وطبقا لموقع «أنا أهلاوى»، بعد شهر من حصول بنفيكا على كأس بطولة أندية أوربا بهزيمته لريال مدريد الإسبانى 5-3، وحضر«بنفيكا» بنجومه، وأبرزهم إيزيبو أحسن لاعب فى أوربا، وفاز الأهلى 3–2، واستعان بنجم الترسانة بدوى عبد الفتاح وسجل هدفين، ونجم المصرى محمد بدوي، وسجل طه إسماعيل هدفا.
 
أخذ المسجد دوره فى المعركة خلال نفس اليوم «1 يونيو».. يذكر الدكتور محمد عمارة، فى كتابه «معالم المشروع الحضارى فى فكر الشيخ محمد الغزالى» رواية الغزالى له: «ألقيت خطبة الجمعة فى الأزهر مختارا لها موضوعا أبعد ما يكون عن قضية الساعة، وأحسست أن الزحام شديد جدا، وبعد الصلاة سكنت مكانى دقيقة واحدة، انفجر المسجد المكتظ بعدها بصياح اختلط فيها التكبير بالبكاء وبالهتاف، ورأيتنى محمولا فوق الرؤوس لا أعرف ماذا أصنع، والمصلون فى المسجد يزيدون على عشرين ألفا، انضم إليهم من مسجد الحسين والمساجد القريبة، وانطلقت مظاهرة إلى جريدة الأهرام، وكلما قاربت تضاعف عددها».
يذكر «بهاء صلاح جاهين» فى مقاله «الأستاذ.. وصلاح جاهين» الأهرام،و19 فبراير 2016: «التفوا حول مبنى الأهرام القديم بشارع مظلوم وحاصروه، مطالبين بدم المارق صلاح جاهين، وكان جاهين وهيكل فى مبنى الجريدة».. وفى مقال «صلاح جاهين رسام بدرجة مقاتل» «روز اليوسف -20 إبريل 2102»، ينقل محمد بغدادى عن «جاهين»: «بدأت المساعى لإنهاء الأزمة.. جمعنى أحمد بهاء الدين بالشيخ الغزالى فى مكتب هيكل وتصالحنا».. وعن موقف عبدالناصر، يقول «جاهين»: «قال عبدالناصر: لا أريد أن تتدخل باقى الصحف، والحوار يقتصر على الأهرام فقط باعتبارى صحفيا فيها، حتى لا تبدو المسألة غوغائية».
 
 
p









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة