بالرغم من أن ارتفاع أعداد المصابين بفيروس كورونا لم يكن مفاجئا، فقد بدا الأمر مفزعا ومفاجئا لأعداد من سكان موقع التواصل، الذين تحولوا فجأة إلى حالة من الإفزاع والتخويف، أكثر من تمسكهم بالهدوء، ودائما نذكر أنفسنا والآخرين، بأن هذا الوباء لا يقتصر علينا فقط، وإنما هو فيروس يهدد العالم، بل إنه أصاب الأنظمة الطبية فى دول متقدمة بأوروبا والولايات المتحدة بالارتباك، وكانت أعداد المصابين والوفيات بمئات الآلاف، ومن المفارقات أن الدول التى اتخذت احتياطات وقائية وأغلقت وقررت حجرا منزليا لأغلب مواطنيها، هذه الدول لم تسلم من انتشار العدوى، وحتى دول عربية ذات أعداد سكان قليلة فرضت حظرا ولم تسلم من ارتفاع أعداد الإصابات، ومعها الحديث عن علاقة الحر بانتشار الفيروس.
فى أمريكا اللاتينية اتسعت دوائر العدوى بالرغم من أنه بدأت بعد إغلاق الطيران والسفر والسياحة، هناك تجارب ناجحة فى اليابان وبعض الدول الآسيوية التى كان لها تجارب سابقة فى مواجهة سارس أو غيره، واليابان اتخذت إجراءات التباعد، والكمامات كانت فرضا دائما حتى قبل كورونا.
الأمر الآخر هو أن هناك أسئلة ما تزال تنتظر إجابات حول طبيعة فيروس كورونا، واحتمالات التوصل إلى لقاح اأو علاج، ما تزال أسئلة بلا إجابات حاسمة، ونفس الأمر فيما يتعلق بعدد ما يتم إجراؤه من مسحات واختبارات، وهى نظرية تتردد ولا تشير إلى نجاح أو فشل، فقد كانت الولايات المتحدة أكثر الدول إجراءا للاختبارات ومع هذا ظلت أرقام الوفيات ضخمة تجاوز المئة ألف، وحتى لو تم إجراء اختبار لمشتبه بإصابته، وكانت النتيجة سلبية فهذا لا يضمن إصابته بعد ساعة واحدة أو يوم، وكل هذا يعنى أنه لا توجد قواعد واضحة باستثناء التباعد واتخاذ الإجراءات الوقائية والكمامات والتطهير.
وبالرغم مما توفره أدوات الاتصال والإعلام والتواصل من معلومات واخبار، فإن نفس الأدوات تساهم فى نشر الفزع أكثر مما تساهم فى نشر الوعى، حيث يبدو أن البحث عن لايكات أو الظهور فى صورة المنفرد بالأخبار، تطغى على الرغبة فى المعرفة والمساهمة فى نشر الوعى، ومن اللحظة الأولى لظهور الفيروس، كان ثمن الفزع أضعاف ثمن المرض، لأن الفزع يصيب بالارتباك وقد يفقد المجتمع شعوره بالاستقرار والتعامل بجدية مع تهديد لا يستثنى أحدا.
ونفس الشىء فيما يتعلق بإدمان توجيه الاتهام إلى آخرين، من قبل قبائل تعتقد أن لديها الخبر اليقين والمعرفة، والأمر لا يحتمل هذه الادعاءات، ويفترض أن يفسح الناس المجال للخبراء والمختصين من أطباء وعلماء وخبراء، ليقولوا كلمتهم، ويوجهوا الناس، ولهذا فإن دعم معنويات الأطقم الطبية واحد من أهم الخطوات التى يجب أن يوفرها المجتمع، وفى نفس الوقت أن يتوقف المدعون ومحترفى التعالم والمزايدة عن أفعالهم الصبيانية، وقد مضى وقت توجيه اتهام بعدم الوعى من فصيل لآخر، أو مهاجمة الأجهزة التى تعمل فى المواجهة، وأصبح واجبا من يعرف أن يوجه الآخرين، وأن تتحول أدوات التواصل من نشر الرعب وتقديم نصائح خائبة أو نشر برتوكولات علاج تساهم فى سحب الأدوية من الأسواق، أن يتفرغوا لنشر الكلام الموثق للأطباء والخبراء عن كيفية العزل المنزلى أو الوقاية.
ولا مانع من حملات لتوفير الكمامات من قبل جهات وأفراد ضمن العمل الخيرى، حيث يمكن التبرع لتوفير كمامات لعمال النظافة والعامل فى الشارع، أو حتى فى مترو الأنفاق والمواقف والشوارع، مع شرح كيفية استخدامها وأهمية الالتزام بها.
مع تزايد الإصابات علينا أن نعرف أنها موجات متوقعة ولو رجعنا إلى كلام الخبراء الموثق وتجارب الدول الأخرى سوف نكتشف هذا، وأن الحذر والمواجهة أمر مهم، وأن ثمن الفزع أضعاف ثمن المواجهة، وارد جدا أن تنتقل العدوى لأى كان، مع نسب شفاء أو تدهور، وأهم ما يفترض اتخاذه هو التمسك بالأمل، والابتعاد عن الافزاع والادعاء، لأن ثمنها أكبر من ثمن المواجهة.