معتز بالله عبد الفتاح

الكورونا وتحدى العقل البشرى

السبت، 13 يونيو 2020 09:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
1 - اعتاد فلاسفة العلم على يفرقوا بين أربعة أنماط من التفكير فى أى مشكة أو قضية. 
2 - هناك أولا التفكير العلمى الذى يبحث فى السبب المباشر للأزمات والمشاكل. ومن هنا نجد العلماء يبحثون عن المريض زيرو ثم المريض واحد ثم المريض اثنين لمعرفة أين ظهر المرض أولا وما هى الملابسات التى جعلت هذا المريض يصاب بالمرض. ويسألون أسئلة من قبيل: خالط من؟ ماذا أكل؟ ماذا أشرب؟ ما هى التركيبة المناعية لجسده؟ هل سبق وأصيب بأمراض مشابهة؟ ثم يعكفون على تحليل دمه ومخرجات جسمه على أمل أن يعرفوا لماذا هو وغيره أصيبوا دون غيرهم؟ ثم يبدأون فى توسيع الدائرة فى خصائص المرض نفسه وكيفية انتشاره من مريض لآخر انتهاء ببروتوكلات العلاج والمصل المحتمل واللقاح المرجو. 
3 - هناك ثانيا التفكير الفلسفى الذى يرى أن الأمراض كما الحروب، كما الثورات كما فترات الكساد العظيم هى توازن أسمى فى الكون لا يترك مثقال ذرة من تقدم أو تخلف، من صحة أو مرض، من ثراء أو فقر، من قوة أو ضعف إلا لتعقب عليه طبيعة الحياة بما توازنه، فلا يكون نقص هنا أو إجحاف هناك إلا ابتغاء تكامل أسمى يجعل الكون لا ينفقت من سيطرة الطبيعة التى تعاقب كما تكافئ، تعطى الفرص وتمنعها، تحابى الإنسان بالخير، وتعاقبه بالشر، تحسن إليه بالاستمتاع وتنال منه بالعقوبات، إذن كورونا عند الفلاسفة هى ابتلاء عالمى أو عقوبة جماعية للبشر وفرصة عظيمة ومنحة مهولة لبقية الكائنات التى طالما عانت من افتئات الإنسان عليها. 
4 - هناك ثالثا التفكير الدينى الذى يربط كل ما يحدث للبشر بقدرة الخالق سبحانه وتعالى على توجيه البشر وابتلائهم كى يعودوا إليه، لا عبث فى الكون: «وكل شىء عنده بمقدرا»، وفى آية أخرى: «أحسبتم أن خلقناكم عبثا»، وفى ثالثة: «ما أصاب من مصيبة فى الأرض ولا فى أنفسكم إلا فى كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير»، إذن بالمدخل الدينى، هى دعوة إلهية لبنى البشر كى ينسوا حولهم وقوتهم وأن يلجأوا لحول الله وقوته لأنه «ليس لها من دون الله كاشفة». 
5 - وهناك رابعا التفكير الخرافى الذى يربط المصادفات بعضها البعض، ويجعل منها مسببات ترجع لوجود أمور لا يدركها إلا العالمون بها من المنجمين والمخرفين ومن يلفون لفهم ويؤمنون بكلامهم، فالمتنبئ الفلانى تنبأ بأن عام 2020 سيكون عام دمار العالم، والمنجم فلان الفلانى ربط تركيبة الكواكب ببعضها ببعض بأن كوكب بلوتو على خط واحد مع كوكب المشترى بما يعنى أن العام الحالى سيرى موتا وخرابا غير مسبوقين، ويضاف إلى هؤلاء أهل التآمر اللاإرادى الذى يرون أن الكون كتلة من المؤمرات التى يقوم فيها «مجلس إدارة العالم» بفعل ما يفعل حتى يموت كبار السن، أو حتى تسيطر الصين على العالم، أو لأن أمريكا تدمر الصين، أو لأن روسيا ستدمر الصين وأمريكا، أو لأن الصهيونية الماسونية العالمية غير راضية عن ترامب وتريد تدميره أو أن أى حد يدمر أى حد، وهنا نبحث فى التفاصيل الدقيقة للموضوع لنكتشف أنهم يحاولون أن يستخدموا المنهج العلمى بطريقة غير علمية، فيصعب تحديد ما الذى يريدونه تحديدا غير إثبات أن الحياة تدار من قبل قوى غير بريئة تريد بالعالم شرا. 
6 - لا مجال للمفاضلة من الناحية العملية بين هذه الطرائق، فالله موجود وقادر على كل شىء، وتوازن الحياة بين مخلوقاتها مسألة منطقية، والعقل البشرى لا بد أن يفكر فى علاج علمى مباشر لمشاكله، ولا محالة سيظل هناك من لا يستطيع استيعاب المناهج الثلاثة الأولى فسيلجأ للخرافة والمؤامرات غير المنطقية. 
7 - المهم أن نكون على علم بطريقة تفكيرنا. 
8 - هذا ما أمكن إيراده وتيسر إعداده وقدر الله لى قوله.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة