أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بمناطق آثار جنوب سيناء، أن مكتبة دير سانت كاترين تعد الثانية على مستوى العالم بعد مكتبة الفاتيكان من حيث أهمية مخطوطاتها حيث تضم 4500 مخطوط من أهم المخطوطات فى العالم.
وقال ريحان - في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم السبت - إن من بين تلك المخطوطات 600 مخطوط عربي، إلى جانب اللفائف المخطوطة باللغة العربية وعددها ألف لفافة، موضحا أنه يوجد كذلك 2319 مخطوطا يونانيا، 284 مخطوطا لاتينيا، بالإضافة إلى المخطوطات السوريانية، القبطية، الحبشية، السلافية الأمهرية، الأرمينية، الإنجليزية، الفرنسية والبولندية.
وأضاف أن تلك المخطوطات دينية، تاريخية، جغرافية وفلسفية .. موضحا أن أقدم هذه المخطوطات يعود إلى القرن الرابع الميلادي وبعض هذه المخطوطات كتبت في سيناء وبعضها من فلسطين وسوريا واليونان وإيطاليا، وبعضها يحمل أسماء الناسخين دون الإشارة إلى مكان مثل سليمان الشماس وجورج ونيكولاس في القرن الـ 12 والـ 13 الميلادي.
وأشار خبير الآثار إلى أنه يوجد بمكتبة دير سانت كاترين ألف وثيقة في شكل لفائف تحمل تطور الخط العربي الديواني بين القرنين الـ12 و19 الميلاديين، ومن أهم المخطوطات التوراة اليونانية المعروفة باسم (كودكس سيناتيكوس) ،وهي نسخة خطية غير تامة من التوراة اليونانية كتبها أسبيوس أسقف قيصرية عام 331م.
وتابع أنه يحتفظ بالمكتبة الإنجيل السرياني المعروف باسم (بالمبسست) وهي نسخة خطية غير تامة من الإنجيل باللغة السريانية مكتوبة على رق غزال، قيل هي أقدم نسخة معروفة للإنجيل باللغة السريانية.
وأوضح أنه يوجد بمكتبة الدير (العهدة النبوية)، وهو كتاب العهد الذي كتب للدير في عهد نبي الله محمد عليه الصلاة والسلام وهو العهد الذي يؤمّن فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الكتاب على أموالهم وأنفسهم وممتلكاتهم ، كما تحوي المكتبة عددا من الفرمانات من الخلفاء المسلمين لتأمين أهل الكتاب.
وأكد الدكتور ريحان أن دراسة وثائق دير سانت كاترين بدأت عام 1950م حين قامت بعثة علمية مشتركة من كلية الآداب بالإسكندرية ومكتبة الكونجرس الأمريكية بتصوير أهم المخطوطات والوثائق ، وكان على رأس هذه البعثة الدكتور عبد الحميد العبادى أول عميد لآداب الإسكندرية والدكتور عزيز سوريال عطية وقامت البعثة بعمل صور ميكروفيلم لأهم هذه الأيقونات.
وقال إنه في عام 1963 قامت بعثة جامعة الإسكندرية وعلى رأسها الدكتور أحمد فكري واشترك فيها الدكتور جوزيف نسيم يوسف الذي زار سيناء مرتين آواخر عام 1963 وأثمرت هذه البعثات عن دراسات وبحوث نشرت بالمجلات العلمية ومن هؤلاء الباحثين كورت فايتزمان وجورج فورسايث وعزيز سوريال عطية الذي قام بعمل فهارس كاملة مع دراسة تحليلية للمخطوطات العربية بالدير.
ولفت ريحان إلى أنه تم تصوير مليون ورقة مأخوذة من 5 آلاف مخطوط ووثيقة مكتوبة بـ 12 لغة، وقد احتفظت كلية الآداب بجامعة الإسكندرية ومكتبة الكونجرس بواشنطن بنسخ من صور الميكروفيلم.
ونوه إلى أن وزارة السياحة والآثار قامت بعمل ترميم وتطوير للجزء الشرقي من المكتبة وافتتح الدكتور خالد العناني وزير السياحة والآثار في ديسمبر 2017 المرحلة الأولى من التطوير ويجرى تنفيذ المرحلة الثانية.
وطالب ريحان بحسن الاستفادة من المكتبة بعد تطويرها بتوقيع بروتوكول تعاون بين وزارة السياحة والآثار ومكتبة الإسكندرية في مشروع قومي لرقمنة مخطوطات المكتبة لإتاحتها للباحثين لما تملكه مكتبة الإسكندرية من تقنية عالية في هذا المجال على أن تبدأ بالمخطوطات باللغة العربية تليها باقي المخطوطات، وعقب ذلك يضمها موقع إلكتروني خاص بعد رقمنتها وإتاحتها لكل الباحثين خاصة مع قلة الدراسات باللغة العربية لمخطوطات مكتبة دير سانت كاترين منذ عام 1959 لصعوبة الإطلاع عليها مما حرم المكتبة العربية من دراسات مهمة تؤكد قيم التعايش الحضاري بين الأديان والحضارات والعلاقات الحضارية والثقافية بين مصر وكافة دول العالم.
وأوضح أن المخطوطات العربية بالدير تضم مخطوطات مسيحية وإسلامية كتبت باللغة العربية، وأهم ما يلفت النظر في معظم المخطوطات المسيحية التي كتبت باللغة العربية هو وجود التأثيرات العربية الإسلامية فيها وذلك بعد أن أصبحت سيناء وديرها وآثارها تابعة للسيادة العربية الإسلامية حيث نجد أن كثيرا من المخطوطات العربية المسيحية تستهل بالبسملة وتختتم بالحمد لله وتؤرخ بالتقويم الهجري ، والأمثلة على ذلك كثيرة إذ تبدأ أسفار الكتاب المقدس عند المسيحيين في كثير من المخطوطات كالآتى (بسم الله الرحمن الرحيم نبتدى بعون الله ونكتب أول سفر) ، كما أطلق على كثير من الرسل والقديسين المسيحيين اسم (المصطفى) بدلا من كلمة البشير أو الإنجيلي ، كما ازدانت كثير من تلك المخطوطات وأغلفتها بنقوش ورسوم وزخارف على هيئة طيور وأزهار وتوريقات نباتية وإطارات على النسق العربي.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة