نظريا هناك أكثر من 40 مليون مستخدم لفيس بوك فى مصر، حسب إحصاء لمراكز دولية منها مركز يسمى «كراود أنالايزر» لمواقع التواصل الاجتماعى فى عام 2019، هذا الرقم فى حال صحته يفترض أن هناك أكثر من ثلث المصريين على فيس بوك، فضلا عن مواقع أخرى. وبمناسبة فيروس كورونا فإن هذا الرقم يتيح انتشار وتوسع أى خبر أو شائعة أو فبركة خلال لحظات، مع الأخذ فى الاعتبار أن نسبة أقل من 5% فقط من المستخدمين تقدم المحتوى، والتفاعل من نسبة مشابهة، بينما النسبة الأكبر تتعامل باللايك والشير أو نقل المحتوى وإعادة بثه وهم من يمثلون جمهور مواقع التواصل وصناع التريند والهشتاج.
وربما يكون فيروس كورونا أحد أكثر النماذج الكاشفة، لحالة السيولة، ومن البداية كان الصوت الأعلى فيما يتعلق بالنشر والنصائح هو لغير المتخصصين، مقابل انسحاب المختصين أو أنهم ربما لم يكونوا قادرين على التعبير باحترافية نشطاء محترفين قادرين على تقديم المحتوى، ولهذا شاعت وماتزال الكثير من الأخبار غير الدقيقة فيما يتعلق بالأخبار المتعلقة بالفيروس مواصفاته وحتى طرق علاجه والتعامل معه.
واللافت والمثير فى هذا أن كل معلومة أو خبر أو شائعة، منسوبة لمركز أبحاث أو اسم أو عالم أو خبير، وطبعا من الصعب على مستخدم فيس بوك أن يعود إلى كل خبر ليبحث فى مدى صحته أو صحة انتسابه لهذا المركز أو ذاك العالم، ووصل الأمر إلى أن هناك أخبارا شاعت وتم تناقلها خلال الأسابيع الأخيرة أن مركز أبحاث إيطالى توصل إلى أن كورونا ليس فيروسا وإنما بكتيريا، وهو أمر لم يرد نسبته إلى أى جهة علمية أو طبية، ومن البداية كان الحديث عن فيروس، ولا أحد يعرف من أين أتت فكرة أنه بكتيريا، خاصة أن هذا التحول من شأنه أن يقلب موازين كثيرة.
لكن الواقع أيضا أن مستخدم فيس بوك أو وسائل التواصل معذور وهو يتابع مئات التقارير والبوستات المنسوبة لمراكز علمية دولية تخبره بكلام يتناقض مع بعضه ومع سابقه. مع وجود رغبة لدى البعض فى حيازة السبق بمعرفة أسرار والانفراد فيقومون بنقل كل هذا وعرضه على صفحاتهم ليتناقله غيرهم بتناقضاته. وتولد وسط هذا حالة من المعرفة الوهمية لدرجة أنه عند وجود خطر حقيقى يكون من الصعب على الناس التعامل مع الفيروس.
والمثير أنه فى الوقت الذى يتسع انتشار الفزع والأخبار المتضاربة، فإن نصائح التباعد والوقاية وعدم التزاحم لم تنتشر أو لم تجد استجابة على نفس مستوى الأخبار والفزع. والجديد هو نشر وصفات علاجية وبروتوكولات علاج من أدوية وغيره أدى النشر إلى اختفائها من الأسواق لأن هناك من قام بتخزينها من دون أن يعرفوا بوجود اختلافات بين حالة وأخرى.
لقد ظل هناك من يستبعد وجود الفيروس ويتعامل معه باستهانة، حتى بدا يظهر فى محيط معارفه، تزايدت حالات الإصابة بشكل كبير مقتربة من ذروة متوقعة، بما يحتم اتخاذ إجراءات أكثر قوة فيما يتعلق بالوقاية والتباعد وارتداء الكمامات وغيره.
وبقدر ما تساهم مواقع التواصل فى نشر الفزع والخوف والوصفات المتناقضة، تعجز فى ظل زحام النشر والمنافسة على انفرادات وهمية عن نشر الوعى.