مدير بمعابد الكرنك يكشف تاريخ التسلسل الزمنى لأعمال الحفر والتنقيب بطريق الكباش من 1949 وحتى 2020 لاستكمال الحلم الأثرى العالمى
لدى عودة حركة السياحة من جديد بعد انتهاء أزمة فيروس كورونا بمصر والعالم، تستعد محافظة الأقصر لإنهاء أكبر مشروع أثرى عالمى لدعم حركة السياحة بصورة أكبر خلال الفترة المقبلة، حيث تسير المحافظة بالتعاون مع وزارة السياحة والآثار على قدم وساق فى خطوات جادة شهدتها محافظة الأقصر للعمل على استكمال الطريق الأشهر والأقدم فى العالم وهو "طريق الكباش"، والذى يحصل على دعم كبير من الدولة والحكومة لمواصلة العمل فى هذا المشروع القومى الضخم الذى يوليه الرئيس عبد الفتاح السيسى اهتماما كبيراً، لدعم حركة السياحة جنوب مصر.
وفى هذا الصدد يقول الطيب غريب مدير بمعابد الكرنك، أن مشروع "إحياء طريق الكباش" الفرعونى الذى يربط معبد الأقصر بمعابد الكرنك بسلسلة من الكباش على الجانبين بطول 2700 متر، تم قطع شوط كبير داخلها وذلك تمهيداً لإنهائه قريباً وعمل حفل الافتتاح بصورة تليق بمصر أمام العالم أجمع، وبحضور قيادات ومسئولى الدول والسفارات من حول العالم، موضحاً أن طريق الكباش من أعظم الأعمال التاريخية، فهو ممر عالمى لم يسبق له مثيل، ولكنه تدمر حالياً بفعل عوامل الزمن ومرور آلاف السنين عليه، وبناء المواطنين منازلهم على الطريق عقب سرقة تماثيله الشامخة على مر العصور المختلفة.
ويضيف الطيب غريب، فى تصريحات لـ"اليوم السابع"، أن تاريخ أعمال الحفر عن طريق الكباش تمت على مر الفترات الماضية بصورة كبيرة، حيث أن أعمال التنقيب السابقة عن الكباش تمت طبقاً للتسلسل الزمنى التالى:- حيث قام الدكتور زكريا غنيم عام 1949 بالكشف عن 8 تماثيل لأبى الهول، كما قام الدكتور محمد عبد القادر 1958م- 1960 م بالكشف عن 14 تمثال لأبى الهول، وقام الدكتور محمد عبد الرازق 1961م – 1964 بالكشف عن 64 تمثال لأبى الهول، وقام الدكتور محمد الصغير منتصف السبعينيات حتى 2002 م بالكشف عن الطريق الممتد من الصرح العاشر حتى معبد موت والطريق المحاذى باتجاه النيل، كما قام منصور بريك عام 2006م بإعادة إعمال الحفر للكشف عن باقى الطريق بمناطق خالد بن الوليد وطريق المطار وشارع المطحن بالإضافة إلى قيامة بصيانة الشواهد الأثرية المكتشفة ورفعها معماريا وتسجيل طبقات التربة لمعرفة تاريخ طريق المواكب الكبرى عبر العصور، وجارية إلى الآن أعمال استكمال الكشف عن طريق الكباش وتجهيزات افتتاحه أمام الجمهور خلال الفترة المقبلة.
ويؤكد الآثرى الطيب غريب، أن مشروع "طرى الكباش" وإحياءه يتيح للسائحين الأجانب والمصريين التمتع على طول الطريق بين معبدى الأقصر والكرنك برؤية 1200 تمثال، نحت كل منها فى كتلة واحدة من الحجر الرملى، وهى فى هيئتين: الأولى تتخذ جسم أسد ورأس إنسان، والثانية لها جسم كبش ورأسه، علماً بأن الأسد يرمز فى التاريخ الفرعونى إلى الشمس التى قدّرها الفراعنة كثيراً، أما الكبش فيعود إلى "خنوم"، أحد الرموز الرئيسة فى الديانة المصرية القديمة، وهو بحسب معتقدات ذاك الزمان صانع الحياة، وكانت تحيط بهذه الكباش أحواض زهور ومجارٍ للمياه لريّها، ووسط التماثيل أرضية مستطيلة (120X 230 سنتيمتراً) من الحجر الرملى، وبين كل تمثال وآخر فجوة قطرها أربعة أمتار، إضافة إلى ما دونته الملكة حتشبسوت على جدران مقصورتها الحمراء فى الكرنك، بأنها شيدت سبع مقصورات خاصة بها على طول هذا الطريق.
وعلى جانب الخطوات الجادة لدعم إحياء طريق الكباش، قاد رجال مجلس مدينة الأقصر بقيادة العميد أيمن الشريف رئيس المدينة، خلال الفترة الماضية أعمال إزالة المبانى والإشغالات الواقعة فوق طريق الكباش بمنطقة نجع أبو عصبة بالكرنك، حيث تمت إزالتها حتى مستوى سطح الأرض والإنتهاء منها تماماً، ويأتى ذلك فى إطار الحفاظ على المناطق الأثرية وتنفيذا للقرار الجمهورى رقم 201 لسنة 2018 والخاص بإزالة العقارات المتداخلة والتى تعوق استكمال مشروع إعادة الكشف عن طريق الكباش بالكرنك شمال مدينة الأقصر، وذلك بناء على توجيهات المستشار مصطفى ألهم محافظ الأقصر، حيث يعد نجع أبو عصبة المرحلة الأخيرة التى تمت إزالتها لإعادة الكشف عن طريق الكباش، "المشروع الأكبر فى تاريخ الأقصر"، وذلك ضمن مشروعات خطة التنمية الشاملة لتطوير المدينة والتى تهدف لتحويل الأقصر إلى أكبر متحف عالمى مفتوح، ليشهد تنفيذ المشروع إزالة ما يزيد على الـ 400 منزل تقريبا على طول الطريق الممتد لمسافة 2700 متر طولا بين معبد الأقصر والكرنك، ويضم على جانبيه ما يقرب من 1200 تمثال لأبو الهول لتسير فيه المواكب الملكية فى الأعياد الدينية المختلفة والاحتفالات.
وقال رئيس مدينة الأقصر لـ"اليوم السابع"، أنه كلف كل من المهندس حنا إبراهيم سليمان سكرتير عام المدينة، والمهندس نشأت عدلى مدير الإدارة الهندسية، بمتابعة سير الأعمال بدقة بالمرحلة الثانية وحصر كل المباني، وذلك عقب توافد المواطنين المستحقين، لاستكمال المستندات الخاصة بإجراءات صرف التعويضات المقررة طبقا للأوراق والمستندات المستوفية لكل الشروط وتقرر أن يتم الصرف لجميع التعويضات بعد الإزالة مباشرة، وذلك بمقر ديوان عام مجلس مدينة الأقصر، يأتى ذلك طبقا لتوجيهات المستشار مصطفى ألهم محافظ الأقصر.
وأوضح العميد أيمن الشريف، أنه تم تنفيذ حملة لإستكمال أعمال مشروع طريق الكباش العالمى، وذلك عبر البدء فى أعمال عمارتين بجوار كنيسة السيدة العذراء بالأقصر، وذلك تنفيذا لتعليمات الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية، بهدف مواصلة العمل فى تجهيزات هذا المشروع القومى لأعمال إعادة إحياء طريق الكباش وإزالة المعوقات المتداخلة على المشروع، مضيفاً أنه سيتم خلال الفترة المقبلة إستكمال كافة الأعمال اللازمة لإعادة إحياء طريق الكباش الفرعونى الذى يربط بين معبدى الأقصر والكرنك، حيث تمت أعمال إزالة عمارتين بجوار كنيسة السيدة العذراء.
وفى نفس السياق قال الدكتور مصطفى وزيرى الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، إنه تم البدء فى أعمال الحفائر فور إزالة بعض المنازل بمنطقة نجع أبو عصبة الواقعة على طريق الكباش الفرعونى، وأسفرت الحفائر عن ظهور بعض الكباش من أسفل الطريق ويجرى استكمال الحفائر للحصول على أفضل النتائج لإستكمال مشروع إحياء طريق الكباش الفرعونى بالأقصر.
وأضاف أمين المجلس الأعلى للآثار، لـ"اليوم السابع"، أنه خلال العمل فى استكمال الحفائر بالطريق ظهر مؤخراً صف من الكباش بالطريق كانت أسفل بعض المنازل التى أزيلت مؤخرًا لاستكمال المشروع القومى بإحياء "طريق الكباش"، ومن المقرر استئناف أعمال الحفائر بالطريق بأكمله لخدمة حركة السياحة برحلة على الأقدام للأفواج السياحية بين معبد الأقصر ومعابد الكرنك.
وأكد الدكتور مصطفى وزيري، أنه يعتبر طريق الكباش الفرعونى من أقدم المسارات المصرية القديمة وحول العالم، وهو سحر مميز من تاريخ الحضارة الفرعونية المتواجد فى قلب مدينة الاقصر حتى يومنا هذا منذ آلاف السنين، فهو عبارة عن طريق إحتفالات تاريخى يضم تماثيل أبو الهول أو الكباش بطول 2750 متر من معبد الأقصر لمعبد الكرنك، وكان فى العصور الفرعونية عدد الكباش فى الصفين 1300 كبش ما بين كل كبش وكبش 4 أمتار، وطول الكبش الواحد حوالى 2.50 متر، والموجود حالياً من كافة تلك الكباش الـ1300 لا يزيد عن 300 كبش فقط من الكباش الأصلية، وباقى الكباش عبارة عن بقايا وتدمرت فى العصور التى أعقبت العصور الفرعونية، كما قام الأهالى قديماً بالتعدى على المناطق الآثرية والإهمال خلال السنوات السابقة، حيث أخذ العشرات من الأهالى الكتل والكباش وأقاموا عليها المنازل وجعلوها أساس حجرى لمنازلهم، كما كان يزين الطريق بين كل كبش وآخر دائرة مزروع بها زهور ومربوطة بقنوات مياة لرى الزهور، وكان فى العصور الفرعونية "طريق الكباش الفرعوني" عبارة عن طريق مواكب كبرى لملوك الفراعنة وكانت تحيى داخله أعياد مختلفة منها "عيد الأوبت وعيد تتويج الملك ومختلف الأعياد القومية تخرج منه"، وكان يوجد به قديماً سد حجرى ضخم كان يحمى الطريق من الجهة الغربية من مدينة الاقصر العاصمة السياسية فى الدولة الحديثة (الأسرة 18) والعاصمة الدينية حتى عصور الرومانية، موضحاً أن طريق الكباش أو طريق الإله، هو الذى كان ممتدا فى العصور الفرعونية القديمة من معبد الأقصر حتى معبد الكرنك بطول 2750 متر وعرض 76م، ويضم على جانبيه حوالى 1300 تمثال جميعها متراصة على شكل أبو الهول برأس كبش.
وأكد الدكتور مصطفى وزيرى الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، أنه قبل أكثر من خمسة آلاف عام، شق ملوك مصر الفرعونية فى طيبة (الأقصر حالياً) طريق الكباش لتسير فيه مواكبهم المقدسة خلال احتفالات أعياد الأوبت كل عام، وكان الملك يتقدّم الموكب ويتبعه عليه القوم، كالوزراء وكبار الكهنة ورجال الدولة، إضافة إلى الزوارق المقدسة المحمّلة بتماثيل رموز المعتقدات الدينية الفرعونية، فيما يصطف أبناء الشعب على جانبى الطريق، يرقصون ويهللون فى بهجة وسعادة، وبادر إلى شق هذا الطريق الملك أمنحوتب الثالث، بالتزامن مع انطلاق تشييد معبد الأقصر، لكن الفضل الأكبر فى إنجاز "طريق الكباش" يعود إلى الملك نختنبو الأول مؤسس الأسرة الثلاثين الفرعونية (آخر أسر عصر الفراعنة).
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة