سعيد الشحات يكتب: "ذكريات صحفية ".. استخدمت مع المطرب كارم محمود أسماء أغنياته ليوافق على حوارى الطويل معه فى فيلته بمصر الجديدة.. ولبى طلبى أثناء الحوار بغناء "أمانة عليك ياليل طول" و"عنابى ياعنابى "

الأربعاء، 06 مايو 2020 05:37 م
سعيد الشحات يكتب: "ذكريات صحفية ".. استخدمت مع المطرب كارم محمود أسماء أغنياته ليوافق على حوارى الطويل معه فى فيلته بمصر الجديدة.. ولبى طلبى أثناء الحوار بغناء "أمانة عليك ياليل طول" و"عنابى ياعنابى " سعيد الشحات وكارم محمود

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

زودنى المطرب الكبير الفنان محمد رشدى بأرقام تليفونات المطربين الكبيرين، محمد قنديل، وكارم محمود، ومعهما كلمات تحفيز:" شيد حيلك معهم، وبعدين نتكلم "

كنت فى شهر مارس 1990 أواصل التسجيل مع محمد رشدى لمذكراته الشخصية والفنية، وكان لديه رأيا بأن المطرب لا يكفيه أن يتمتع بصوت غنائى جميل حتى ينجح، وإنما لابد له من حضور وذكاء ووعى وثقافة وموقف يؤهلانه للتجريب والتجديد الدائم، وكان دائم الاستشهاد بأسماء مثل كارم محمود ومحمد قنديل وعبد العزيز محمود وعبد الغنى السيد، قائلا :"مطربون عظام، لكن ظلوا فى مساحات محدودة خاصة بهم، لأنهم بلا فكر".

سعيد الشحات وكارم محمود (1)

أبديت له رغبتى فى أن ألمس ما يذكره عن قرب، فأعطانى أرقام تليفونات محمد قنديل وكارم محمود لمقابلتهما والتحاور معهما، وخططت لأن تكون لقاءاتى بالاثنين شهادة تاريخية فنية على عصور عاشوها، وجربت أولا الاتصال بمحمد قنديل صاحب الحنجرة الفاتنة فى الغناء التى أمتعتنا بأغنيات مثل "سحب رمشه "و"تلات سلامات"، و"سامح يا أهل السماح" و"يا ساكنين الغورية"، و"جميل وأسمر" و"بين شطين وميه"، وغيرها.

طرحت على "قنديل" فكرتى لكنه رد بطيبة :"والله يا أستاذ مفيش عندى كلام أقوله، أصل النجاح ده من عند ربنا"، فقلت له :"ونعم بالله، لكن الناس محتاجة تعرف تجربتك، وتعرف أد إيه تعبت عشان تكون بهذه العظمة"، وأخذت اطمئنه بأن ماسيذكره هو الذى سيكتب، بل أننى سأكتب من موقع الحب لغنائه، فلم يتغير موقفه، لكنه طلب منى أن أعيد الاتصال به بعد يومين، وفعلت، وكرر نفس كلامه الذى بدا منه أنه زاهدا فى الصحافة أويخشى منها، لكن ليس على طريقة الفنان الفذ محمود مرسى الذى كان معروفا عنه أنه لا يتحدث للصحافة، لكنه كان مثقفا رفيعا وصاحب موقف، أما قنديل فبدا لى من المكالمة بمفرداتها أنه ليس من هذه النوعية.

كان"رشدي" يتابع معى القصة، ونصحنى بأن أجرب مع الفنان كارم محمود، وهو ماحدث بالفعل، وخوفا من أن يكون رده مثل رد "قنديل"، زودت نفسى بالمعلومات الكافية عنه لاستخدامها فى إقناعه، وبالفعل فور أن حدثته رد:"والله يا أستاذ سعيد، أنا حكاية الصحافة دى مليش فيها قوى، وبعدين احنا بنغنى والناس بتسمع وخلاص، حنقول إيه تاني"، فقلت له:" مش معقول صاحب الأغانى الدرر، زى "أمانة عليك ياليل طول" و"عنابي" و"النبى ياجميل" و" على شط بحر الهوي" و"عينى بترف " و"سمرة ياسمرة "و"يا نا يالعزال"، وغيرها، ما يطلعش للجمهور ويحكى قصته مع هذه الأغاني".

انتبه الرجل إلى أننى أحفظ أغانيه فسألنى فيما يشبه الاختبار:"إيه رأيك فى الأغانى التانية؟ فسردت عليه أغانى أخرى له، والتقط منها كلامى عن دوره فى البرنامج الإذاعى الجميل "عوف الأصيل" و"أوبريت مجنون ليلي" لأمير الشعراء الذى لحنه رياض السنباطى، وغنى فيه مع عادل مأمون وسعاد محمد، وكان دوره "ورد" الذى تزوج ليلى حبيبة قيس.. سألني:" أنا لى اتنين مجنون ليلي؟" قاطعته فورا :"آه، فيه عمل جميل ورائع لحنه موسيقار اسمه عبد الحميد عبد الرحمن، وكنت أنت مع عبد الحليم حافظ ونجاة، وعباس البليدى، وإبراهيم حمودة،والحقيقة أنا سمعته مرة واحدة فى إذاعة البرنامج الثانى وسجلته على كاسيت من شدة جماله "..رد :"لا دا انت مذاكر كويس، خلاص بكره أنا معنديش شغل، تعالى الساعة 4"، زادتنى موافقته ثقة وطمعا فطلبت منه ضاحكا :"طمعان واحنا بنعمل الحوار فى إنك تسمعني"أمانة عليك ياليل طول"..رد :"إن شاء الله".

سعيد الشحات وكارم محمود (2)

كنت فى الساعة الرابعة عصرا فى فيلته بميدان"المحكمة" بحي"مصر الجديدة "، واستقبلتنى زوجته بترحاب، وقادتنى إلى حجرة الصالون المزينة ببعض الصور له فى حفلاته وأدواره، وعوده الذى يعلو أريكة خشبية فاخرة، وجلست معى لدقائق، وأخبرتني:" دقائق وكارم حيكون موجود"، ثم استفسرت منى عن جهة النشر، فأخبرتها إنها مجلة كبيرة تصدر فى قبرص اسمها "الموقف العربي"، وشكت لى من عزف زوجها من الصحافة قائلة :" شكلها لابتحبه ولا هو بيحبها"،ثم أضافت:"دا الأستاذ إحسان عبد القدوس الله يرحمه كان من المعجبين بصوته،وكمان الأستاذ توفيق الحكيم الله يرحمه كان من أشد المعجبين بصوته والأستاذ مصطفى أمين ربنا يعطيه العمر، وديما أقول له:" الأسماء الكبيرة دى فخر لك "..وذكرت لى بعض المحاولات الصحفية من صحف مصرية للحوار معه لكنه كان يرفض، ثم أضافت :"لكن انت قدرت تقنعه، وأوصيك خيرا به، ولو احتاجت أى حاجة لقيتها ناقصة فى الحوار كلمني"، ثم تركتني.

دخل كارم محمود مرتديا زيه الرسمى، وبعد الترحيب والمجاملات، سألني:"إيه الموضوع ؟.. قلت :"عاوز أعرف قصتك من بدايتها"..فرد:" نبدأ"..وبدأنا :"ولدت فى دمنهور بمحافظة البحيرة،وكان والدى شيخا جليلا يحفظ تعاليم دينه، وقارئا للقرآن الكريم فى مسجد "سيدى عطية أبوالريش"، وغطت شهرته فى تجويد القرآن محافظة البحيرة، وورثنا أنا وإخوتى حلاوة الصوت منه كما ورثنا تدينه الشديد، وكان أخى الأكبر محمد أكثر من ورث منه صوته الجميل، فغنى لعبدالوهاب وسيد درويش وأم كلثوم، لكن شهرته لم تتجاوز محافظة البحيرة،وهو الذى اكتشف جمال صوتى حين سمعنى وأنا أغنى وحيدا أغنية :"مين عذبك بتخلصه منى /وذنبى إيه بتعذب فيٍ".

تحدث عن التحاقه بالمدرسة الدمنهورية السعيدية الابتدائية، واكتشاف مدرس بها اسمه "توفيق حميد " جمال صوته، فضمه إلى الفريق الفنى بالمدرسة، وتجول هذا الفريق فى بعض المحافظات مثل الإسكندرية والقليوبية، وفى الثانية عشرة من عمره دخل سينما "البلدية " فى دمنهور ليشاهد فيلم "الوردة البيضاء" لمحمد عبد الوهاب،وبعد أن شاهد الفيلم قرر أن يكون مثل هذا الرجل العظيم عبد الوهاب.

يضيف كارم :"سافرت إلى الإسكندرية هربا وعملت ببعض فرقها وذاعت شهرتى رغم صغر سنى، حتى جاء والدى إلى وأخذنى بعد علقة ساخنة،معترضا بتحفظه وتدينه على اختيارى هذا الطريق،وتم فرض رقابة شديدة على، لكننى استطعت الهرب مرة ثانية،ومن جديد أخذنى الوالد بعد علقة ثانية"

استمر كارم على هذه المعاناة حتى جاء إلى القاهرة ليبدأ منها رحلة النجاح والشهرة التى جعلته واحدا من المطربين الكبار فى تاريخ الغناء العربى، وروى لى كل شيء بالتفصيل فى خمس ساعات على جلستين، ثم مكالمات تليفونية أخرى، وفى الجلسة الأولى لبى طلبى له بالغناء، فأمسك عوده وغني:"أمانة عليك ياليل طول" وفى الجلسة الثانية غني"عنابى ياعنابي".

كان رأى محمد رشدى حاضرا فى ذهنى خلال الجلستين معه، ومنذ الجلسة الأولى جربت أن أسأله حول ربط تطور مراحله الفنية بالأحوال السياسية والثقافية التى عاشتها مصر، وكذلك البحث فى تكوينه الفكرى والثقافى لكنه كان يبتعد بالحديث، ويرى أنه لا أهمية لذلك.

نشرت حصيلتى معه على أربع حلقات، وحين أهديته المجلة كان سعيدا، وبقيت على اتصال به حتى وفاته يوم 15 يناير عام 1995، وبعد سنوات طويلة وفى عام 2011، اتصل بى ابنه السفير محمود كارم محمود، بخصوص مقال عن المجلس القومى لحقوق الإنسان وكان أمينه العام، وسألنى فى أول الكلام :"هل أنت سعيد الشحات الذى قابل والدى وكتب عنه ؟ فأجبت:" نعم" فقال:"كده نحن أصدقاء










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة