تشهد السجون الأوروبية حالة غير مسبوقة من التوتر نتيجة تفشى فيروس كورونا المستجد بين السجناء، الأمر الذى يثير قلق المنظمات الدولية والنقابات والمؤسسات المعنية بمتابعة أوضاع السجون فى أوروبا، حيث تسعى بعض الحكومات فى تخفيف الإجراءات والقيود على المساجين، بينما تشهد بلدان أخرى عنفا وتخريبا نتيجة قرارات العزل.
وتسعى وزارة العدل الفرنسية إلى أخذ تدابير وقائية لمنع تفشى وباء " كوفيد-19"، فى السجون الفرنسية التى باتت تعانى من حالة مذرية وخطرة فى ظل انتشار الفيروس المستجد وخاصة بعد تسجيل حالات وفاة وارتفاع عدد الإصابات، ومن المتوقع أن يتم تقليص عدد السجناء أو الإفراج عن بعضهم بـ "شروط".
من جانبها، طالبت نقابة مدراء السجون، الحكومة بتحسين ظروف الاعتقال ومنح السجناء مساحات كافية داخل الزنازين لمنع وقوع كارثة.
ووفقاً للقانون الفرنسى الصادر فى عام 1875 من دون أن يتم احترامه مرة واحدة، فيجب وضع سجين واحد فى زنزانة، وكانت المحكمة الأوروبية قد أدانت فى شهر يناير الماضى فرنسا بسبب عدم احترامها للمساحات التى يجب أن توفرها لكل معتقل داخل الزنازين.
وقامت وزيرة العدل نيكول بيلوبى بتخفيض عدد المعتقلين فى سجون فرنسا وتحسين ظروفهم المعيشية والصحية للحيلولة دون انتشار وباء كورونا، وقامت أيضا بتخفيف العقوبات القانونية المفروضة على البعض وإطلاق سراح البعض الآخر بشكل "مشروط".
وتعليقا على الإجراءات الجديدة التى اتخذتها وزارة العدل، قالت الأمينة العامة لنقابة القضاء أن صوفى ولاش: "هذا تطور، بلا شك. لكن يجب الذهاب بعيدا فى سياسة تقليص عدد السجناء ونسبة احتلال الفضاءات داخل السجون من 180 بالمئة حاليا إلى 100 بالمئة".
وفى مطلع أبريل قالت صحيفة لاكروا الفرنسية، أن السجون الفرنسية تعانى من حالة مذرية للغاية، فى ظل أزمة انتشار فيروس كورونا المستجد " كوفيد-19"، حيث قال أحد المسئولين عن المراقبة العامة للأماكن المقيدة للحرية بفرنسا أن إدارة أزمة فيروس كورونا جاءت متأخرة وليست كافية تماما.
وأكدت المسئولة أدلين حزان فى المراقبة العامة أن السجون على وجه الخصوص باتت أماكن محفوفة بالمخاطر بسبب وباء كوفيد 19 ، حيث يزيد الاكتظاظ فيها بالإضافة إلى الظروف المتدهورة للغاية من خطر تفشى العدوى بين السجناء والموظفين ، ففى الوقت الحالى يتم "احتواء" الوباء، وسجلت إدارات السجون وجود 30 سجينا مصابا وما بين 400 و 500 حالة مشتبه فيها ، لكن من شبه المؤكد أن هذه الحالات ستزداد.
وتابعت، أن هناك قلق بشأن حدوث تمرد بالسجون خاصة منذ تعليق أوقات زيارة أهالى المسجونين حيث يتشارك السجناء وعائلاتهم غرف مساحتها تسعة أمتار مع اثنين أو ثلاثة اشخاص.
وفى ردها على قرار وزيرة العدل الفرنسية بالإفراج عن 5000 إلى 6000 سجين اعتبرت هذه الإجراءات جاءت متأخرة للغاية ولا تزال غير كافية مضيفة انها مصرة على إنشاء نظام للعفو عن الأفراد حيث أن الحكومة تتردد بين الضرورة الصحية والخوف من الرأى العام لكن فى الظروف الاستثنائية تقول المراقبة يجب اتخاذ تدابير استثنائية فمن جهة إدارة السجون من الضرورى تسهيل البحث عن أماكن لإطلاق سراح السجناء حتى لا ينتهى بهم المطاف فى الشارع وإذا لزم الأمر مصادرة المساكن الفارغة.
وفى السياق ذاته لم تسلم بلجيكا من آفة كورونا داخل السجون حيث أعلنت الهيئة العامة للسجون البلجيكية، تسجيل إصابات جديدة بين صفوف المساجين فى البلاد، حيث أصيب 14 سجينا بفيروس كورونا المستجد كوفيد-19، وكانت آخر إصابة تم تسجيلها أمس الأربعاء بعد إجراء اختبار إيجابى لسجين بحجز أندين البلجيكى.
ووفقاً لوكالة الأنباء البلجيكية، أن تلك الحصيلة الرسمية مشيرة إلى أن هناك الكثير من الأعراض ظهرت على العديد من السجناء الاخرين، وهو ما تم ذكره فى تقارير صحية فى وقت سابق من هذا الشهر.
وأشارت التقارير الرسمية إلى أن 11 من المصابين موجودين حاليا فى قسم كوفيد-19 فى سجن بروج، بينما كان هناك 61 شخصًا إيجابيًا من موظفى السجن، وقد تعافى 31 منذ ذلك الحين وعادوا إلى العمل.
بالإضافة إلى ذلك ، يوجد 449 موظفا يخضعون للرعاية الطبية، وقالت المتحدثة باسم السجون، كاثلين فان دى فايفر لوكالة الأنباء البلجيكية "إنهم فى إجازة مطولة وسيعودون للعمل حينما يتم التأكد من شفاءهم تماماً".
وفى إيطاليا تشهد السجون موجات من العنف و أعمال الشغب بسبب اكتظاظها بالنزلاء فى مختلف أنحاء إيطاليا وبسبب تدابير احتواء فيروس كورونا المستجد.
وذكرت السلطات أن مسجونين، ثار غضب كثير منهم بعد تقييد زيارات الأسر، ومنأبرز الحوادث التى جرت ردا على القرارات، هو إشعال الحرائق واحتجاز الحراس فىأحد السجون وهروب نزلاء من سجن آخر.
وبحلول عصر الاثنين امتدت الاضطرابات التى بدأت فى بؤرة الوباء بشمال إيطاليا إلى الجنوب وشملت أعمال الشغب 25 سجنا فى مختلف أنحاء البلاد.
وقال وزير العدل الإيطالي، ألفونسو بونافيدي، أن الحكومة مستعدة لمناقشة الأوضاع فى السجون.
وفى علامة على أن الاضطرابات فى السجون تسببت فى زيادة الضغوط السياسية على الائتلاف الحكومى لتيار يسار الوسط وحركة 5 نجوم، طالب زعيم حزب الرابطة المعارض المنتمى لليمين المتطرف، ماتيو سالفيني، باستعمال "القبضة الحديدية" فى الرد على السجناء المتمردين.
وعلى الصعيد الألمانى فقد اقترح وزير العدل فى ولاية هامبورج الألمانية، تل شتيفان، توزيع 470 هاتف نقال على السجون فى الولاية لإبقاء النزلاء على تواصل مع عوائلاتهم وذويهم، بعد تقييد الزيارات فى إطار إجراءات مكافحة تفشى وياء كورونا.
وعلى الفور لاقى الاقتراح صداما كبيرا مع المعارضة، وعبر النائب المعارض والخبير القانونى من حزب الاتحاد المسيحى الديمقراطي، ريشارد زيلميكر عن صدمته قائلا: "هراء مطلق. إدخال الهواتف الجوالة إلى السجون ممنوع لعدة أسباب: منع التخطيط لأعمال إجرامية من داخل الزنازين، وكذلك الحيلولة دون التأثير على الشهود أو تهديد الضحايا".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة