مشهد لم يكن يتخيله الطبيب البطل الدكتور محمود سامى، طبيب الحميات الذى فقد بصره أثناء عمله فى مستشفى العزل الصحى بمدينة بلطيم بكفر الشيخ، ووالده وزوجته، أن يعود لمنزله فاقداً للبصر، لتكون أول يوم يتواجد بمنزله وسط ترحاب وكلمات الثناء من أهالى قريته الذين توافدوا على المنزل للاطمئنان عليه مشيدين به، وهو يحمل نجله بين يديه، الذى لم يراه إلا مرة واحدة.
وأثناء حمله لطفله وهو يتحسس كل أجزاءه ويمسح على رأسه بيده، قال للحضور:"هو الواد ده حلو وشكله حلو وعينيه زرقا زى أبويا كده، ثم قبّله"، مضيفا: "كان نفسى أشوفه لكنى أراه ببصيرتى وليس ببصرى".
وقال الدكتور محمود سامى قنيبر، إنه تعرض لحالة مرضية، خلال علاجه مصابى فيروس كورونا بمستشفى العزل الصحى بمدينة بلطيم فى كفر الشيخ، وفقد بصره إثر ارتفاع ضغط الدم 8 ساعات متتالية، مما أدى إلى التأثير على عصب البصر، ومن خلالها فقد بصره، وتلقى العلاج فى المركز الطبى العالمي، لمدة 25 يوماً، كما أخذ 10جلسات أكسجين تحت ضغط، و6 جلسات فصل بلازما، وعندما وجد أن العلاج يمكن استكماله بالمنزل فضل العودة بمنزله لأنه يشعر بوجوده بمنزله، سترتفع حالته النفسية وسط أسرته وأهالى قريته.
وأضاف الطبيب البطل، لـ"اليوم السابع"، أن عدد من الأطباء أبلغوه أن نسبة استرداد بصره لا تتعدى 10%، وبالرغم من ذلك فهو متمسك بنسبة واحدة منهم، ويستكمل باقى علاجه فى المنزل، ويتابع بعد ذلك مع المركز الطبى العالمي، لاستكمال علاجه عبارة عن أقراص طبية عددها 40 قرصاً يومياً، خاصة بمضادات الالتهاب ومهدئات، ومسكنات، بجانب علاج الضغط والسكر، وسيجرى متابعة كل يوم سبت بالمركز الطبى العالمي، لحين التحسن أو البحث عن علاج فى الخارج فى حالة شعورنا بأن الطريق مسدود، لافتًا إلى أنه جرى مراسلة مراكز طبية كبيرة فى أمريكا وإسبانيا وألمانيا وهولندا، وينتظر اختيار أفضلهم لإجراء العلاج هناك.
وقال الطبيب البطل، إنه كان يشعر بآلم متعددة تجعله لا ينام إلا ساعتين من الساعة الرابعة فجراً للسادسة، ويبدأ يومه بالمركز الطبى بتناول طعام إفطاره ويبدأ العلاج بالجلسات فى مستشفى الجو، ثم يعود للمركز الطبى العالمى الغذاء، وبعدها يتابع العلاج، وأشاد بمجموعة الشباب والتمريض الذين يتابعونه ويلبسونه ملابسه، ويقرأون له الرسائل.
وأضاف قنيبر، أنه كان فى قمة السعادة لزيارة العميد ياسر مندوب فخامة الرئيس له بالمركز الطبى العالمي، وهديته رفعت من روحه المعنوية، وكلمه لواء من الرئاسة مؤكداً أنهم معه وتحت أمره، والرئيس مهتم به وأنه سيقابل الرئيس ليكرمه، ويهنئه بعودة بصره، واتصل به الدكتور مجدى يعقوب، ووعده باللقاء وأنه سيزوره عقب الانتهاء من الجائحة، ولكنه على تواصل مستمر معه هاتفياً لمتابعة حالته، وتلقى اتصالا من الدكتور محمد غنيم، وداعبه بقوله،" بيأكلوك كويس ولا لأ .. أوعى يضحكوا عليك"، مؤكداً أن الدكتور محمد غنيم، رفع روه المعنوية بقوله، "أنت فخر ورمز من رموز الطب فى مصر، مشيراً إلى أنه قال إنه يتابع الحالة أولاً بأول، وسيكون بجواره ولن يتخل عنه، ووعده بقضاء يوماً معه.
وكشف قنيبر عن قضاء يومه بمستشفى العزل ببلطيم أنه برغم الجهد الكبير لعلاج المرض، كان يلطف الأجواء على زملائه الأطباء برغم أنه كان متخوفاً فكنا نسمع الدكتور محمد الشحات أخصائى الكبد، لصوته الجميل فى القرآن والأدعية والأغانى ، وكان يقلد أصوات كبار القراء، والدكتور عبد الفتاح يجيد قراءة القرآن وكان يصلى بنا التراويح.
وقال البطل: "الحمد لله رزقت بزوجة صالحة ودفعت ثمن كثير وجاءت فترة لم يجد أحد بجواره وتساعده إلا هى فقط، فهى عطوفة كريمة مثقفة وأنه معتز بها طول الوقت، وأن نجله هو البطل يحيى الهلالى سلامة، وسيكون فارس مثل الفرسان لأن البطل تبدأ هبطولته بميلاده، وميلاده تأخر 11 سنة بدون علاجات، وكنا على وشك عمل حقن مجهرى رمضان قبل الماضى، ولكن أراد الله عز وجل فكانت المفاجأة الحمل" .
وأضاف البطل، أن زوجته اشترت شريط ووجدت نفسها حامل بعد شعورها بأن هناك حمل يجرى فى أحشائها، وأتت لى يوماً قائله امسك أعصابك، فقلت لها ربنا يسترك فقالت أننى حامل، مؤكدة أنها لم تكن مصدقة، وأنه كان يقول لها سيأتى ابننا بدون علاج، وربنا كبير وحكيم، مؤكداً أنه يوجه شكره للرئيس ورئيس الوزراء والمحافظ وكل المسئولين فى الدولة على اهتمامهم، ويشكر كل المسئولين والعاملين بالمركز الطبى العالمى وأطباء العزل والتمريض فهم الجنود الحقيقيين ورجال الأمن، وكل الأطباء والممرضين بمستشفى الصدر.
وقالت مروة ممدوح، زوجة البطل إن كل ما يقوله محمود عنها لا تستحقه، وهى حلوة فقط فى نظره، مؤكدة أن له كل الفضل لأنه علمها أشياء كثيرة، منها قراءة الأدب، الأديب نجيب محفوظ، وشكسبير، وطه حسين، وغيرهم من الأدباء العالميين، مؤكدة أن أصعب اللحظات التى مرت عليها عندما سألها زوجها عن ملامح طفلهما وهل ملامحه تغيرت؟، خاصة أنه لم يره منذ ثلاثة شهور تقريبا لانشغاله فى عمله بمستشفى العزل ببلطيم لعلاج مصابى كورونا، ورغم شعورها بالسعادة لعودة زوجها للمنزل لكن كانت تتمنى أن يرد إليه بصره وخاصة عندما حضن الدكتور محمود ابنه يحيى وبدأ يتحسس جسده ويضع يده على وجهه ليستشعر ملامحه وولولا يحيى كنت رافقته كل الأوقات بالمركز الطبى العالمى، ولم اتوجه له إلا مرة واحدة مؤكدة أن زوجها نعمة من الله، فهو صديق يناقشها فى كل شئ.
وقال سامى قنيبر، والد الطبيب، إن فخور بنجله، وأنه كان رافضاً توجهه للعزل ببلطيم لأن الفكرة التى كانت منتشرة أن من يذهب للعزل من الأطباء سيموت، ومع توعية الدولة للمواطنين عرف أن كل ما كان يتردد لا صحة له، متمنياً أن يعود له بصره ويعود لمستشفى العزل مرة أخرى .