إن آجلا أو عاجلا سوف يعود الناس لأعمالهم وحياتهم ولو بشكل جزئى، بعد أشهر من الحجر الاختيارى والإجبارى، لكن هذه العودة ليست مطلقة، وهناك بالفعل قلق وخوف متزايد من أن تكون عملية الفتح وترك الناس على حرياتهم مقدمة لتفجر أكبر من العدوى بفيروس كورونا مما يعرض المجتمع لهزة عنيفة يمكن أن تشل الجهاز الطبى.
لكن فكرة البقاء فى الحجر تبدو بعيدة عن العقل، مع عدم وجود أفق لنهاية فيروس كورونا، أو التوصل إلى لقاح أو علاج. من هنا ارتفعت أصوات كثيرة تنادى بإعادة الأوضاع إلى مقابل العزل، مع إشارة إلى أن كثيرين لم يلتزموا بالحجر وتزاحموا بالشوارع والأسواق الأمر الذى رفع نسبة العدوى إلى الدرجة المثيرة للقلق. ويحكم هؤلاء من أرقام الإصابات، وأيضا من أرقام الوفيات التى تتزايد بشكل لافت خلال الأسابيع الماضية بالرغم من توقف السفر وفرض عزل على العائدين من الخارج لمدة أسبوعين.
تزايد الإصابات يتزامن مع تقارير متضاربة حول العلاج أو اللقاح، حيث توفى أستاذ كبير بقصر العينى بالرغم من أنه خضع لاهتمام طبى من كل زملائه، ومع هذا تدهورت حالته، فيما بعض الحالات تشفى من دون حاجة إلى علاج أو بعلاج بسيط، وبالتالى فإن الأمر يزداد تعقيدا وتشابكا مع اختلافات واسعة فى وجهات النظر بين المتخصصين. بين خبراء يقولون بقرب انتهاء الفيروس خلال أسبوعين أو ثلاثة وأخرى ترى أن هناك احتمالات لبقاء الفيروس لفترة أطول مع خطورة رفع إجراءات الحظر من دون فرض التباعد والكمامات والإجراءات الاحترازية والوقائية للأفراد والمؤسسات بصرامة.
ولا يتوقف التضارب عن العدوى والشفاء لكن أيضا بتفاصيل منطقة العدوى ونقطة الذروة التى تشير إليها بعض التقديرات، حيث يفترض العلماء أن الفيروس يتخذ منحنى صاعدا، ولا يبدأ فى الهبوط إلا بعد الوصول للذروة، وفيما يتعلق بالحال فى مصر هناك آراء تشير إلى أننا بلغنا الذروة، بينما ترى أراء أخرى أننا لم نصل أغلبها والدليل استمرار تضاعف أعداد المصابين، حتى لو كانت نسبة الوفيات ما زالت صغيرة.
وبالتالى فإن أى تفكير فى رفع الحظر مشروط باستمرار تطبيق الإجراءات الاحترازية والوقائية والتباعد بشكل يمنع من انتشار سريع للفيروس، خاصة مع ارتفاع نسب الإصابة بشكل متسارع، فقد قطعنا الألف الأول فى شهرين والألف الثانى فى عشرين يوما، والثالث فى أسبوع والرابع حتى السادس فى أيام بما يعنى الاقتراب من الألف العاشر وآلاف أخرى، مع تزايد الاختلاط بين المواطنين والتزاحم بالأسواق والمواصلات والعمل وعدم الالتزام بالإجراءات الاحترازية والوقائية والتعامل باستهتار مع الأمر.
كل هذا يجرى فى وقت تفكر فيه دول العالم فى العودة إلى العمل وإنهاء الحجر الإجبارى، بعد أسابيع واجه الاقتصاد خسائر ضخمة ولم تعد الكثير من الدول قادرة على استمرار التوقف عن العمل. منظمة الصحة العالمية قالت إن العودة للعمل والحياة من دون إجراءات احترازية والتزام بالتباعد الاجتماعى والإجراءات الوقائية يمكن أن يقود إلى كارثة من الإصابات، وجاءت تحذيرات منظمة الصحة العالمية فى وقت تتضاعف فيه الإصابات والوفيات فى السويد وهى أحد الدول التى لم تفرض حجرا أو حظرا على التنقلات والعمل والحركة.
فى نفس الوقت تضاعفت أرقام الإصابات والوفيات بشكل كبير فى الولايات المتحدة والبرازيل وبعض دول أفريقيا، التى تتوقع بعض التقارير أنها يمكن أن تشهد موجة من العدوى. بينما يرى آخرون أن إفريقيا ربما تكون بعيدة عن موجات العدوى الكبرى، والمفارقة أن هذه الآراء كلها نظرية لا يمكن حسم مدى صوابها. وتظل التجربة العملية وحجم الإصابات وخطورتها وتأثيراتها هى الفيصل، ولهذا يستمر القلق فى غياب للحسم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة