سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 11 يونيو 1882.. مبعوث السلطان العثمانى يطلب من عرابى الاستقالة والسفر إلى الأستانة.. ودور مشبوه للبعثة فى تهيئة الظروف لاحتلال مصر

الخميس، 11 يونيو 2020 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 11 يونيو 1882.. مبعوث السلطان العثمانى يطلب من عرابى الاستقالة والسفر إلى الأستانة.. ودور مشبوه للبعثة فى تهيئة الظروف لاحتلال مصر أحمد عرابى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
واصل درويش باشا، مبعوث السلطان العثمانى عبد الحميد، لقاءاته فى القاهرة لتنفيذ خطة إخماد الثورة العرابية، وتوطيد سلطة الخديو توفيق، وقامت الخطة على أن يترك «عرابى» منصبه كوزير للحربية، ويسافر تركيا للإقامة فيها.. «راجع، ذات يوم - 10 يونيو 2020».
 
تكشف وقائع «درويش باشا» فى هذه البعثة التواطؤ التركى لصالح إنجلترا الذى انتهى باحتلال مصر.. يذكر الكاتب الصحفى داود بركات «رئيس تحرير الأهرام من 1899 إلى 1933» فى كتابه «الثورة العرابية بعد خمسين عاما» نقلا عن الإمام الشيخ محمد عبده أحد قيادات الثورة، أن درويش التقى بالخديو توفيق يوم 10 يونيو 1882، وأن الأوساط المصرية اتهمته بالرشوة وأن الخديو أعطاه خمسين ألف جنيه وحليا بمبلغ 28 ألفا جنيه، وقيل إن الإنجليز اشتروا منه مزرعة صغيرة فى بلغاريا بثمن فاحش ونفحوه بالهدايا الفاخرة، وأنه لم يفترمن ذلك الحين عن إعلان اشمئزازه من الضباط.
 
بعد لقاء «درويش» مع الخديو، اجتمع مع عرابى، ويذكر «بلنت» فى كتابه «التاريخ السرى لاحتلال إنجلترا لمصر» وقائع اللقاء.. كان «بلنت» كاتبا إنجليزيا مقربا من العرابين وصديقا لعرابى والشيخ محمد عبده، ويذكر أن عرابى ومحمود سامى البارودى ذهبا إلى درويش بناء على دعوته، وفى اللقاء خاطبهما بواسطة مترجم وبلهجة المصالحة بالرغم من أنه لم يقدم لهما القهوة أو السجائر، لكنه أجلسهما بجواره.. قال لهما: «إننا هنا جميعا إخوان لأننا أبناء السلطان، ويمكنكما أن تنظرا إلى وإلى هذه اللحية البيضاء باعتبارى أبا لكما، ثم أن قصدنا جميعا واحد وهو مقاومة الأجانب ومبارحة الأسطول الذى يهدد سلامة القطر المصرى «الأسطول الإنجليزى الموجود فى البحر المتوسط قبالة الإسكندرية»، ويجلب العار بوجوده هنا على السلطان، فالواجب علينا أن ننظر إلى هذه الغاية والتى تظهر غيرتنا لمولانا.. كل هذا يمكن عمله «وهنا وجه الخطاب إلى عرابى» تنزل عن سلطتك لى ولوفى الظاهر، وتسافر أنت إلى الأستانة لكى ترضى السلطان.
 
يؤكد «بلنت» أن عرابى أجاب بأنه مستعد لأن يستقيل، ولكن بما أن الحالة خطيرة والمسؤولية عظيمة فهو لايرضى بأن يؤدى نصف العمل، فإذا استقال فيجب أن تكون استقالة بالفعل والقول، ولكنه لن يستقيل إلا إذا تسلم خطابا تدون فيه إقالته، ثم أنه لن يكون مسؤولا عن الأشياء التى تعزى إليه والتى يعتبر نفسه بريئا منها، فقد سبق أن اتهم بارتكاب المظالم وانتهاب أموال الحكومة وما إلى ذلك، فهو لن يترك منصبه إلا إذا حصل على إقالة مكتوبة تتضمن تبرئته مما عزى إليه، ثم إنه يؤجل سفره إلى الأستانة إلى وقت تكون قد هدأت فيه الحالة، وعندئذ يذهب باعتباره أحد أفراد المسلمين ليقدم فروض الطاعة».
 
ينقل داود بركات قصة لها مغزى حدثت أثناء اللقاء، يقول: «اسمع درويش باشا الوزراء الوطنيين أنه فى حالة عصيانهم يستدعى الجيش التركى، وقال عند دخولهم عليه «أن محمود سامى دخل أمام زملائه الوزراء المستعفيين وسلم وانحنى، وأخذ يقدم زملاءه للمشير درويش، وكان المشير جالسا تجاه الشباك ينظر إلى القلعة فلم يتحرك، وإنما قال لمحمود سامى إن منظر القلعة من أجمل المناظر، ثم التفت إلى لبيب أفندى، وطلب منه أن يتم حكاية قتل محمد على للماليك، ولما أتم لبيب أفندى الحكاية، قال درويش لعرابى إن هذا الكلب الذى نجا إنما هو نجا بأعجوبة، فذهلوا لهذه المقابلة وخرجوا وهم بين أمرين، إما الخضوع للخديو وإما عصيان السلطان، وليس لهاتين الحالتين من حالة ثالثة، ولكن مذبحة الإسكندرية يوم 11 يونيو، مثل هذا اليوم، 1882 كانت تلك الحالة الثالثة التى لم تخطر على بال».
 
وقعت مذبحة 11 يونيو بمشاجرة بسيطة بين مالطى وعربجى مصرى فى الساعة الأولى بعد الظهر، حسبما يذكر «بلنت» مضيفا: «انتهت فى الساعة الخامسة وكان نتيجتها أن مائتى شخص قتلوا وقتل أيضا مائتا أوروبى، وأصيب قناصل بريطانيا واليونان وإيطاليا، ولم يهدأ الاضطراب إلا بعد وصول الجنود النظامية، وكان هذا الاضطراب أول حدث من نوعه بعد عام من الثورة فى مصر، وأحدث خبره الذى أرسل إلى أوربا بالتلغراف ضجة كبيرة وخاصة فى إنجلترا».
 
يتبنى «بلنت» وجهة نظر بأن هذه المذبحة جاءت بتدبير لم يكن درويش بعيدا عنه لإثبات أن عرابى غير قادر على حفظ النظام، وأنه لو كان نجح فى جعل عرابى يستقيل لكان ألغى تدبير هذا الاضطراب.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة