فى ذلك المشهد المعقد فى تركيبته تظهر كل الظنون، وتتداخل الآراء فى المعلومات، فيصير الصواب غير واضح، وتصير النوايا غير معلومة الاتجاه، ويصبح الضغط من كل اتجاه هو السائد، بحيث يستخدم كل طرف حججه ومنطقه، ولغته وبلاغته وأسانيده لإثبات وجهة نظره، فتتداخل السياسة مع ظروف الأمن، وتبقى الأمور كلها متشابهات، حتى تظهر الهداية من الله بفتح نور البصيرة على صاحب القرار، لينفذ أمرا كان مفعولا.
وما نقوله ينطبق بشكل كبير على المشهد الحالى، الذى تبرز فيه قضايا متنوعة ومتداخلة، بحيث يكون فيها أول أولوية مثل آخرها، وحيث يكون المسار الأوجب بالاهتمام، هو نفسه المسار الذى يجب تركه حتى حين، وحيث تظهر كل المعالم والمؤشرات لصناعة قرار بعينه، ولكن تنفيذه، يضر كل المسارات الاخرى، وبحيث تكون الفائدة من السير فى الطريق، أكثر ضررا من تركها، فتتداخل معاني الفائدة مع نتائج الضرر، حتى لو كان هناك دراسات متأنية ومدققة، لان ظروف ما نعيشه هو الواقع الحقيقى حتى الان.
ولكن من بين كل تلك الضبابيات، يبقى هناك مسارات محققة تحدث ضررا واقعيا على الارض، وتجعل المصرى فى ديروط بأسيوط، وفى شطورة بسوهاج، والجمالية بالقاهرة، يشعر بها وذلك لأن واقعية الضرر تمس الحياة اليومية، بحيث يكون المتضرر طفلا وعاجزا، غنيا وفقيرا، وبحيث يكون التدخل لتصحيح هذا المسار، أشبه بالسير فوق صفائح النيران، فالتقدم غير محسوب قد يضر، والتراجع غير المبرر قد لا يفيد، والبقاء فى آنية اللحظة قد لا ينفع، فتصبح الحلول كلها تشبه بعضها.
ويبقى حل واحد هو الذى يجب أن يوضع فى الحسبان، وهو عامل مصر وقيمتها التى دائما ما تخالف الظنون، فهي التى قامت فى 2011 وهي التي لم ترتض الإخوان بكل ما فيهم وطردتهم، وهي القادرة على تحقيق ما لا يمكن تسجيله فى بحوث كثيرة عّن الشخصية المصرية فى أعتى أجهزة المخابرات العالمية.
تلك المسارات المحققة والواقعية فى الضرر قد تشمل بنودا كثيرا من إرهاب وفساد وحدود ملتهبة، وإعلام إخوانى موجه، وأنظمة عربية وإسلامية وعالمية تستهدف الدولة وثوابتها، لكن يبقى الأهم فى تلك المسارات هدفان رئيسيان يبني عليهما كل شيء وهما "الغاز والمياه".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة