وزير التنمية المحلية: الإدارات الهندسية بؤرة الفساد فى المحليات بسبب العجز هل ينجح قانون التصالح فى مخالفات البناء فى الحفاظ على ما تبقى من الثروة العقارية فى مصر؟
المعركة ضد مخالفات البناء مستمرة منذ أن أصدر الرئيس السيسى توجيهاته على هامش افتتاح مشروع: "بشائر الخير3" فى الإسكندرية يوم 21 مايو الماضى ووقف تراخيص البناء لمدة 6 أشهر فى القاهرة والجيزة والإسكندرية وعواصم ومدن المحافظات الآخرى..المعركة ليست فقط ضد المخالفات ولكنها ضد فساد المحليات أيضا الذى فتح المجال لهذه المخالفات حتى اصبح فى مصر حاليا ما يزيد عن 2.5 مليون وحدة مخالفة منها حوالى 40% فى الإسكندرية فقط .. وفقا لدراسات رسمية سابقة.
ترجمة التوجيهات جاءت على الفور من الجهات المعنية وفى المقدمة وزارة الداخلية المعنية بتنفيذ القانون وأيضا النيابة العامة. يوم الاثنين الماضى أصدرت النيابة العامة بتوجيهات من المستشار حمادة الصاوى النائب العام أمر بالضبط والاحضار لعدد من مقاولى البناء بمحافظة الإسكندرية وذلك لقيامهم بالعديد من المخالفات وصلت لـ10 آلاف مخالفة.وكانت تحقيقات النيابة العامة قد شهدت إدانة لعدد 1420 مقاولا وقائم بعمل فى البناء بالمحافظة.وبالفعل تم ضبط عدد كبير منهم وعرضهم عليها لمباشرة التحقيقات.هذه المخالفات تم ارتكابها خلال أعوام 2018 و2019 و2020 وقد تم حصر جميع المقاولين الفعليين الذين قاموا بالبناء وليس “كواحيل البناء” الذين يوقعون على الأوراق فقط.
وخلال الأيام القليلة الماضية القت وزارة الداخلية القبض على أكثر من 300 شخص مخالف. وقالت الوزارة أن تلك الاجراءات تأتى لإنفاذ قرار تراخيص أعمال البناء، والتعامل الحاسم مع المخالفين واتخاذ الإجراءات القانونية حيالهم.
وتأتى تلك الإجراءات فى ضوء صدور قرار وزارة التنمية المحلية 24 مايو الماضى، بإيقاف إصدار تراخيص أعمال بناء المساكن الخاصة أو توسعتها أو تعليتها أو تعديلها أو تدعيمها، مع إيقاف أعمال البناء الجارى تنفيذها بمحافظات القاهرة الكبرى والإسكندرية وعواصم المحافظات والمدن الكبرى لمدة 6 أشهر لحين التأكد من توافر الاشتراطات البنائية والجراجات.
قضية مخالفات البناء تفاعل معها البرلمان حيث أكد اللواء محمود شعراوى وزير التنمية المحلية خلال حضوره اجتماع لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب برئاسة المهندس أحمد السجينى الثلاثاء الماضى أن قرار وقف تراخيص البناء لمدة 6 أشهر يهدف إلى مواجهة الفساد والتصدى للمخالفات التى انتشرت مؤخرًا فى عدد من المحافظات.
واعترف وزير التنمية المحلية ببؤرة الفساد فى المحليات بالإدارات الهندسية، بسبب العجز الشديد بها، وبعضها استعانت بموظفين وعاملين، مما فتح مجالا للفساد، مؤكدا انه يتم محاسبة أى عنصر فاسد أو مقصر، وهناك وقائع كشفتها الرقابة الإدارية، وهى أعداد ليست بسيطة، واتخذنا إجراءات كثيرة ضدها".
وكشف عن عقد جلسات مع رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى لمناقشة وضع الحاصلين على التراخيص قبل صدور هذا القرار وجارى متابعة المناقشات للوصول إلى قرار بشأنها.
وخلال الجلسة العامة للبرلمان، حذر الدكتور على عبد العال، رئيس مجلس النواب، من مخاطر عشوائية البناء دون ترخيص، لافتا إلى أن البناء بدون ترخيص خارج الكردون فى الأراضى الزراعية وغيرها مرفوض، مشيرا إلى إمكانية تحويل المدن والأحياء الجديدة إلى عشوائيات جديدة إذا لم يحدث التوازن المطلوب
وكان الرئيس السيسى وجه الحكومة بوقف أى أعمال بناء خاصة فى القاهرة والإسكندرية والجيزة خلال الفترة المقبلة بشكل كامل، بخلاف المشروعات القومية.
ووجه الرئيس، بضرورة القبض على المخالفين والمتعدين على أراضى الدولة، متابعا: "عايز أقول للكل دولة ومواطنين الكلام ده اتاخد وفيه خلاف بين النقل والمحافظة على أرض اتاخدت منهم، طيب بعد ما المحكمة تحكم لحد ما الأرض اتاخدت واتبنى عليها، المواطن كان واخدها حق انتفاع من الدولة وفضل يدفع لحد 2009 وبعدين عمل ورق وبقت أرضه".
وأضاف: لازم يبقى فيه سلطة قانون وكلنا نحترم القانون فيه 10 آلاف مخالفة يبقى فيه 10 آلاف إنسان تم القبض عليهم وكل الناس لازم تسمع، مسيبكش أبدًا، مش هنفضل نجرى ورا العشوائيات باقى عمرنا، لازم نوقف الموضوع ده.
واقع الحال يكشف أن الغالبية العظمى من المخالفات فى مصر قد حدثت عقب أحداث يناير والانفلات الأمنى فعلى سبيل المثال تكشف أرقام وزارة التنمية المحلية
ان عدد مخالفات البناء التى شهدتها محافظة الإسكندرية من شهر يناير 2011 وحتى ديسمبر 2019 بلغت حوالى 132 ألفا و193 مخالفة .فيما بلغ عدد المخالفات من يناير 2020 وحتى شهر مايو الجارى بلغت حوالى 1773 مخالفة .
فى حين كشفت الإحصائيات التى أصدرتها الإدارة المركزية لحماية الأراضى، التابعة لوزارة الزراعة العام الماضى، عن أن إجمالى عدد حالات التعديات بالبناء على الأراضى الزراعية خلال الفترة من 25 يناير 2011 حتى يوليو 2018 بلغت مليون و878 ألفًا حالة.
وكان النائب إسماعيل نصر الدين، عضو لجنة الإسكان بمجلس النواب، قد اوضح فى ديسمبر الماضى أن المبانى المخالفة موجودة فى 226 مدينة بمختلف المحافظات، من إجمالى 236 مدينة بمصر كلها، وبالتالى هناك 39% من الكتلة العمرانية يسكنها 50 مليون مواطن مخالف، ويبلغ حجم المخالفات على مستوى الجمهورية سواء تلك التى تم بنائها على أراضى زراعة أو مخالفات البناء بشكل عام يبلغ 2.8 مليون مبنى مخالف على مستوى الجمهورية، وعدد الأدوار المخالفة 396 ألفا و87 دورًا، و1.7 مليون وحدة مخالفة، وهذا يعنى أن عدد الوحدات المخالفة يقترب من 20 مليون وحدة مخالفة على مستوى الجمهورية، أى أن نصف الثروة العقارية فى مصر مخالفة". مؤكدا أن قانون التصالح فى مخالفات البناء رقم 17 لسنة 2019، من أبرز التشريعات التى تهدف للحفاظ على الثروة العقارية،
فيما يرى الدكتور حمدى عرفة أستاذ الإدارة المحلية أنه لا يوجد أى رؤية واضحة ومحددة من قبل بعض المسؤولين فى الإدارات المحلية فى 27 محافظة تجاه ملف البناء والعشوائيات متهما إياهم بعدم وجود استراتيجيات أو حل جذرى تجاه هذا الملف محملا إياهم المشاركة فى المسؤولية لزيادة العقارات المخالفة بطريقة غير مباشرة.
واقترح عرفة عدة استراتيجات تنفيذية لتطوير عمل الإدارات المحلية المحافظات والمديريات التابعة لها تجاه ملف البناء لعدم انهيار المبانى أو زيادة العقارات المخالفة فضلا على القضاء على العشوائيات منها، وجوب تعديل قانون البناء الموحد رقم 119 لسنة 2008 م البيروقراطى والذى يزيد من حدة العقارات المخالفة بطريقة غير مباشرة فضلا على أن القانون يؤدى إلى تدهور التخطيط العمرانى فى البلاد وهو ما لم يتم تعديله حتى الان لأسباب غير مفهومة وغير معلنة، واعادة هيكلة جهاز التفتيش على البناء التابع لوزارة الإسكان من الناحية المالية والإدارية من خلال مخاطبة الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة بذلك، واعادة التوصيف الوظيفى للعاملين به حيث لا يوجد اى فروع للجهاز فى المحافظات ويوجد به حاليا 70 موظف وتوصياته غير ملزمة وموظفية لم يتم منح صفة الضبطية القضائية لهم فضلا على عدم فعاليته تجاه مخالفات للبناء من اجمالى المخالفات
ويقدر الدكتور عرفه حجم المخالفات 3 ملايين و184 ألف عقار مخالف فى 27 محافظة بعد ثورة يناير فقط
ويقترح للخروج من الأزمة، تعديل قانون الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979م لوجود مواد مشتركة بين وزارة التنمية المحلية ووزارة الإسكان تتعلق بصفة مباشرة بمشكلة العشوائيات والبناء المخالف ولا بد من سرعة نقل جميع الإدارات الهندسية التابعة ل 184 مركز و92 حى و1211 وحدة محلية قروية و214 مدينة تتبع الإدارة المحلية إلى مديريات الإسكان المنتشرة فى المحافظات لأنها هى المختصة حيث أن عدد المهندسين فى تلك الإدارات لا يتعدى 8% والباقى هم من حملة دبلوات تجارة وصنايع ولابد من اهتمام المحافظين بمحدودى ومعدومى الدخل من حيث توفير المساكن لهم بأسعار رمزية مناسبة منعا وتجنبا لزيادة العشوائيات والبناء المخالف
ويرى أن قانون البناء الموحد به ثغرات عديده تؤدى إلى وجود فساد من جميع الاطراف سوء من بعض العاملين فى الإدارات الهندسية بالوحدات المحلية المختلفة هذا من جانب ومن بعض المواطنين الذين يعجزون على الحصول على تراخيص البناء المختلفة نظرا لصعوبة الاجراءات من جانب آخر وأن الحل يكمن فى تعديل قانون البناء الموحد رقم 119 لعام 2008 .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة